داء السكري.. تعريفه وعلاجه

diabetes

اسراء محمد جواد

يعدّ مرض السكري من الأمراض الأكثر شيوعا بين اوساط المجتمع، ويصيب هذا المرض الناس بمختلف الأعمار والأجناس، وقد حير هذا المرض العلماء والأطباء في مختلف العصور منذ اكتشافه حتى الآن.
وما وصل اليه العلم الحديث الآن هو نتاج لعمل دؤوب قام به الكثير من العلماء والأطباء لايصال العلاج الكفيل بالقضاء على هذا المرض نهائيا حتى ينعم المصاب به بحياة طبيعية.

 

تشير البحوث والدراسات الحديثة الى ان داء السكري يعد الثالث في قائمة الامراض التي تصيب البشر بعد أمراض السرطان وأمراض القلب التي لاتزال تشغل العلماء والباحثين لإيجاد الطرق الكفيلة بالسيطرة عليها ومعالجتها، وهو ينتج عن قلة افراز هورمون (الأنسولين) او عدمه الى مجرى الدم بسبب فقدان غدة البنكرياس المقدرة على انتاج (الانسولين) المطلوب في العمليات الحيوية.

اكتشاف علاج المرض:
في عام 1921م احرز (فردريك كرانتبانتنج) – المعيد في قسم الفسيلوجيا والتشريح في المدرسة الطبية في غرب اونتارو بكندا- اكبر انتصار في عالم الطب، إذ عمد (فردريك) الى استخدام خلاصة نقية من جُزُر(لنكرهان) – وهي غدد موجودة في البنكرياس تفرز مادة الانسولين- لاستعمالها في معالجة المصابين بداء السكري.
وتمت المباشرة بإجراء أول تجربة له عام 1921م إذ ربطت قناة البنكرياس في احد الكلاب واستؤصلت جزر لنكرهان منه بعد شهرين، كما استأصل جميع البنكرياس من كلب آخر، فاصيب بسبب ذلك بداء السكري وظهرت عليه علامات المرض الشديدة، وسرعان ما تم الفتح الطبي بعد حقنه بمستخلص جزر لنكرهان التي حُضّرت من الكلب الأول، اذ استعاد هذا الحيوان عافيته، وقد كان سرور (فردريك) عظيما عندما انقذ حياة صديقه الدكتور (جلشرست) بعقاره الجديد الذي اطلق عليه اسم (آيلتين) وعرف بعد ذلك باسم (الانسولين) ـ ولم يمض سوى سنة واحدة حتى عمّ استخدام (الانسولين) انحاء العالم كافة ورُشح (فردريك) لنيل جائزة نوبل عام 1922م التي اقتسم قيمتها مع مساعده (بست) واستمر استخدام العلاج لمدة 50 عاما.

تطور الاكتشافات:
تشير الدلائل إلى أن الباحثين على وشك تحقيق انتصار كبير في حربهم ضد داء السكري، فقد توصلت البحوث في جامعة (روكفلر) في نيويورك إلى إيجاد طريقة كيمياوية بسيطة بإمكانها ضبط دخول(الأنسولين) إلى الجسم وجاء هذا الاكتشاف تتويجا لسلسلة الأبحاث التي تهدف الى ايجاد طرف افضل في تزويد مرض السكري بهرمون (الأنسولين) ويرى الدكتور (انصوانسيرامي) رئيس مختبر الكيمياء الحيوية في جامعة (روكفلر) ان الحقن بالأنسولين مجرد وسيلة واهنة لتقليد وظيفة البنكرياس في إفراز (الأنسولين) فرغم العلاج بهذا الهرمون نرى الملايين من مرضى السكري يسقطون فريسة امراض القلب والكليتين وضعف البصر وحتى العمى، وبات من المؤكّد أنّ المضاعفات الناتجة عن الاصابة بالمرض تعود إلى عجز حُقن (الأنسولين) عن ضبط سكر العنب (الكلوكوز) ضمن حدوده الضيقة في الجسم ـ اذ انّ مستويات السكر في الدم تتغيّر في الدم كثيراً إلى درجة لا تتيح توقيت الحقن تبعا لحاجة الجسم لـ(لأنسولين).

أجهزة جديدة لضخ (الأنسولين):
لقد تم مؤخرا تقدم صناعة بعض الأجهزة المحمولة التي تعمل بقوة البطاريات يلبسها المصابون بداء السكري، وتقوم هذه الأجهزة بقياس جرعات الانسولين اللازمة للجسم ثم ضخّها إليه، أما التطور الأكثر أهمية فهو ما أعلنه الدكتور (لول لاسي) الاحصائي في جامعة واشنطن عن محاولاته لإدخال بعض الخلايا الحيّة من البنكرياس وزرعها في جسم الإنسان بعد ان نجح في زرعها في أجسام الفئران، وذلك لانتاج وافراز(الانسولين) الذي يحتاجه الجسم، وهناك محاولات تبشر بمستقبل زاهر للقضاء على داء السكري عن طريق الجينات، إذ تمّ نقل القدرة على افراز الانسولين الى الجراثيم بواسطة زرع جينات بشرية في الجراثيم نفسها، ومن ثم استخلاص(انسولين) بشري من هذه الجراثيم بدلا من(الانسولين) الحيواني الذي قد يؤذي بعض المرضى.
أما المحاولات الأكثر تفاؤلاً فهي عمليات إنتاج لقاح يعطي مناعة كافية ضد داء السكري، إذ نشرت مجلة (لانسيت) الطبية الواسعة الانتشار وتناقلته المجلات والصحف عن توصل الباحث العراقي الدكتور (عمر فخري) وعدد من زملائه الى طريقة معالجة جديدة لمرض السكري بواسطة الرجة الكهربائية ECT وقد تم معالجة ثلاثة مرضى بهذه الطريقة حيث اخضع كل منهم الى جلستين من الرج الكهربائي، وكانت النتيجة أن شفي احدهما شفاء تاما وظهر بعض التحسن على المريض الثاني بينما لم يتعافَ المريض الثالث، وبعد الاستقصاء عن تاريخ المحلات الثلاثة تبيّن أنّ المريض الأول اصيب بالسكري قبل ثلاث سنوات فقط، بينما كانت اصابة الثاني قد تجاوزت عشر سنوات تقريبا، في حين انّ المريض الثالث قد ورث الاصابة عن ذويه بالوراثة.

طرق الوقاية من المرض:

ان الأعراض المحتملة لهذا المرض فهي: الظمأ الشديد والضعف وكثرة التبوّل، وتتركّز طرق الوقاية والعلاج بتنظيم الغذاء وممارسة المجهودات اليومية واستعمال (الانسولين).
وقد لوحظ أنّ تناول الغذاء الذي يحتوي على المواد النشوية قد يعرض من لديهم الاستعداد للإصابة بالمرض، وظهر أنّ الأشخاص البدينين هم أكثر عرضة للإصابة بداء السكري، وقد دلّت بعض الإحصائيات أن 78% من الرجال و 83% من النساء كانوا يشكون البدانة قبل إصابتهم بداء السكري، وتبيّن أنّ الذين يبذلون جهدا بدنيا في اعمالهم اليدوية اقلّ عرضة للإصابة بالمرض من الخاملين، وأنّ إصابة النساء المتزوّجات هو ضعف نسبة إصابة النساء غير المتزوجات.
أما إمكانية انتقال المرض بالوراثة فثابت منذ القدم، إذ ظهر ان 50 % من المرضى الذين لا تقلّ أعمارهم عن 20 سنة قد ورثوا الإصابة من آبائهم، وإنّ نصف عدد الأبناء يصابون وهم في سن مبكرة عندما يكون كلا الوالدين مصاباً بالمرض.
وهناك حالات كثيرة يمكن علاجها بتنظيم الغذاء فقط وبخاصة عند تشخيص المرض مبكرا، وانّ تنظيم الغذاء يجب أن يعتمد على عمر المريض ووزنه ومقدار المجهودات اليومية التي يقوم بها، اما (الانسولين) فلا يمكن الاستغناء عنه في كثير من الحالات، وتتوقف الكمية اللازمة منه على تقدّم الاصابة ونوع(الأنسولين) المستعمل وأنواعه وكمية الغذاء الذي يتناوله المريض.

 

نشرت في الولاية العدد 77

 

 

مقالات ذات صله