الايوان الذهبي

_07F2489

علي عبد الحسن

العتبة العلوية المقدسة من البقاع المشرفة النادرة في تحفتها الحضارية والمعمارية ازهرت لأهل الأرض كما ازهرت لأهل العلم والمعرفة فملأ صداها العالم بأسره فكانت مناراً استقطبت الفقهاء والعلماء والعارفين من شتى اصقاع المعمورة فتعلقت قلوبهم بهذه البقعة الطاهرة التي ضمت جسد امام العارفين والمتقين امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام واعطتهم عقيدة استفادوا منها في اسلامهم.
كما أنها ثرية بالموجودات النفيسة التي يعود عمر البعض منها إلى القرون الهجرية الأولى، يضاف الى ذلك أن العتبة العلوية المقدسة من أهم المراكز العلمية الدينية، التي تخرّج منها اساطين العلماء الذين كان لهم الأثر العظيم في نشر فكر أهل البيت(عليه السلام).
إن ما يميز مرقد الامام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن سائر العتبات المقدسة في العراق وخارجه: الإيوان الذهبي الكبير الذي يقع عند الباب الرئيسة لمدخل الحرم الطاهر، والذي تحدّه منارتا العتبة الذهبيتان وتمثلان امتدادا مستمرا له على طول جانبيه، وهو مكسو بالذهب باجمعه، ما خلا مناطق صغيرة منه مغطاة بالمينا الزرقاء كخلفية لبعض الكتابات والزخارف التي تزين الإيوان هنا وهناك.
ويضم الإيوان الذهبي في قلبه بابي الدخول الرئيسين المفضيين إلى الحرم الداخلي، وهما مغلفتان بالذهب المزخرف المطعم بالمينا الفاخرة، وفوق هذين البابين يوجد طاق ذهبي يضم مقرنصات ذهبية غاية في الروعة، يقع أمامها حديث رسول الله(صلى الله عليه واله): (علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) مكتوب بحروف ذهبية بارزة وبخط ملفت للنظر، وعلى جانبي البابين توجد لوحتان تضمان السلام على رسول الله(صلى الله عليه واله) يقرؤهما الزائر قبل دخوله الى رواق الضريح الطاهر .
وفي أعلى الإيوان الذهبي، توجد مقرنصات ذهبية فخمة على شكل كؤوس مقلوبة تملأ جلّ سقف الإيوان، وفي الحقيقة فان جمال هذه المقرنصات تأخذ بلب المتأمل لمنظرها داخل الإيوان الذهبي الضخم وتملؤه بالهيبة، فينبهر بالجمال المعماري الممتزج بالروح الإسلامية الأصيلة في ذلك المكان المقدس.
ولكن مما يؤسف له أن بعض الكتابات والتواريخ المهمة التي كانت مدونة على جدار الإيوان الذهبي قد رُفعت في عهد النظام البائد بشكل متعمد واستبدلت بصفائح ذهبية صقيلة، واليوم نشاهد هذه القطع تغطي واجهات من الإيوان تفصح عن أنها دخيلة على باقي أجزائه بشكل لا يخفى على الناظر.
إن الإيوان الذهبي بشكله وموقعه في قبال قبر أمير المؤمنين(عليه السلام) يحمل تعبيرا معنويا عظيما، حيث يمثل سعي الذهب النفيس للوقوف عند عتبة الامام(عليه السلام) وعند أقدامه، على الرغم من أنه(عليه السلام) كان يرفضه ولا يعير له أي قيمة في حياته، وهذه المسألة فيها من العظة والعبرة الشيء الكثير بالنسبة للزائر الكريم الوافد إلى أمير الزاهدين صلوات الله وسلامه عليه.

نشرت في الولاية العدد 90

مقالات ذات صله