د. انطوان بارا: نشعر بالفخر لأننا نزور الإمام علياً(ع) الذي نحبه ونجلّه كما نحب ونجلّ سيدنا عيسى(ع)

aad

اجرى اللقاء: علاء حيدر المرعبي

عمل صحفيا ومذيعا ومقدما للبرامج ورئيس تحرير مجلة، لديه 15 مؤلفا في مختلف الألوان الأدبية من بينها المؤلفان الشهيران: (الحسين في الفكر المسيحي) و(زينب أكملت المسيرة).
وفي أثناء تشرفه بزيارة الإمام علي(عليه السلام) التقت به مجلة الولاية ليحدثها عن شخصية الإمام علي(عليه السلام) وما تمثله في الفكر العالمي، فكان هذا الحوار..

 

كيف تصف شخصية الإمام علي(عليه السلام) وكيف تعبرون عن مشاعركم وأنتم في هذه الرحاب المقدسة؟
ان الإمام علياً شخصية أثارت اهتمام الكثير من الكتّاب لاسيما المسيحيين العرب، منهم الأستاذ وزيد روكس العزيزي الذي ألف (علي أسد الإسلام وقدّيسه)، ومعروفة مؤلفات جورج جرداق الخمسة: (صوت العدالة الإنسانية) وكل واحد له عنوان منفصل، فضلا عن الكاتبين جبران خليل جبران وسعيد عقل لأنه يذكرهم بالنبي عيسى وبعدله وسماحته وقدسيته، فالإمام علي ابو الشجرة المباركة في اهل البيت بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ايضا النبعة الصافية لهذه الشجرة النبوية.

وكان في حلمه وحكمه وبلاغته فريداً من نوعه في التاريخ الديني والوضعي، فلا تجد في تاريخ أي دين من يتكلمون عن أديان آسيا، ولكن حينما تفتح نهج البلاغة تجد هذه الحكم العظيمة والبلاغة المستفيضة حتى ان الأمم المتحدة اخذت من نهج البلاغة ملامح كثيرة حينما وضعت شرعتها، وهو في تآخي الحضارات يختصرها بجملتين: الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق.
وهناك ايضا امور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها لأن الفصاحة والبلاغة التي جاءت في نهج البلاغة جعلت من كتاب نهج البلاغة كتاباً دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق.

ألا يشكل حديث شخص مسيحي عن الإمام علي(عليه السلام) إحراجاً بالنسبة لكم وبخاصة انكم من طائفة أخرى وديانة أخرى؟
معروف ان الإمام علياً وأهل البيت(عليهم السلام) يحبهم المسيحيون كثيرا للشمائل النبوية التي ذكرتها ولماذا سيكون هناك احراج لأنه اذا لم تحب شخصية مثل الإمام علي ومثل الحسين وفاطمة الزهراء والحسن وزينب(عليهم السلام) لن تكون انسانا ولا مؤمنا حتى في عقيدتك، لأنهم يمثلون الخلق النبوي والرسالي الصحيح، ولم نجد في سيرة حياتهم موقفا رخوا او ضعيفا اضافة لانفتاحهم على الأديان، وانا اعد الإمام علياً(عليه السلام) والإمام الحسين(عليه السلام) ليسا للمسلمين فحسب، فالإمام علي امام البشرية جمعاء لو اخذت بتعاليمه، يكفيك الرسائل التي كان يبعثها الى ولاته في الأمصار لتوضع دستورا حياتيا متكاملا بين الحاكم والمحكوم، فرسالته للاشتر النخعي هذه تصلح دستوراً لكل حاكم ولكل شعب او حاكم يريد ان يحكم بعدل ورحمة.
لذا فإن الإمام علياً يمثل كل هذه الخصال النبوية العقلية الروحية، وقصته مع اليهودي والنصراني معروفة، فهو يحكم 70 قطرا اسلاميا ويقف امام القاضي وخصمه اليهودي الذي يدعي أن ملكية الدرع له ويسأله القاضي: ما رأيك يا ابا الحسن، فرفض الامام ان يكنيه امام خصمه، لأن الكنية تكرمة عند العرب وطلب منه ان يسميه باسمه المجرد مثلما سمى خصمه اليهودي.. فلعمري أين تجد هذا الآن؟
وحينما مر(سلام الله عليه) على سوق ورأى سائلا طاعنا في السن، فسأل عنه فقالوا: هذا نصراني مشرك فقير يعيش على سؤال الناس، فانتفض أبو الحسن قائلا: اخذتموه لحما ورميتموه عظما أعطوه من بيت المال.
هذا العدل وهذه الرحمة التي لا تجد لها نظيرا اليوم.

كيف تجدون الحركة الثقافية في العتبات المقدسة وهي تنفتح فكريا على الطوائف كلها؟
هذا أمر يثير الدهشة فعلا، بدأت هذه الدهشة من العام الماضي وتواصلت لهذا العام ايضا، فهذا انفتاح عظيم على كل البشر، فالدعوات التي تنطلق من العتبات المقدسة لكل الطوائف والجنسيات بلا تفريق مع ازدياد حركة الزيارات للمراقد الشريفة والعتبات من كل انحاء العالم ترافقها نهضة إعلامية غير مسبوقة في أي جهة اخرى من العالم، لا في البلاد الإسلامية ولا في غيرها.
فتجد مثلا عشرين مطبوعاً بكل عتبة فيها التركي والفرنسي والألماني والصيني فضلا عن الإذاعات والتلفزيونات، هذه ظاهرة غير مسبوقة تدل على نهضة علمية وعقلية وروحية، ونحن لا نرى من اخواننا الشيعة الا كل مرونة وحب بخلاف المذاهب الأخرى، ولهذا اظل اقول ان العقل الشيعي عقل مرن لم يوقف الاجتهاد منذ اربعة عشر قرنا في حين أوقفت العقول الأخرى الاجتهاد وحنطت العقل.

كيف تقيّمون الآن الواقع الصحفي في العتبات المقدسة، إذ نحتاج الى تقييم ونصيحة صاحب خبرة واختصاص في هذا المجال؟
هذه رحلة طويلة قد يكون فيها بعض الانحناءات والهزات ولن تستقيم الأمور فيها بين ليلة وضحاها، ولا خلال سنوات، لاسيما ان صحافتكم واعلامكم له ميزة الالتزام، أي انه يفتقر لما تتمتع به الصحف ووسائل الإعلام الأخرى في المجالات الفنية والثقافية والاستعراضية وكل وسائل الجذب والتشويق والإثارة، في حين انكم ملتزمون حتى في العناوين والألوان، وهذا أمر صعب.
وعلى الرغم هذا أرى صحافتكم وإعلامكم ينهض بسرعة، وقد رأيت هذه السنة مطبوعات تختلف عن السنة الماضية، اعطوني اعدادا قديمة تختلف عن الجديدة، فقد زادت الخبرة وفيها انفتاح ونرى استكتابا لكتاب من كل انحاء العالم العربي والإسلامي والطوائف ايضا، مثلا قرأت لرجال دين مسيحيين وطوائف وكل شيء وهذا الانفتاح هو الذي يميز فكر الإنسان الذي يجب ان يكون منفتحا على الآخر على مبدأ الإمام علي(عليه السلام).

كتبتم عن الحسين وعن زينب(عليهما السلام)ولكن نجد القائمة خالية من اسم امير المؤمنين؟
عندي كتاب بدأت بتأليفه وعندي ضمن خطة مشاريعي كتاب ثان قد بدأت به عن النبعة الصافية لآل البيت الكرام الإمام علي (عليه السلام) لأنني بعدما رأيت الذي كتبه جورج جرداق وجدت من الصعب جدا الكتابة بعده .
لكن نحاول من وجهة نظر جديدة خاصة بنا في هذا الموضوع لكن مثلما تعرف ان هذه الكتب الفكرية تحتاج الى وقت طويل سيما أن الشخصية عليها خلافات تاريخية يجب غربلتها وتحليلها لتضع ما هو اقرب الى الحقيقة والعقل، واحاول ان اتفرغ واستقيل من العمل بعدما وصل عمري الى 60 عاما لأستطيع ان أكمل كتابي عن الإمام علي(عليه السلام) والإمام المهدي(عجل الله فرجه) وفاطمة الزهراء والإمام الرضا هذه الكتب الاربعة تحتاج الى 10 ـ 12 سنة من التفرغ التام.

كلمة أخيرة؟
والله نحن اليوم نشعر بالفخر والسعادة والشرف لأننا نزور مرقد الإمام علي(عليه السلام) امير المتقين وامير المؤمنين وامام البشرية جمعاء الذي نحبّه ونجلّه كما نحبّ ونجلّ سيدنا عيسى(عليه السلام) لأنهما من مشكاة إلهية واحدة يبغون الصلاح لهذا البشر بدون نظرة ضيقة او تعصب او خلافات.

 

نشر في الولاية العدد 81

مقالات ذات صله