الأم والإصلاح الذاتي للطفل

timthumbbلا

دعاء عبد المطلب

ان من الأمور المهمة والأساسية في بناء الأسرة وجود ترابط أسري، وهو أحد أهم مقومات نجاح الأسرة، وتعد الأم العامل الأهم في حصول هذا الترابط، فهي تسهم في تكوين الطفل نفسيا واجتماعيا، وبخاصة في السنوات الأولى من عمره، فهو يكتسب الأنماط السلوكية والطباع من امه اللصيقة به دائما، من خلال رعايتها له فضلا عن العوامل الوراثية التي يرثها الطفل منها.

فالأم ينبوع المعرفة بالنسبة للطفل، من خلالها يتعرف على الحياة ومن خلالها يكتسب المهارات والسلوكيات المختلفة، فلو نظرنا الى الطفل صاحب الطبع الاجتماعي الذي يتآلف مع المجتمع ويتواصل مع الآخرين، نجد انه قد اكتسب هذا الطبع من أمه في الغالب، وعلى عكسه إذا كان الطفل انطوائيا، نجد ان والدته لا تخالط الآخرين.
ومع عدم اغفال دور الأب، يبقى للأم الدور الأكبر، فكل الأخلاق والسلوكيات المختلفة لدى الطفل تكون الأم مسؤولة عنها بالدرجة الأساس، فهي التي تطبِّع الطفل كما تريد، لأنه في مراحله الأولى يكون أرضية خصبة للتلقي، فالأم اذا ما عوّدت طفلها على سماع الكلمات الطيبة وكرّهت اليه سماع الكلمات الخبيثة فسيكون في مستوى اخلاقي لائق.
على الأم إدراك ان تلك المراحل الأولى من عمر الطفل هي أرض خصبة لزراعة أيّ شيء شاءت، والأهم من هذا عدم إظهار الأمور السلبية أمام الطفل وأن لا نعلمه السلوكيات الخاطئة، فمثلا – وهذا شائع كثيرا- يقول أحد الاباء لولده: اذا سأل عني فلان فقل له اني غير موجود، على الرغم من انه موجود فعلا، وبذلك يحث الآباء أبناءهم على الكذب، وهذا من الأخطاء التي تترتب عليها نتائج سلبية تنعكس على سلوك الطفل.
كذلك على الأم ان تحافظ على النموذج الذي يحتذي به الطفل وغالبا ما يكون الأب فواجب على الأم ان تصون هذا النموذج المثالي الخالي من العيوب ـ كما تصوره هي لأبنائها ـ ليكون القدوة العملية الحسنة لهم، فليس من الصحيح ان تنتقصه او تلومه على أخطائه وتصرفاته أمامهم، فتُحدث انكسارا في رمزهم وتصدعا قد ينعكس على تصرفات الأولاد بعدم احترام الكبير وفقدان مصداقية الجميع لديه مما يُنتج سلوكا مشاكسا ومعاندا يخلو من احترام الأخرين ولا سيما الأب والأم.
اذا فإن مهمة الأم جسيمة جدا، فهي المسؤولة الأولى عن الطفل وإعداده إعدادا قويما، لذا عليها أن تعِّي حجم تكليفها امام الله والمجتمع، فهي المسؤولة عن إخراج جيل يجب أن يكون أداة لبناء مجتمع سليم متحضر.

نشرت في الولاية العدد 90

مقالات ذات صله