اشهر اطباء العرب.. ابن النفيس

dgh

حمود حسين الصراف

يحفل تاريخ المسلمين بالمآثر، نظرا لما قدموه من انتاجات عظيمة في العلوم المختلفة، وفي جانب الطب على وجه الخصوص، ومن العلماء البارزين في هذا المجال لمع اسم العالم العربي «ابن النفيس» الذي كانت له بصمات واضحة في مجال الطب، ليس في زمانه فحسب، بل إن إفاداته استمرت ليستنبط منها اطباء عصر النهضة ما يحتاجونه من خبرات تطبيقية في مجال عملهم الانساني.
اسمه: علي ابن الحزم أبو الحسن علاء الدين القرشي نسبة إلى قرية قرش التي تقع بالقرب من دمشق، ويلقب أيضا بالدمشقي، وبالمصري لاقامته معظم عمره بمصر، وقد اشتهر بلقب ابن النفيس لنفاسة عقله وعمله، وابن النفيس عالم موسوعي فهو طبيب عام وعالم بالمنطق والفقه والحديث وعلم الأصول واللغة العربية بنحوها وصرفها.
نشأ ابن النفيس بدمشق، واخذ علوم الطب علي أيدي أطبائها وبخاصة علي يد كبير الأطباء مهذب الدين والدخوار صاحب مدرسة الدخوارية الطبية بدمشق.
هاجر ابن النفيس إلى بلاد مصر واستوطن مدينة القاهرة، وقد أصبح عميد المستشفى الناصري الذي أنشأه السلطان قلاوون عام 580 هـ، وصار طبيبا خاصا للسلطان ببيرس البندقدارى ملك مصر والشام طوال السنوات الاثنتين والعشرين الأخيرة من عمر الظاهر ببيرس، وقد حظي ابن النفيس هناك باحترام الأطباء والحكام والأمراء كافة.
سبق ابن النفيس علماء عصر النهضة الأوروبية بثلاثة قرون في اكتشاف الدورة الدموية الصغرى أو دوران الدم الرئوي في جسم الانسان، وقد سجل ابن النفيس اكتشافه هذا في كتابه «شرح تشريح القانون لابن سينا».
إذ كان ابن سينا قد ذكر في كتابه «القانون» أن القلب له بطينان، وأن أحدهما مملؤ بالدم وهو البطين الأيمن وان الآخر مملؤ بالروح وهو البطين الأيسر، وأنه لا منفذ بين هذين البطينين البتة, وقد عارض ابن النفيس هذا الرأي، إذ أثبت بالتشريح أن الدم يذهب من البطين الأيمن عبر الوريد الشرياني إلى الرئة لينقى بها ويخالطه الهواء، ثم يعود من الرئة إلى البطين الأيسر.

Ibn-al-Nafis-2
وابن النفيس هو أول من طالب مرضاه بضرورة الاعتدال في تناول الملح وقدم أدق الأوصاف لأخطار الملح وأثره في ارتفاع ضغط الدم، وأبدع في تشريح الحنجرة وجهاز التنفس والشرايين وبين وظائفها.
ولابن النفيس آثار قيّمة في الطب، وبالأخص كتابه «شرح تشريح القانون» ولهذا الكتاب عناوين مختلفة وفيه شرح غاية في الدقة، وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية الطبيب الإيطالي «الباجو» لأول مرة في مدينة البندقية عام(954هـ/ 1547م) وهي الترجمة التي رجع إليها الطبيب الإنجليزي (وليم هارفي) الذي يُعزى إليه اكتشاف الدورة الدموية الكبرى وقد رجع إليها من قبله الطبيب البلجيكي: (فيزال).



ولابن النفيس ايضا كتاب «الرمد» وكتاب «شرح طبيعة الإنسان» و»كتاب الشافعي» و»المهذب في الكحل -أو المهذب في طب العيون أو حكمة العين- وكتاب «بغية الفطن في علم البدن» و»تفسير العلل وأسباب المرض» و»رسالة في أعضاء التناسل» و»رسالة في أوجاع البطن» و»المختار في الأغذية» و»كتاب النبات في الأدوية المفردة»، توفي رحمه الله في مدينة القاهرة عن عمر ناهز 80 عاماً.

 

نشرت في الولاية العدد 78

مقالات ذات صله