مشروع تصحيح قراءة سورة الفاتحة.. خطوة رائدة على طريق الله

DSC04506

حيدر رحيم إسماعيل

نظراً لما تمثله سورة الفاتحة من أهمية في حياة المؤمنين، اذ يقرؤونها بين يدي ربهم في صلواتهم اليومية،  أقامت دار القرآن الكريم التابعة لقسم الشؤون الدينية في العتبة العلوية مشروع تعليم وتصحيح قراءة سورة الفاتحة المباركة للزائرين، إذ تعد العتبة العلوية أول من أسس وتبنى هذا المشروع النوعي الهادف، وذلك ضمن خططها الاستراتيجية لبناء ثقافة قرآنية في المجتمع، مغتنمة الحضور المليوني للزائرين عند أمير المؤمنين(عليه السلام) لجعل زيارتهم ذات أبعادٍ قرآنية.

 

شكّلت إدارة دار القرآن الكريم محطتين خاصتين بتعليم وتصحيح القراءة إضافة الى استنفار الكوادر التابعة لها خلال الزيارات المخصوصة لاستهداف أكبر شريحة ممكنة من المتعلمين.
وعن الأهداف المرجوة لهذا المشروع أوضح لنا رئيس قسم الشؤون الدينية الشيخ ستار الجيزاني قائلاً: «قسم الشؤون الدينية دائم الحرص على الاهتمام بجانب التعليم والتربية وكل ما يتعلق بالثقافة الإسلامية التي يمكن ان تساعد المكلف على إنجاز أعماله بشكل مبرئ للذمة ومنسجم مع القواعد الشرعية التي يفتي بها الفقهاء ومنها سورة الفاتحة المباركة والقرآن الكريم بشكل عام، لذا كان عمل دار القرآن الكريم في تعليم هذه السورة وغيرها منسجماً مع خطة القسم في نشر وتعليم كل ما يكون في معرض ابتلاء المؤمنين».
ومن جانبه أوضح مدير دار القران الكريم السيد عبد العزيز الموسوي أهمية المشروع قائلا: «نظراً لأهمية سورة الفاتحة في حياة الانسان المؤمن إذ لا بد من أن تُقرأ بصورة صحيحة في الصلاة حسب ما أفتى به الفقهاء، ولهذا آثار شرعية في الحج وفي الكثير من الواجبات المرتبطة بها.
وحرصاً على صحة هذه الأعمال قامت دار القرآن الكريم بإنشاء مراكز لتعليم هذه السورة المباركة والسور التي يمكن أن تكون في معرض ابتلاء المكلف, وقد تمت المباشرة بذلك المشروع في عيد الغدير الاغر من عام 1433 بإشراف وحدة التعليم القرآني وبتنفيذ من كوادر وحدة المحافل القرآنية، وقد لاقى المشروع صداه الواسع بين الزائرين إذ كان التفاعل معه مميزاً عكس بدوره حجم الحاجة للثقافة القرآنية وتعليمها، مما حفّزنا على المواظبة والتنظيم والتفكير بجدية في تطوير هذا المشروع وبثه الى أكبر شريحة ممكنة من الزائرين، وقد تم طبع(كوبون) مخصص للتصحيح ومصمم بشكل أنيق يحتوي على سورة الفاتحة ومساحة للملاحظات المتعلقة بالقراءة وبعض الروايات التي تختص بفضل قراءة سورة الفاتحة والبسملة، وتم تطوير هذا الكوبون ليشتمل على أحرف الهجاء وصور تعليمية لبعض مخارج الحروف التي يكون الخطأ فيها وارداً بكثرة كمخرج حرفي الضاد والظاء ومخرج حرفي الذال والثاء.

DSC04433

آلية العمل اليومي:
وعن آلية العمل اليومي الخاصة بمشروع تصحيح قراءة سورة الفاتحة، تحدث المسؤول التنفيذي للمشروع الأستاذ عبد الهادي حسن مسؤول وحدة المحافل القرآنية في دار القرآن الكريم قائلاً: لدينا نقطة ثابتة في الحجرة الخاصة بمرقد آية الله العظمى السيد أبي القاسم الخوئي(قدس سره)، ويبدأ العمل بتسجيل اسم الزائر الذي يودّ تصحيح قراءته في سجل خاص يتضمّن الاسم والعمر والدولة كتوثيق وكمرجع دقيق لإحصائيات ونسب الزائرين الذين يجيدون القراءة بصورة صحيحة، ومن ثم نستمع الى قراءته لسورة الفاتحة، وإذا سمح الوقت نطلب منه قراءة بعض الألفاظ المهمة في الصلاة كتكبيرة الإحرام وغيرها بالإضافة إلى بعض قصار السور، وفي أثناء القراءة وعند ملاحظتنا لبعض الاخطاء فيها يتم تدوين الكلمات التي وقع فيها الغلط في صفحة الملاحظات داخل الكوبون المخصص للتصحيح، إضافة إلى تعليمه اللفظ الصحيح، فضلا عن إهداء بعض الهدايا العينية والثقافية للزائر كشيء تحفيزي وتوجيهي في الوقت نفسه.
وقد قررت دار القرآن الكريم نصب محطة جديدة في مرقد الشيخ الأردبيلي(قدس سره) لكونه محل توافد لمعظم الزائرين الكرام وله خصوصية مميزة إذ يقع على بُعد خطوات من ضريح أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقد تم افتتاح هذه المحطة بعد ان لمسنا الإقبال المتزايد والتفاعل المتميز في المحطة الأولى لتعم الفائدة المرجوة».

DSC04382

استنفار تام وتشكيل لجان مختصة:
اغتنمت دار القرآن الكريم ذلك الحضور المهيب للزائرين خلال الزيارات المخصوصة للرقي بأداء هذا المشروع المبارك ليكون حاضراً بقوة ضمن جملة من النشاطات التوجيهية والتوعوية التي هي جزء لا يتجزأ من خطط قسم الشؤون الدينية في العتبة العلوية المقدسة، وفي هذا الصدد تحدث مسؤول اللجنة الإعلامية للمشاريع القرآنية خلال الزيارات المخصوصة الأستاذ حيدر رحيم قائلاً: «قبل أكثر من شهرين من كل زيارة مخصوصة -كزيارة الاربعين وزيارة وفاة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وعيد الغدير وغيرها- يتم تشكيل عدد من اللجان لإقامة المشروع القرآني خلال تلك الزيارة، إذ يتم تشكيل عدد من اللجان لتوزيع الأعمال المتعلقة به على عدد من المنتسبين، واللجان هي: اللجنة الادارية وتضم جميع مسؤولي وحدات دار القران الكريم ويقع على عاتقها كتابة دراسة المشروع القراني خلال الزيارة بجميع تفاصيله من حيث عدد أيام العمل واماكن محطات التصحيح وتوزيع المنتسبين عليها وغير ذلك من التفاصيل، وبعد كتابة الدراسة والموافقة عليها يتم حل هذه اللجنة لتشكل اللجان التنفيذية، وهي اللجنة الإعلامية ولجنة المتابعة ولجنة التصحيح.
فيقع على عاتق اللجنة الإعلامية تغطية فعاليات التصحيح وزيارة المحطات الخاصة بالمشروع بشكل يومي لتوثيق العمل واللقاء بالزائرين الكرام والاستماع الى ردود أفعالهم ومقترحاتهم لتطوير المشروع، وتعمل على رفع التقارير الخبرية على الموقع الخاص بدار القرآن الكريم والوسائل الإعلامية التواصلية، ويتم تزويد الاخوة في شعبة الاخبار التابعة لقسم الإعلام في العتبة المقدسة بتلك المواد ليتسنى لهم نشر هذا الحدث القرآني المهم.
أما لجنة المتابعة فتعمل على تهيئة مستلزمات محطات التصحيح كافة وتسهيل عمل تلك المحطات وتجهيزها بالكوبونات والهدايا العينية والتثقيفية التي عادة ما تكون بكميات كبيرة، أما لجنة التصحيح فمؤلفة من جميع منتسبي وحدات الدار، إذ يتم تنظيمهم وتوزيعهم في المحطات الخاصة بالمشروع على وجبتين، الاولى صباحية والأخرى مسائية.

DSC04424

فيلم تعليمي خاص بالمشروع:
بالتعاون والتنسيق مع كوادر شعبة الفضائية التابعة لقسم الإعلام في العتبة العلوية، أنتجت دار القرآن الكريم فيلما تعليميا لتصحيح قراءة سورة الفاتحة، وقد لعب دوراً مهما في تحقيق أهداف المشروع، وعن هذا الفيلم تحدث عضو المشروع القرآني الاستاذ محمد خالد قائلاً: « بالتعاون مع كادر شعبة الفضائية التابعة لقسم الإعلام في العتبة العلوية تم الانتهاء من تصوير وإنتاج فيلم تعليمي تم تصويره في الصحن العلوي المطهر يحاكي الكيفية المتبعة التي تنتهجها إدارة المشروع في عملية التصحيح، ويتضمن الفيلم عرضا مفصلا للكيفية الصحيحة للفظ تكبيرة الإحرام وقراءة سورة الفاتحة وسورة الإخلاص، وتم طبع 20 ألف نسخة من هذا الفيلم كوجبة أولى خلال متطلبات المشروع في زيارة الاربعين من هذا العام».

DSC04461

 

ورش عمل تطبيقية للمشاركين:
ورغبةً منها في تطوير الكوادر العاملة في المشروع، عقدت دار القرآن الكريم ورشاً تعليمية قبل بدء التنفيذ في كل زيارة مخصوصة وتقديم آخر التوصيات والاقتراحات الخاصة بالعمل التنفيذي، وعن هذه الورش تحدّث الاستاذ امير الكعبي المحاضر في الورش قائلاً: «ان الهدف من إقامة هذه الورش التعليمية التطبيقية هو تطوير الجانب التعليمي والإداري الخاص بمحطات التصحيح الخاصة بالدار، ويتمّ خلال الورشة وتقديم وبيان عدة مسائل فقهية الغاية منها إبراز وتدعيم الجانب الفقهي لدى الزائر من قبيل إطلاعه على الفتاوى الخاصة بوجوب القراءة الصحيحة لسورة الفاتحة وللسور القصار في الصلاة التي من شأنها أن تكون محفّزاً لهم في الجانب التعليمي.
ويتم التركيز أيضا على بيان الطرق الصحيحة لاستخدام الكوبون المخصص للتصحيح الذي سيكون بدوره كفيلاً بإيصال القراءة الصحيحة بصورة جيدة للزائر الكريم، فضلا عن مناقشة وحل أبرز المعوقات التي مرّت بها عمليات التصحيح في العام الماضي وعرض أبرز المقترحات الخاصة بالجانب التطويري من قبل المشاركين».

DSC04464

المشروع خلال الزيارات المخصوصة:
في عيد الغدير الاغر نصبت دار القرآن الكريم في العتبة العلوية محطتين للتصحيح داخل الصحن العلوي المطهر احداهما تقع بين مقبرتي الشيخ النائيني والسيد الخوئي شارك فيها(14) منتسباً من دار القرآن الكريم للوجبتين الصباحية والمسائية، واستمرت الحملة (12) ساعة ابتداء من الساعة الثامنة صباحاً وانتهاء بالساعة الثامنة مساءً، وقد شهدت تفاعلا كبيراً من الزائرين، إذ وصل عددهم الى ما يقارب (1000) زائر مستفيد.
وفي زيارة الأربعين، يبرز العمل ليكون أكثر فاعلية لتوافد الزائرين بكثرة على حرم أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) لذا فان الوقت المخصص والاستعدادات والتحضيرات لتنفيذ المشروع تكون أكبر مقارنة بالزيارات المخصوصة الأخرى، لذا فقد عقدت دار القرآن الكريم العديد من الاجتماعات المكثّفة لإعداد خطة متكاملة يتوزع العمل من خلالها على أربع لجان باشتراك 24منتسباً من دار القرآن الكريم بالإضافة الى عدد من الأساتذة والقرّاء الذين التحقوا بالمشروع تبرعا، وقد تواصل العمل في عملية تصحيح قراءة الفاتحة للزوار لمدة ثمانية أيام إبتداءً من العاشر من شهر صفر الى 17 منه لمدة 12 ساعة في اليوم .
وقد توزعت محطات التصحيح على أربعة أماكن رئيسة: محطة في الصحن العلوي المطهر, ومحطة في حي الأنصار قرب المرآب الجنوبي، ومحطة في حي الحسين على شارع النجف- كربلاء، بالإضافة إلى المحطة الرئيسة في موكب ومضيف العتبة العلوية المقدسة في طريق(يا حسين)،
وخلال زيارة الأربعين من هذا العام، ونظرا لتزايد أعداد الزائرين، اقتضت الضرورة زيادة عدد المحطات الخاصة بالتصحيح لتصل الى ثماني محطات، أربعة منها تابعة للعتبة العلوية المقدسة وأربعة تم افتتاحها في المداخل الرئيسة في محافظة النجف الأشرف بالتنسيق مع أصحاب المواكب الحسينية الذين أداروها بأنفسهم بالتنسيق مع الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة، أما في مناسبة وفاة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) فقد باشرت الكوادر العاملة في دار القرآن الكريم بنصب أربع محطات خاصة بالتصحيح، اثنتين منها داخل الصحن العلوي المطهر اثنتين خارجه على طريق الوافدين الى العتبة العلوية، الاولى قرب مجسرات ثورة العشرين والأخرى قرب مرآب النجف الداخلي، واستمر العمل فيها لمدة يومين.

 

نشرت في الولاية العدد 77

مقالات ذات صله