صحن فاطمة عليها السلام

BO3A9226

تحقيق علي الوائلي

يعتبر مشروع صحن فاطمة الزهراء عليها السلام من المشاريع المهمة والستراتيجية التي تعمل على توفير الخدمات للزائرين الوافدين الى مرقد أمير المؤمنين عليه السلام من كل حدب وصوب حيث يقدم هذا المشروع كل الخدمات والأجواء الروحانية المناسبة لقدسية المكان لتهيئة الزائر الكريم للعبادة والتقرب لله تعالى فضلا عن شعائر الزيارة ومناسكها الواردة عن أهل البيت الأطهار عليهم السلام، ويضاف الى تلك الخدمات ما تسعى اليه الامانة العامة في العتبة العلوية وكوادرها الادارية والفنية في بذل جهود استثنائية لتقديم خدمات نوعية للضيوف والزوار وذلك من خلال فتح المكتبات والمتاحف الكبيرة والسبل التي تبرز معالم العتبة وكنوزها فضلا عن اضافة كل ما يعزز جمالياتها من ارث اسلامي خالد، وان المساحات الواسعة التي راعتها التخطيطات العمرانية في هذا المشروع جاءت ملبية لازدياد الحاجة اليها لتستوعب الاعداد الكبيرة من الزائرين في مواسم الزيارات المليونية, ما دفع الى توسعة محيط الصحن العلوي المطهر بعد مناقشتها مع خبراء ومختصين من داخل وخارج العراق وخارجه لتنفيذ هذا المشروع العمراني الكبير.

واذا مارجعنا الى التاريخ لمعرفة العمارات والتوسعات التي طرأت على المرقد المطهر بعد اكتشافه نجد أن أول عمارة كانت له عمارة هارون الرشيد وهي العمارة الأولى التي أمر ببنائها وتشييدها سنة (100هـ). وكانت عبارة عن قبة فخمة لها أربعة أبواب… وتم استخدام الطين الأحمر في بنائها.. وطرح على رأسها جرّة خضراء… أما الضريح فبني بحجارة بيضاء.
بعدها استمرت العمارات والتوسعات التي بلغت بمجملها تسع عمارات كانت آخرها قبل اربعمئة عام هي المشهد الذي نراه اليوم.
ومن التوسعات لهذا المرقد الطاهر عمارة الداعي الصغير الذي أمر ببناء قبة وحائط وحصن فيه سبعون طاقا, ومنها ما قام به عمر بن يحيى القائم بالكوفة، ثم قام عضد الدولة بعمارة المرقد وهي العمارة الثالثة .. وقد عُدّت من بدائع ما صنعه الإنسان في هذا المجال حينذاك. وكذلك عمارة الأيلخانيين وهي العمارة الرابعة، فبعد احتراق عمارة عضد الدولة البويهي سعى كثيرٌ من ذوي الجاه والسلطان من المتشيعّين إلى إعادة أعمارها وتحسينها. ثم عمل الشاه صفي بتوسيع ساحة الصحن الشريف التي كانت ضيقة فهدم بعض جوانبها لتوسيع ساحة الحرم العلوي المطهر, وقد أمر وزير الشاه صفي بإجراء بعض التعديلات على الحرم الشريف فوسع ساحته.
واما اليوم وبعد توافد الاعداد المليونية لمحبي واتباع اهل البيت من بقاع العالم كافة لزيارة مرقد امير المؤمنين عليه السلام وابن عم خاتم النبيين (صلى الله عليه واله وسلم) تنطلق مشاريع توسعة الصحن الحيدري الشريف، ولعل أهمها والأبرز فيها مشروع صحن فاطمة الزهراء عليها السلام الذي يعد من أكبر المشاريع العمرانية التي تنفذ في العتبات المقدسة في العالم.
صحن فاطمة (عليها السلام‏) مشروع عملاق بمساحة 54,000 متر مربع أي مايعادل تقريبا أكثر من ثلاثة أضعاف الصحن الحالي، وهو جزء من مشروع التوسعة الكبير للعتبة العلوية المقدسة، ويتضمن المشروع أربعة طوابق، وفي جزئه الخاص بالزيارة والعبادة يحتوي على قاعات مغلقة كبيرة لإيواء الزائرين الذين يرغبون بأداء مراسم الزيارة والصلاة والدعاء, كما يحتوي المشروع على ساحات خضراء واسعة تضيف جمالية للمشروع.
ويقع صحن فاطمة عليها السلام في ‏الجهة الغربية من العتبة العلوية المقدسة، وبالتحديد في المنطقة ‏الممتدة من مرقد ‏صافي الصفا ومقام الامام زين العابدين عليه السلام وحتى الجدار الغربي للعتبة أي جهة باب الفرج, ويشتمل هذا المشروع العملاق على ‏مبانٍ كبيرة ومهمة مثل متحف الحرم ‏العلوي ومكتبة حديثة ‏وكبيرة تتسع لمليون كتاب مع خزانة ومشفى ‏خاص لمخطوطات ‏العتبة بخمسة طوابق، فضلا عن انشاء بنايات لأقسام العتبة العلوية المقدسة الادارية بستة طوابق، وقاعات مخصصة لطلبة العلوم الدينية لإقامة حلقات الدروس الحوزوية وذلك لكثرة الطلبة الوافدين الى مدينة الامام علي (عليه السلام) من داخل العراق وخارجة بعد الانفتاح الذي شهده العراق بعدعام 2003 .
والجزء الأهم من المشروع هو الجزء الذي يمثل أماكن العبادة والزيارة الذي ‏‏يشكل حوالي 50% من مساحة المشروع، يلحق به جامع كبير وصحن ثانٍ بثلاثة ‏طوابق مع توفير الخدمات اللازمة للزائرين فيه كمضيف ومطعم ‏للزائرين وآخر للمنتسبين مع مجاميع صحية كبيرة.‏
صحن فاطمة (عليها السلام) روعيت فيه الهندسة المعمارية الإسلامية الخالصة فضلا عن تفاصيل من العمارة النجفية فكانت سمته وطرازه، كما روعي فيه استخدام الآليات والتقنيات الحديثة مثل السلالم المتحركة والمصاعد الكهربائية ووسائل التكييف وكل ما يتعلق براحة الزائر في هذا المكان المقدس.
يلحق بقسم العبادة والزيارة من الخلف المتحف الذي يتكون من ستة طوابق سيخصص لعرض مقتنيات العتبة الثمينة جميعها، كهدايا الملوك والرؤساء القديمة التي يعود تاريخها الى أكثر من 400 عام, وأما من الجهة المقابلة للمتحف فسوف تكون هناك مكتبة كبيرة بمساحة مشابهة لمساحة المتحف بخمسة طوابق تضاف لها الأبنية الإدارية للحرم.
وتحت هذا المنشأ سوف يكون هناك موقف خاص للسيارات، وحول المنشأ سوف يكون هنالك نفق لدخول وخروج السيارات الخاصة بالصحن الشريف, وان صحن فاطمة هذا هو جزء من مشروع التوسعة العام للعتبة وستلحق به كثير من الأبنية والمنشآت على جانبي الحرم الحالي وكذلك في السفح المقابل للعتبة كأماكن لإيواء الزائرين.

BO3A0752

عمل دؤوب للكوادر العاملة في المشروع:
من خلال الأعمال المستمرة للكوادر الهندسية والفنية التابعة لمؤسسة الكوثر المسؤولة عن إنجاز مشروع صحن فاطمة الزهراء (عليها السلام) التابع للعتبة العلوية المقدسة تم الاعلان عن وصول العمل في الهيكل الكونكريتي التابع لقسم العبادة والزيارة بنسبة 100 %, وبوشر بأعمال الإنهاءات والخدمات الميكانيكية الخاصة بهذا الجزء اضافة الى القباب العالية الخاصة بهذا الجزء.
كما تم الاعلان في وقت سابق عن اكمال الهيكل الكونكريتي لبناية المكتبة الحيدرية الكبرى التي تتكون من خمسة طوابق بمساحة ثلاثة آلاف متر مربع أي بمساحة (15) آلف متر مربع، وتقع على الجهة الجنوبية من مسار الصحن الحيدري الشريف وقد صممت وفق تصميم عالمي، وهي مهيأة لاستقطاب الباحثين وطلاب العلم بعد اكتمال صورتها النهائية، كما تم افتتاح هيكل المتحف العلوي، وهذا المتحف يتكون من ستة طوابق بمساحة ثلاثة آلاف متر مربع أي بمساحة كلية تقدر بـ (18) ألف متر مربع، وقد صمم هذا المتحف وفقا لمواصفات المتاحف العالمية.

الفن المعماري والطراز الاسلامي للمشروع:
المشروع سيرفد جوانب متعددة الى جانب ضمّه للزائرين فهو سيعمل على تنشيط مجالات أخرى كالسياحية منها والثقافية فضلا عن الحلقات العلمية والجلسات القرآنية وسيحاكي الطراز الإسلامي والفن المعماري الذي يجعل الزائر من خارج وداخل البلاد يتأمل روعة هذا الفن الاسلامي من الخط والزخرفة والطراز المعماري فهو كما بين عضو مجلس ادارة العتبة العلوية مظفر محبوبة: بأن هذا المشروع سيؤسس لصرح مناسب ويضاهي صرح العتبة العلوية المقدسة بفنه المعماري وبنقوشه وبكل ما يحتويه من فن معماري كبير.
الجانب الثقافي للمشروع:
وأما عن الجانب الثقافي لهذا المشروع يشير جملة من الباحثين والكتاب والادباء اذ يقول الاديب الدكتور باقر الكرباسي: إن إنشاء هذه المكتبة والتي تضم مئات آلاف الكتب ستكون موازية لمكتبة الكونكرس الاميركي، والمكتبة عند مرقد امير المؤمنين تكون فيها مزايا كثيرة فالزائر عندما يأتي ويرى هذا الصرح الكبير أي مرقده ومكتبته ومتحفه فهذه مسالة مهمة وهذا يتطلب جهودا كبيرة وهي خطوة كبيرة لدعم الجانب الثقافي فمكتبة الروضة الحيدرية على ماهي عليه الآن يأتيها العديد من الباحثين والقرّاء فكيف إذا ماطورت وأصبحت تضم ملايين الكتب والمؤلفات.
فيما يوضح مدير البيت الثقافي في النجف الاشرف صفاء السلطاني قائلا: إن تواجد مكتبة ضخمة ومتحف في صحن فاطمة والذي سيكون بجانب المرقد الشريف ماهو الا نافذة جديدة لتنشيط الحراك الثقافي وتعريف الزائرين بمجموعة من المعلومات المهمة التي تتعلق بالثقافة الدينية وبمدينة النجف الاشرف وبالعلماء مع تواجد المخطوطات النفيسة حينما ياتي الزائر ويقوم بمراسم الزيارة المعتادة عليه الا يكتفي بهذه الزيارة فقط وعليه ان يزور هذه المكتبة التي ستكون باذنه تعالى مثالا للمكتبات فضلا عن وجود المتحف الذي يشكل علامة مهمة في التراث ونحن نجد جميع البلدان تهتم باحياء تراثها وتاريخها ونحن نشد على أيدي القائمين على إنشائه.
ويضيف القاص علي العبودي قائلا: إن التوسعة التي تقام في محيط مرقد الامام علي عليه السلام هي خطوة صحيحة ومهمة وستعمل هذه المكتبة والمتحف إذا تمكنت من إيصال المعنى الحقيقي بأن النجف الأشرف هي أم الثقافة ومن خلالها ستكون هنالك اماكن لجلسات ثقافية ستسهم في إغناء الثقافة الاسلامية، كما يشير فارس حرام رئيس اتحاد الادباء والكتاب في النجف الاشرف الى: إن إنشاء مكتبات ضخمة في النجف الاشرف أمر ينسجم مع واقع المدينة لأنها مدينة ذات تراث وتاريخ كبير على مستوى المخطوطات والمؤلفات وهي جزء مهم لديمومة النشاط الثقافي في المدينة من خلال انشاء المكتبة في صحن فاطمة (عليها السلام).

BO3A9359

الجانب السياحي للمشروع:
المشروع بمساحاته الكبيرة سيعمل على احتضان أعداد كبيرة من الزائرين لاسيما في الزيارات التي تشهدها المدينة المقدسة حيث تعدد اللهجات واختلاف الجنسيات والذين ياتون من مختلف البلدان لاداء مراسم الزيارة والتبرك بالمرقد الطاهر وكما هو معروف أن النجف الاشرف من المدن التي تمتاز بسياحتها الدينية لوجود مرقد أمير المؤمنين عليه السلام فيها, فيبين الدكتور محمد عنوز بأن صحن فاطمة سيسهم في استيعاب أعداد السواح في المناسبات الدينية ونأمل أن تكون هنالك توسعة أخرى فنحن نعتقد أن من الضروري جداً أن تحصل التوسعة للمرقد الطاهر لاحتضان الملايين من الزوار العرب والاجانب الذين يقدمون لأداء الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام.
وإلى ذلك أكدت الدكتورة سحر شبر بقولها: إن كل توسعة وكل مشروع يجب أن يوضع له خطة استراتيجية وأهداف وأنا مع هذه التوسعة لأن المرقد في ضيق كي يستقبل أكبر عدد ممكن من الزائرين ولتكن في هذه التوسعة علانية الشاخص العمراني.
أما المهندس عبد الصاحب خوام فيشير إلى: أن صحن فاطمة إذا ما اكتمل سيضيف مساحات كبيرة خصوصا الجزء الخاص بالزيارة والعبادة وهو الان في مراحل جيدة من العمل ونأمل أن يتم باسرع وقت ليضيف خدمة للزائر وبالتالي سيعمل على تنشيط السياحة الدينية وسيستقبل الأعداد المتزايدة من الزائرين ملبيا حاجتهم لقضاء ساعات اطول في هذا المشهد المقدس.
وكذلك يؤكد المهندس تحسين عمارة على أن: من الضروري هذه التوسعة في محيط الصحن الحيدري الشريف من أجل استيعاب الاعداد المليونية المتزايدة للزائرين فنحن خلال خمسين سنة رأينا أن المدينة توسعت عشرات المرات فكيف بالصحن الحيدري الشريف يبقى على نفس المساحة منذ آخر عمارة له قبل مئات السنين.
محمد كريم مراقب للشان الاقتصادي أشار إلى: أن دعم السياحة الدينية من اهم العوامل التي تعمل على جذب الزائرين لتنشيط الحراك الاقتصادي والسياحي والثقافي في عموم البلاد ومدينة النجف الاشرف تتشرف بكونها تحتضن سيد البلاغة والفصاحة ومنهاج العدالة الامام علي عليه السلام لما لمرقده الطاهر من مكانة مقدسة في نفوس المسلمين عامة والطوائف الاخرى وباعتقادي إن أية خطوة تقام من أجل انعاش السياحة الدينية ستصب في مصلحة البلاد بصورة عامة, وستعمل على خلق موارد مالية أخرى للبلد.
أما عضو مجلس محافظة النجف الاشرف الدكتورة سناء الموسوي فتؤكد على أهمية هذا المشروع قائلة: لعب مجلس المحافظة دورا مهما وفاعلا في التعاون مع العتبات المقدسة والمزارات الشيعية حيث تم ارسال العديد من الكتب الى رئاسة الوزراء والى الوزارات المعنية حول تعويض الدور التي كانت في منطقة التوسعة كمحلة العمارة والحويش، وبحمده تعالى وصل انجاز المشروع الى مراحل متقدمة ونأمل أن يفتتح هذا المشروع خلال السنوات القريبة بشكل متكامل على الرغم من الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد ورغم الازمة المالية

صحنان للفتيان والفتيات في صحن فاطمة
الامين العام للعتبة العلوية المقدسة السيد نزار حبل المتين أعلن عن تخصيص صحني «السيد المحسن»و «السيدة رقية» لتعليم الفتية والفتيات على مشروع صحن فاطمة الزهراء ع الجاري انجازه من قبل كوادر شركة الكوثر لإعمار العتبات المقدسة في العراق بالتعاون والتنسيق مع الكوادر الهندسية والفنية العاملة في العتبة العلوية المقدسة والاقسام ذات العلاقة .
وجاء اطلاق هذه المبادرة من قبل السيد حبل المتين خلال الحفل الذي أقامته الأمانة العامة للعتبة المقدسة ممثلا بقسم الشؤون الدينية دارالقرآن الكريم احتفاءً بتخرج الدورات الصيفية وتكريم كوادر برنامج الزائر الصغير الذي أطلقته العتبة المقدسة منذ شهر رمضان المبارك.
وقد قدم جمع من الطلبة والطالبات من برنامج الزائر الصغير طلباً الى الامين العام للعتبة المقدسة ابدوا من خلاله الرغبة بالموافقة على تخصيص صحن خاص يكون من حيث الامور التنظيمية والادعية والزيارات والقضايا الخدمية مختصاً بفئتي الفتيان والفتيات الزائرين ضمن المخططات الهندسية المقررة في مشروع صحن فاطمة الزهراء عليها السلام.

نشرت في الولاية العدد 91

مقالات ذات صله