رواق الحرم الداخلي وابوابه

11(110)

د. صلاح الفرطوسي

يحيط بالروضة الحيدرية المطهرة رواق من جهاتها الأربع ، وقد اضيفت اليه الغرف الواقعة في الجهة الغربية من الرواق والساباط بالإضافة الى مسجد الرأس وجزء من تكية البكتاشية في الجانب الغربي منه بسبب اعداد الزائرين الهائلة التي تؤم الحرم العلوي المقدس.

 

كانت ارضية الرواق وجدرانه – الى ارتفاع مترين ونصف- معبدة بصفائح من الرخام الأبيض جُلب من إحدى نواحي النجف التي تعرف باسم مظلوم، وفي أوائل الربع الأخير من القرن الرابع عشر الهجري ابدل هذا الصخر بالمرمر اليزدي، كما ذكر الشيخ محمد حسين حرز الدين في كتابه تاريخ النجف الاشرف (1/423 ـ 424) ونقل الدكتور حسن الحكيم في كتابه المفصل (2/73 ـ 75) عن مصادره انه في سنة 1192هـ/1778م (بذل المعمار باشي احد رجال حاشية الملك القاجاري ناصر الدين شاه تمريد الأروقة الثلاثة وضبط تاريخه بالحساب الابجدي: صرح ممرد من قوارير).
وأفاد السيد جعفر بحر العلوم في تحفته (1/276 ـ 277) انه في سنة 1284هـ/1867م أنفق التاجر حمزة التبريزي ثلاثة آلاف تومان في تزجيج الرواق الشرقي للحضرة الشريفة، ولكن الشيخ محمداً الكوفي ذكر في نزهة الغري 2/203 ان تاريخ تزجيج حمزة هو سنة 1285هـ/1868م.
أما الأروقة الثلاثة الأخر فقد زججها وزينها الحاج ابو القاسم البوشهري واخوه الحاج علي اكبر البوشهري وبدأ العمل فيها سنة 1307هـ/1890م واكتمل سنة 1309هـ/1892م.
وأفاد الدكتور حسن الحكيم في مفصله(2/74) أنه بعد ستين عاما تم قلع الزجاج من المنطقة الواقعة بين البابين وأعيد في سنة 1369هـ/1950م.
وذكرت الدكتورة سعاد ماهر في الصحيفة 169 من كتابها (مشهد الامام علي في النجف) ان الأروقة (.. مغطاة بأقباء متقاطعة يتوسط كل رواق من الأروقة قبة منحلة تنتهي عند مركزها بشكل ثمانية مكونا نافذة مغطاة بخشب خرط بقصد الإضاءة والتهوية لكل رواق).
وذكر الشيخ محمد حسين حرز الدين في كتابه تاريخ النجف الاشرف(1/423) انه أدرك الزخارف القديمة قبل تغييرها وادرك قلعها وتبديلها بعد ان تبرع الشاه محمد رضا بتزجيج الروضة والرواق، الذي جاء آية من آيات فن التزجيج الجميل الذي لا يوجد له مثيل في أي مكان في العالم، وحقا إنها آيات من الفن الإٍسلامي الرفيع الذي يحار القلم في وصفها، بل إن المسلم حينما يدخل الى الروضة لغرض الزيارة والتأمل تأخذه الدهشة ويصاب بالذهول من ذلك الثراء الفني الذي يحتل كل زاوية من زواياها في تناغم يبهر الأبصار والعقول، ومن عظمة الثاوي بها كيف استطاعت تربتها احتواءه وهو بكل ذلك المجد والجلال والعظمة والشموخ، فهنيئا لمحبيه رمزهم الخالد الذي جسد عظمة الإسلام في عدله وتسامحه وحق الآخر فيه.
واشار الشيخ محمد حسين باشا الى الاصلاحات التي قامت بها وزارة الاوقاف العراقية في السنوات ، 1358هـ ــ1371هـ/1939م ــ 1952م للرواق، وشملت اصلاح المتضرر من الزخرف الزجاجي، وتبديل بعض المرايا، وترميم الشقوق وغيرها في سقوف الأروقة، وما زالت الرعاية مستمرة لهذه الروضة، وسيبقى الإبداع الفني يواكبها في كل الأزمنة.
ابواب الحرم الداخلية:
كان الدخول الى الروضة الطاهرة من خلال بابين من فضة يقعان في منتصف الجهة الشرقية للرواق في مقابل الباب الذي يتوسط الإيوان الذهبي: الباب الذي على يمين الداخل الى الروضة تبرع به لطف علي خان الإيراني في عهد السلطان العثماني عبد العزيز ونصب سنة 1283هـ/1866م، والباب الذي يقع على يسار الداخل الى الروضة الذي تبرع به السلطان ناصر الدين شاه القاجاري عند قدومه الى النجف الاشرف وتشرفه بزيارة الإمام(عليه السلام) ونصب في سنة 1287هـ/1870م وقد كتب اسمه في ظهر الباب، وفيها ايضا بابان آخران يقعان في جهة الرواق الشمالية، وباب مشبّك في جهته الجنوبية خصص مؤخرا لدخول النساء.
وكانت للروضة مداخل من جهاتها الأربع أشار الشيخ محمد حسين حرز الدين في كتابه تاريخ النجف الاشرف(1/426 ـ 429) الى وجودها قديما، وقد اغلق المدخل الغربي وكان فيه بابان فضيان وخلفهما شباك ثابت كبير من الفولاذ المغلف بالنحاس الأصفر، وقد نقلا في سنة 1366هـ/1974م الى الجهة الشمالية ووضعا مكان باب نحاسي مشبك كبير كان في تلك الجهة نقل الى الخزانة مع الاثريات، وقلع الشباك النحاسي الذي كان في الجهة الغربية ووضع في الخزانة ايضا، ووضعت مكانه قطعة من شباك فضي قديم كان على القبر الشريف، وكان في شمال الروضة باب أدركه الشيخ محمد حسين أهدته بنت أمين الدولة زوجة علي شاه ونصب سنة 1316هـ/1898م وهي من الفولاذ، واشار ايضا الى وجود (باب جنوبي نصب يوم الأربعاء الثامن من شهر ربيع الثاني سنة 1318هـ/1900م تبرع به رجل الخير والصلاح الحاج غلام علي المسقطي) ولكنه اغلق.
ان الدخول للحرم اليوم يكون من خلال بابين ذهبيّين وسط الرواق الشرقي وضعا مكان البابين الفضيّين السابقين – وهما في غاية الروعة وكتبت عليهما آيات من الذكر الحكيم وأحاديث نبوية وقصيدتان للسيد موسى بحر العلوم وكتبت له ايضا قصيدة بالميناء على الاسطوانة التي تفصل بينهما سنة 1382هـ/1962م، وتبرع بنفقتهما الحاج ميرزا مهدي مقدم وابنا أخيه الحاج كاظم اغاتوكليان والحاج ميرزا عبد الله مقدم ونصبا في الثامن من شهر شعبان سنة 1373هـ/1953م بحسب ما ذكر الشيخ محمد حسين- ومن خلال بابين فضيّين يقعان في الواجهة الشمالية نقلا من الواجهة الغربية سبق ذكرهما، اما المدخل الجنوبي من الرواق الى الحرم فقد فتح حديثا من خلال باب مشبك خصص لدخول النساء الى الحرم.

 

نشرت في الولاية العدد 77

مقالات ذات صله