همهمات: هو ذا أخي

746

حيدر رزاق شمران

شبك اصابعه خلف رأسه مستلقيا على السرير بينما كان ينظر الى السقف بعينين حائرتين وقد اخذ يتحدث بينه وبين نفسه بصوت عال كأنه اراد ان يسمع شقيقه الذي كان بجانبه يجلس على الأريكة المجاورة يقرأ في كتاب ما.. اذا كانت مكارم الأخلاق توصل الإنسان الى غايته في الكمال فلماذا يجهد نفسه في كثرة العبادة والتهجد؟!.. نظر اليه شقيقه بصمت ثم وضع الكتاب جانباً وأخذ يتحدث اليه.. حسنا وكيف حصلت على هذه النتيجة؟.. فأجابه قائلاً.. حصلت عليها من خلال سير العلماء واثارهم وما قدموه من منافع للآخرين.. فرد عليه وقد اعتدل في جلسته بعد ان كان متكئا.. لكنك نظرت الى جانب واحد واهملت الجانب الآخر.. فهؤلاء العظماء الذين تتحدث عنهم لم يصلوا الى ما وصلوا اليه من اخلاق فاضلة الا بطاعتهم لله وكثرة عبادتهم وتهجدهم فوفقهم الله تعالى الى خدمة الناس وقضاء حوائجهم وحسن التعامل معهم.. وأخذ يتابع حديثه وقد اصغى شقيقه بكله اليه.. أما ذلك الذي يوهم غيره بمجاملاته واخلاقه الفاضلة وقد اهمل طاعته لله فقد خسر خسرانا مبينا ولن ينفعه يوما مديح المادحين.. قال الله تعالى في محكم كتابه: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وعن رسول الله صلى الله عليه واله قال: (اذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به افضل الحياة وتسلكوا به طرق النجاة).
وما ان اكمل حديثه قام شقيقه من سريره على عجل وهو يقول.. حسناً.. حسناً.. نسيت ان أوقت ساعتي لصلاة الفجر.
فتبسم اخوه وأخذ الكتاب ثانية بين يديه وهو يتمتم بينه وبين نفسه .. هو ذا أخي الذي أريد.

مقالات ذات صله