الاعلام وتربية الطفل

children_technology_f

د. خليل المشايخي

يعد الإعلام جزء لا يتجزأ من الوسائل الفاعلة في تربية الطفل وتكوين قيمه، وتشكيل اتجاهاته وعقائده.. وقد وظف الإعلاميون الغربيون الإعلام لهذا الغرض بعد ان وجدوا انه السبيل الأمثل لتثقيف الطفل والترفيه عنه، لكن الإعلام العربي بعامة والعراقي بخاصة لم يطور من إمكانياته في هذا الصدد، لا تجد فرقا بين نتاج أدبي كتب قبل سنوات ونتاج أدبي كتب منذ أيام وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان القائمين على تحريرها انفصلوا عن واقع الحاجة لهذه الشريحة المهمة في المجتمع.
ولكن لا مناص من القول ان البرامج العربية المعدة للطفل سابقا كانت تحتوي على قدر كبير من الأمانة والصدق ومبادئ السلوك القويم والأخلاق الفاضلة، وكذلك نجد فيها الحث على حب الوالدين وطاعتهما ومن الروايات والقصص وما يتضمن الحديث عن الدين وبخاصة عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وكان الهدف وراء ذلك هو تنمية الضمير وتربيته تربية اخلاقية قويمة.
ولو وقفنا على محتوى المواد الاعلامية المقدمة للطفل اليوم لوجدنا انها ليست بمستوى الطموح، فضلا عن مواعيد تلك البرامج، اذ يجب ان تكون مدروسة ومناسبة تراعي اوقات الطفل وفق ما بينه علماء النفس والتربويون فهذه نقطة جوهرية في هذا الصدد.
لذا نرى انه من الواجب أن تشكل لجنة تربوية مختصة تأخذ على عاتقها مراجعة المواد الاعلامية المقدمة للطفل وأفكارها واسلوبها ولغتها، لكي يصل الى الطفل كل ما هو مفيد وممتع وسليم، من اجل أن يتربى الطفل على القيم السامية النبيلة ويوجه توجيها سليما صحيحا من خلال هذه البرامج.
ومن الضروري ان يعمل الاعلاميون على اعادة البرامج الهادفة الخاصة بالطفل في اوقات مناسبة لتتيح الفرصة للطفل بالاطلاع عليها مرة أخرى ليستفيد من معانيها وافكارها التي ربما تفوته في مشاهدته الاولى لتلك البرامج.
هذا ولا بد من تعاون بين البيت والمدرسة في تعليم الطفل وزيادة معرفته وتيسير برامج الدراسة عليه وتدريبه على الاستذكار وتلقي المعلومات ويعدُّ الإعلام من أبرز وانجع الوسائل التعليمية في هذا الصدد، وكذلك يحاول الإعلام سواء المرئي او المسموع أو المقروء امتاع الطفل والترفيه عنه وتسليته واشباع رغباته في الرؤية والاستماع.. ومن خلال الإعلام المرئي أو المسموع يمكن توجيه الطفل للسلوك الطيب وتعويده على الاخلاقيات الحميدة وتمثل القيم الإنسانية والسلوكية التي تجعل منه في المستقبل مواطنا صالحا دون اللجوء الى اسلوب الوعظ والإرشاد، ومن غير الإلحاح على الطفل بالنصح المباشر الممل.. ويساهم الإعلام المرئي والمسموع في تثقيف الطفل ثقافة واسعة تتلون وفق البرامج التي تقدم له بشكل فني يجمع بين المعرفة والمتعة والثقافة والتربية في المجالات المختلفة.
إن الطفل عادة ينتقي ما يستهويه وما يحب أن يراه او يستمع اليه وهذا بالنتيجة سيؤثر في توجيهه وتربيته، لاسيما المؤثرات الاعلامية المرئية كالتلفزيون الذي استطاع ان يستميل الاطفال أكثر من الإذاعات أو المجلات لارتباط الصوت بالصورة فيه، على الرغم من أن الإذاعة تمتلك ميزات تفتقدها أي وسيلة أخرى وأنها أكثر انتشارا بسبب كونها تمتد الى شرائح اجتماعية واسعة.
ولكن تجدر الاشارة الى أن الإعلام المسموع (الإذاعة) يعتمد كليا على الكلمة المنطوقة واللحن المعزوف، ولما كان الكلام المنطوق عبارة عن رموز صوتية لها دلالة ومعنى يتعلمها الطفل بادئ ذي بدء بالاتصال المباشر بالأشياء المحيطة به وبالتفاعل الواقعي مع أحداث عالمه، فهذا يعني ان الطفل يكتسب دلالة الكلمات ومعانيها من خلال خبرته الشخصية وسلوكه وهو يشارك مشاركة فاعلة ناشطة في الدنيا من حوله، ولا يمكن أن تكون للكلمة المنطوقة فاعلية لدى الطفل إلا إذا كانت في إطار تجاربه الواقعية.

 

نشرت في الولاية العدد75

مقالات ذات صله