الفرق بين العدو والخصم

العدو-والخصم

حامد زاير كشكول

استعلام الحقائق ومعرفة ماهية الاشياء يلعب دورا في تحديد التكليف الشرعي تجاه الآخرين ويزيل كل الشكوك التي تحيط بالمواضيع المشتركة من جهة الاستهداف والمبتعدة عن بعضها من جهة اخرى ويضع الحلول الناجعة لكل قضية على حد سواء.
وفي هذا الصدد نجد ان هنالك خلطاً بين كلمتي العدو والخصم، إذ ان من الاخطاء الشائعة اعتبار كلمة العدو مرادفة لكلمة الخصم، ولو أنعمنا النظر في المعنى اللغوي والاصطلاحي لوجدنا فرقا واضحا بينهما.
التعريف اللغوي للخصم: خصم خصما وخصاما أحكم الخصومة وجادل فهو خصم، أخصم فلانا: لقنه حجته على خصمه ليغلبه.(المعجم الوسيط: ص239).
العدو: عدا عدوا وعدوانا وتعداء وعدوانا: جرى، وعليه عدوا وعدوا، وعداء وعدوانا ظلمه وتجاوز الحد على الشيء عداء.(المعجم الوسيط، ص588)
في الاصطلاح: قال أحد العلماء الماضين (رضوان الله تعالى عليه) في بيان الفرق بين العدو والخصم، هنالك فهم شائع يقول إن العدو نفسه الخصم واذا ما رجعنا الى الفهم العرفي لوجدنا هنالك فرقاً بين العنوانين فالخصم هو: المخالف للفرد في قضية معينة سواء كانت قضائية ام لم تكن وهو عادة يريد الكيد بخصمه، وأما العدو: يكيد للشخص سواء كان طرفا مخالفا في قضية قضائية أو لا ومعه يكون بين العنوانين الخصم والعدو عموم وخصوص من وجه يجتمعان في من يخالف في قضية ويكيد لصاحبه فيكون خصما وعدوا في نفس الوقت وقد يكون خصما لا عدوا كالخصومة في أمور نظرية علمية أو في مورد قضائي خال من الكيد والاعتداء، وقد يكون عدواً لا خصما كالذي يكيد بدون أن يكون طرفاً في نزاع أو قضية معينة وانما لمجرد الحسد أو الشهرة او اللصوصية او غير ذلك من المآرب الدنيئة.
وقد قال تعالى: ((إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ))(ص/22) وتفسير هذه الآية المباركة: خصمان أي فريقان متخاصمان تجاوز بعضنا ظلما على بعض(الميزان: ج 17، ص193) اقول وطلبهما للهداية دليل على نقاء سريرتهما وعدم وجود قصدية الضرر أو الاعتداء.
اما في معنى العدو فقال تعالى: ((قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ))(سورة، يوسف: 5) تفسير هذه الآية المباركة: فكان المعنى، قال يعقوب ليوسف(عليه السلام): يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فانهم يحسدونك ويغتاظون من امرك فيكيدونك عندئذ بنزغ واغراء من الشيطان وقد تمكن من قلوبهم ولا يدعهم يعرضون عن كيدك فان الشيطان للإنسان عدو مبين(الميزان: ج11، ص 81).
اذن لابد لكل امر من ملاك حاكم وحكمة نافعة وفي بحثنا عن وجه الفرق بين الخصم والعدو استنتجنا وجود فارق واضح بين العنوانين والملاك لهما هو تحكيم العقل وعدم الحكم على الاخرين بكونهم اعداء مالم تصل النوبة الى التعدي والضرر.

نشرت في الولاية العدد 86

مقالات ذات صله