الدلالة الصوتية للفعل(صرخ) ومشتقاته في القرآن الكريم

koraan

المقرئ احمد جاسم النجفي

الصريخ لغة: (هو المغيث والمستغيث، فهو من الاضداد وفي المثل: عَبدٌ صَريخهُ أمَةٌ، أي ناصره أذل منه) (1).
والاستصراخ الإغاثة، واستصرخ الإنسان إذا أتاه الصارخ، وهو الصوت يُعلِمُهُ بأمر حادث ليستعين به (2).
وقد استعمل القران الكريم جملة من الألفاظ، ثم اختار أصواتها بما يتناسب مع أصدائها، ليستوحي دلالاتها من حسن صياغتها، فكانت دالة بذاتها على ذاتها (3).
فالفزع، والشدة، والهدة، والاشتباك، والخصام، والعنف، دلائل ممتلئةٌ بالفزع الهائل والمناخ القاتل.
فلو وقفنا مثلاً على مادة(صرخ) في القران الكريم، والصرخة هي الصيحة الشديدة عند الفزع والصراخ الصوت الشديد(4)، لنلتمس من كثب وبعفوية بالغة: الاستغاثة بلا مغيث في قوله تعالى: (وهم يصطرخون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) (5). مما يوحي اليك بان الصراخ هنا قد بلغ ذروته والاضطراب قد تجاوز مداه، والصوت العالي الفظيع يصطدم بعضه ببعض، فلا اذن مصغية، ولا نجدة متوقعة، فقد وصل اليأس الى اقصاه والقنوط الى منتهاه، فبلغ الصراخ شدة اطباقه، وتراصف ايقاعه، من توالي صوت الصاد والطاء، وتقاطر الراء والخاء، والترنم بالواو والنون وكل هذه الأصوات قد مثلت لك رنة ذلك الصراخ المدوّي(6).
قال العلامة الطبرسي: (الاصطراخ الصياح والنداء بالاستغاثة افتعال من الصراخ قلبت التاء طاء لأجل الصاد الساكنة قبلها و إنما فعل ذلك لتعديل الحروف بحرف وسط بين حرفين يوافق الصاد في الاستعلاء و الإطباق و يوافق التاء في المخرج)(7).
ومنه الاصراخ وتعني الاغاثة، وتلبية الصارخ، ومنه قوله تعالى: (ما انا بمصرخكم وما انتم بمصرخيّ)(8)، وذكر استاذنا العلامة الدكتور محمد حسين علي الصغير أنها تعني البراءة المتناهية، والاحباط التام، والصوت المجلجل في الدفع، فلا يغني بعضهم عن بعض شيئاً، ولاينجي احدهم الاخر من عذاب الله، ولا يغيثه مما نزل به، فلا انقاذ ولا خلاص ولا صريخ من هذه الهوة، وتلك النازلة، فلا الشيطان بمغيثهم ولا هم بمغيثيه (9).
وجاءت دلالة (يستصرخ) بمعنى يطلب النجدة في فزع ومنه قوله تعالى: (فاذا الذي استنصره بالامس يستصرخه) (10)، أي يطلب النجدة وهو في حالة فزع شديدة، نتيجة الرعب والخوف الذي نزل به.
الهوامش:
1- لسان العرب 4/3.
2- ظ: المصدر نفسه 4/3.
3- ظ: الصوت اللغوي في القران، محمد حسين الصغير، ص 165.
4- ظ: لسان العرب 4/2.
5- سورة فاطر، الاية 37.
6- ظ: الصوت اللغوي في القران، ص 166.
7- مجمع البيان، الطبرسي 8/218.
8- سورة ابراهيم، الاية 22 .
9- ظ: الصوت اللغوي في القران، ص 166.
10- سورة القصص، الاية 18.

 

نشرت في الولاية العدد 77

مقالات ذات صله