محطات طريق الثورة الحسينية

المسيرة الحسيني222ة

الحاج حسن عبد الامير الظالمي

إذا استثنينا الفترة التي  قضاها الحسين (عليه السلام) في المدينة المنورة بعد هلاك معاوية بن ابي سفيان ومطالبة الوالي الأموي الحسين (عليه السلام) بمبايعة يزيد وسفر الحسين (عليه السلام) هو وأهل بيته وإخوته من مدينة جده رسول الله (صلى الله عليه واله) قاصدا مكة المكرمة فلأنها فترة تحتاج الى بحث مطول، ولكننا في هذا المقال سوف نتابع محطات الثورة الحسينية من يوم 8 ذي الحجة 60هـ حتى مقتله (سلام الله عليه) في 10 من المحرم 61هـ.

 

خرج الإمام الحسين(عليه السلام) من مكة يوم الثلاثاء من ذي الحجة (يوم التروية) بعد ان حل إحرامه وجعلها عمرة مفردة قاصدا الكوفة(الفتوح: ابن اعثم: 5/120، الكامل: ابن الأثير: 3/276).
وعندما عزم على المغادرة قام في الناس خطيبا وقال في خطبته كلمته المشهورة (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة) (الإرشاد: الشيخ المفيد: 68)، وعند خروجه من مكة اعترضه واليها يحيى بن سعيد بن العاص ومعه جماعة وأرادوا ارجاعه لكنه أبى فتركوه(كشف الغمة: الاربلي: 2/241) وقد حمل الحسين معه نساءه وعياله مع من صحبه من الأنصار وبني هاشم وخرج من مكة ليلا، وقد تنكب الطريق العام الى العراق، وقد مرّ (عليه السلام) بالمناطق التالية:
مجمع النخلتين: وهما واديان للنخلة اليمانية والنخلة الشامية ويسمى بستان ابن عامر وهو أول منزل يخرج من مكة على الطريق(معجم البلدان: الحموي: 2/17، الحسين في طريقه الى الشهادة، علي الهاشمي: 6).
التنعيم: منزل على بعد 8 كم من مكة، وهو أحد المواقيت التي يحرم منها الحجاج للعمرة، وفيها لقي الحسين(عليه السلام) قافلة قادمة من اليمن تحمل البضائع ليزيد بن معاوية: فاستولى عليها وخيّر رعاياها بين الذهاب معه والعودة الى بلادهم (مرآة الحرمين: ابراهيم رفعت: 1/341، تاريخ الطبري: 5/385).
الصفاح: وهي منطقة بين حنين وانصاب الحرم على يمين الداخل الى مكة، ومعنى الصفاح: الأرض المجاورة لسفح الجبل، وفيها لقي الحسين(عليه السلام) الفرزدق الشاعر قادما من العراق فسأله عن خبر الناس فقال له: قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية ولم يحبّذ له المسير الى الكوفة(مقتل الحسين: المقرم: 357، مقال الخوارزمي: 221، مثير الأحزان، ابن نما: 42)، وتبعد الصفاح 28كم عن المسجد الحرام وتسمى حاليا في السعودية (نخل الشرايع).
ذات عرق: وهي الحد بين نجد وتهامة، وعرق: جبل مشرف على ذات عرق وهي من المنازل التي مرّ بها(عليه السلام) وتوقف فيها يوما او يومين، وفيها لقيه بشر بن غالب اخو الفرزدق الشاعر وكان قادما من العراق، وفيها التحق به عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر الطيار، وأمهما زينب بنت علي (عليه السلام) ارسلهما ابوهما لنصرة خالهما (عليه السلام).
وفي ذات عرق خف اليه ابو هرة وقال للإمام: يا ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما الذي اخرجك من حرم الله حرم جدك رسول الله (صلى الله عليه واله) فأجابه الحسين (عليه السلام) بكلام بيّن فيه اصراره على الخروج(مقتل الخوارزمي: 221، اللهوف في قتلى الطفوف، للسيد ابن طاووس: 30).
وادي العقيق: وهو واد ببطن الرمة يبعد عن مكة (48)ميلا ويقع غربي المدينة المنورة، وبدايته من جنوب حرة بني سليم على بعد (220)كم عنها، وينتهي شمال المدينة المنورة بنحو 28كم، وسماه بهذا الاسم تبع ملك اليمن(الحسين في طريقه الى الشهادة: 29، اللهوف: 30).

ثم مر الإمام (عليه السلام) بآبار ومياه لبعض العرب تقع في طريق الحجاج القادمين من مكة وهي على التوالي: غُمرة، وأم خرمان، ومسلح (جبل مسلح)، والأفيعية، ومعدن فزان، والعمق، والسليلية، ومغيثة المأوان، والنقرة، ولم تقع حوادث تذكر فيها(اللهوف: 29).
الحاجز (أبو الحاجر) من بطن الرمة: وهي منطقة تجمع حجاج البصرة والكوفة الى المدينة المنورة، وهو اليوم جنوب الرياض (الشبة بين الماضي والحاضر، محمد السعيدي: 129، الإرشاد: الشيخ المفيد: 71) بقرب قرية البعابث، وفيها كتب الحسين (عليه السلام) كتابا الى شيعته في الكوفة يعلمهم بقدومه اليها، ودفع الكتاب بيد قيس بن مسهر الصيداوي الذي قبض عليه ابن زياد حال وصوله الكوفة وقتله(البداية والنهاية: ابن الأثير: 1/168، فتوح البلدان: ابن اعثم الكوفي: 5/143).
ثم وصل ركب الحسين الى بعض مياه العرب، وهي مناهل في طريق الحجاج العراقيين، وهي (سميراء ـ توز ـ فيد (أوفايد)) وهي مدينة كبيرة ما تزال قائمة الى الآن، وتقع في منتصف الطريق بين الكوفة ومكة وتبعد عن الكوفة (109)فراسخ(الإرشاد: 71، الكامل في التاريخ: 3/277)
الاجفر: ثم وصل الإمام الحسين (عليه السلام) الى الاجفر (جمع جفر) وتبعد عن فيد (28)ميلا وفيها عين ماء (الحسين في طريقه الى الشهادة: 60).
الخزيمية: ثم وصل الركب الحسيني الى الخزيمية (نسبة الى خزيم بن حازم التميمي) قام قوم: بينه وبين الثعلبية (32)ميلا (معجم البلدان: الحموي: 3/37)، وقد أقام الإمام في الخزيمية يوما وليلة ليستريح من جهد الطريق، وقد خفت اليه أخته زينب (عليها السلام)، وقالت له: اني سمعت هاتفا يقول:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد     فمن يبكي على الشعراء بعدي
الى آخر الابيات، فقال لها الحسين(عليه السلام): «يا أختاه كل الذي قضي فهو كائن»(المناقب: ابن شهر اشوب: 4/95، فتوح البلدان: 5/122).
زرود: وسميت بهذا الاسم لأنها تقع في منطقة رملية تبلع الماء الذي يمطره السحاب، وتقع بين الثعلبية والخزيمية، قال ابن الكلبي: وفيها بركة وقصر وحوض وهو الآن موضع مشهور تمرً به قوافل العراقيين)( مقتل المقرم: 28، معجم البلدان: 3/139).
وفي هذه المنطقة مر به اسديان قد اكملا مناسك الحج وارادا الالتحاق بالحسين(عليه السلام) وبينما هما معه اذ اقبل رجل من جهة الكوفة، فسألاه عن خبر الكوفة فقال لهما: لم اخرج منها حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ورأيتهما يجران بهما في الأسواق، وكان مقتل مسلم بن عقيل(عليه السلام) يوم الأربعاء(9) ذي الحجة، وقد أخبر الأسديان الحسين(عليه السلام) بما قاله الرجل القادم.
وفي (زرود)، وفي أثناء إقامة الحسين (عليه السلام) فيها نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي، وكان عثماني الهوى، وقد حج بيت الله الحرام في تلك السنة، وكان يساير الحسين (عليه السلام)في طريقه ولا يحب ان ينزل معه، فبعث اليه الإمام رسولا يدعوه إليه فذعر زهير ولم يجب، فانكرت زوجته عليه ذلك وقالت له: سبحان الله: ايبعث اليك ابن بنت رسول الله ثم لا تأتيه! لو أتيته وسمعت كلامه، فانطلق زهير ولم يلبث ان عاد مسرعا ثم حوًل رحله الى رحل الحسين(مقتل الخوارزمي: 288، ارشاد المفيد: 66، الكامل في التاريخ: 4/17).
الثعلبية: وهي من منازل الحجاج بعد الشقوق وقبل الخزيمية، وقد وصل اليها قبل الظهر، فوضع رأسه فرقد فسمع هاتفا يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير بهم الى الجنة (وقيل ان الرؤيا في زبالة)، وقال ابو مخنف: ان الحسين(عليه السلام) لما وصل الى الثعلبية جاءه رجل نصراني وامه فأسلما على يديه(مقتل ابن مخنف: 45، بصائر الدرجات، الصفار: 3).
بطان: وتقع من مكة بعد الثعلبية ومنها الى الثعلبية (29)ميلا.
الشقوق: وتبعد عن بطان (22) ميلا وقد وصلها الإمام(عليه السلام) فرأى رجلا مقبلا من الكوفة فسأله عن اهل العراق فأخبره انهم مجتمعون عليه فقال(عليه السلام): الأمر لله يفعل ما يشاء وانشد بعض الأبيات(مناقب ابن شهر اشوب: 2/213).
زبالة: وبينها وبين الشقوق(21)ميلا (مقتل الخوارزمي: 1/223، مقتل المقرم: 210، ابن اعثم: 5/122)، وهي قرية عامرة فيها اسواق بين واقصة والثعلبية، وفيها حصن وجامع لبني غضرة من بني اسد وسميت زبالة: لزبلها الماء: أي ضبطها له(معجم البلدان: 3/129)، وفيها وافاه نبأ مقتل رسوله عبد الله بن يقطر ـ وهو اخوه في الرضاعة ـ وكان الإمام قد أرسله الى ابن زياد فقتله، وقد شق خبره على الإمام(عليه السلام) ويئس من الحياة وطلب من صحبه الانصراف فتفرق الناس عنه، ولم يبق معه الا خلص اصحابه الذين جاؤوا معه من مكة(ابن الأثير: 3/378، مقتل المقرم: 211).
بطن العقبة: وسار الحسين(عليه السلام) من زبالة حتى نزل بطن العقبة وفيها قال لأصحابه: ما أراني إلا مقتولا لأني رأيت في المنام كلابا تنهشني وأشدها علي كلب أبقع(تاريخ الطبري:6/226، مقتل المقرم: 212)، ومنطقة بطن العقبة تقع داخل الحدود العراقية الآن بمسافة 3كم من حدود السعودية.
واقصة: ثم وصل الركب الحسيني الى منقطة واقصة (واكصة) في الأراضي العراقية الآن.
شُراق: ثم وصل الإمام الحسين(عليه السلام) الى منطقة (شُراق)، وفيها ثلاث آبار ماء عذب، وقد وصل اليها الإمام وبات فيها وأمر فتيانه بالإكثار من الماء، وفيها جاءه الحر الرياحي بألف فارس، وكان قد بعثه ابن زياد من الكوفة ليحبس الحسين عن الرجوع الى المدينة اينما وجده ويقدم به الى الكوفة، وقد انحاز الإمام(عليه السلام) عندما رأى جيش الحر الى جبل (ذوحم) وهو جبل مثلث غير مرتفع يقع بالقرب من ناحية الشبكة الحالية، ويبعد عنها حوالي(6)كم، وبالقرب من الجبل عين ماء تسمى القطارة.
البيضة: وهي منطقة ماء بين واقصة والعذيب، وقد وصل اليها الإمام(عليه السلام) والحر يسايره، فخطب فيها الإمام بأصحابه واصحاب الحر وفيها عرفهم بنفسه وعرض عليهم كتب اهل الكوفة(الطبري: 5/403، ابن الأثير: 3/280، روضة الواعظين: الفتال النيسابوري: 180).
عذيب الهجانات: وهو الماء العذب بين القادسية والمغيثة، وكان مسلحة الفرس، قال الأستاذ كامل سلمان: ان العذيب هو الآن منطقة تعرف باسم بركة زبيرة وتبعد مسافة 15 كم عن مركز مدينة النجف، وقد انضم اليه فيها اربعة نفر على رواحلهم وهم: نافع بن هلال وعمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه ومجمع بن عبد الله العائذي، وقد اقبلوا من الكوفة لنصرة الحسين(عليه السلام) ودليلهم الطرماح بن عدي الطائي، فأراد الحر حبسهم وردهم الى الكوفة فصاح به الحسين(عليه السلام) وقال له: انما هؤلاء انصاري وأعواني فكف الحر عنهم والتحقوا بالحسين(عليه السلام).( انساب الاشراف: البلاذري: 3/172، مقتل المقرم: 220، الخوارزمي: 243 الإرشاد: 80)
قصر بني مقاتل: ثم أخذ الحسين (عليه السلام) يسير والحر يسايره حتى انتهى الى قصر بني مقاتل الذي ينسب الى مقاتل بن حسان التميمي، ويقع بين عين التمر والشام قرب القطقطانية (وهو قصر اخيضر الحالي) او بالقرب منه، وفيه دعا عبد الله بن الحر الجعفي لنصرته فرفض فتركه الحسين (عليه السلام)، وأمر فتيانه بالإكثار من الماء ثم غادره ليلا(فتوح البلدان: 5/129، مقتل الخوارزمي: 228).
قرى كربلاء (نينوى ـ الطف ـ الغاضرية): ثم أخذ الحسين يسير والحر يسايره ويحاول رده الى الكوفة والحسين(عليه السلام) يمتنع حتى انتهوا الى نينوى، قال زهير: سر بنا يا ابن رسول الله الى هذه القرية فإنها محصنة وهي على شاطئ الفرات، فعند ذلك دمعت عينا الحسين(عليه السلام) ونزل كربلاء وضرب ابنيته فيها وذلك يوم 2 محرم سنة 61هـ وفيها حدثت واقعة كربلاء(بحار الأنوار، المجلسي: 1/188، مقال المقرم: 288، اللهوف: 231، الخوارزمي: 256).

 

نشرت في مجلة الولاية العدد 75

 

مقالات ذات صله