معرفةُ الإمامِ المعصومِ بالوصيةِ الظاهرةِ وبالفضلِ

akaed

مرتضى علي الحلي

إنَّ مَعرفةَ الإمامِ المَعصومِ هي مَعرفةٌ جليّةٌ، تُتَصَوَّرُ بمَعرفةِ شَخصِ الإمامِ المَعصومِ نَفسِه بعلمهِ وفقههِ وأنْ يكونَ عنده نصَ وصيةٍ ظاهرةٍ ومَختومةٍ بَختمِ المعصومِ مِنْ قَبله وأنْ يكونَ عنده إرث النبي مُحمَّدٍ (صلى اللهُ عليه وآله وسلّم)  وأنْ يكونَ مِنْ الشهرةِ بدرجةٍ عاليةٍ وقويةٍ وذائعةٍ بحيث يعرف عامة الناس وصبيانهم وصية الإمام الذي قبله إليه.

وقد وَرَدَ هذا المعنى والضابطُ العقدي والقيمي والمِقياسُ الحقُّ عن الأئمةِ المعصومين، سدا للبابِ على الأدعياءِ والمُفترين في كلِّ زمانٍ ومكانٍ فروى هذا المعنى (محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن عبد الاعلى قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: المُتوثبُ على هذا الأمرِ، المُدعي له، ما الحُجةُ عليه ؟ قال: يُسألُ عن الحلالِ والحرامِ، قال: ثم أقبلَ عليَّ فقال: ثلاثةٌ مِن الحُجةِ لم تجتمع في أحدٍ إلاّ كان صاحبَ هذا الأمرِ أنْ يكونَ أولى الناسِ بمن كان قبله ويكونُ عنده السلاحُ ويكونُ صاحبَ الوصيةِ الظاهرةِ التي إذا قَدمتَ المدينةَ سألتْ عنها العامةَ والصبيانَ: إلى مَن أوصى فلان ؟ فيقولون: إلى فُلانٍ بن فُلان) .
و(روى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، عن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام قال: قيل له، بأيِّ شيءٍ يُعرفُ الإمامُ ؟ قال: بالوصيةِ الظاهرةِ وبالفضلِ، إنَّ الامامَ لا يستطيع أحدٌ أنْ يطعنَ عليه في فمٍ ولا بطنٍ ولا فرجٍ، فيُقالُ: كذابٌ ويأكلٌ أموالَ الناسِ، وما أشبه هذا).:الكافي، الكليني, ج1,ص284.
إنَّ الإمامَ جَعفرَ الصادقِ، عليه السلام، قد بيّنَ كيفيةَ مَعرفةِ إمامِ الوقتِ المعصومِ والمنصوبِ مِنْ قِبَلِ اللهِ تعالى نصاً، فقال، يُعرفُ الإمامُ بالوصيةِ الظاهرةِ وبالفضلِ.
والوصيّةُ الظاهرةُ هي نَصُ الإمامِ المعصومِ السابقِ على إمامةِ الإمامِ اللاحقِ مِنْ بعده وإعلامُ الخواصِ والعوامِ بذلك تعييناً وتحديدا وتشخيصا.
كما صنعَ النبيُ مُحمّدٌ (صلى الله عليه وآله وسلّم) عندما أوصى بعَليٍ, عليه السلام, إماماً مَعصوماً ومَنصوباً للناس أجمعين مِنْ بعده وذلك في مَحافلَ متعددةٍ في حياته، خاصةً في يومِ غديرِ خمٍ الشهير, إذ أخذَ بيدِ عليٍّ ورفعها وقال مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه
وأما الفضلُ فهو أنْ يكونَ الإمامُ المَعصومُ أعلمَ الناسِ وأفضلهم مُطلقا في وقته وفي غيره، وقد ورد تفسير وتبين ذلك, (عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: عَشرُ خصالٍ من صفاتِ الإمامِ: العصمةُ، والنصوصُ، وأنْ يكونَ أعلمَ الناسِ وأتقاهم للهِ وأعلمهم بكتابِ اللهِ، وأنْ يكونَ صاحبَ الوصيةِ الظاهرةِ، و يكون له المُعجزُ والدليلُ، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يكون له فيئ، ويرى مَنْ خلفه كما يرى مَنْ بين يديه ).
وقد علّق الشيخُ الصدوقُ مُصنِّفُ كتابِ الخصالِ, فقال: مُعُجزُ الإمامِ ودليله في العلمِ واستجابة الدعوةِ فأما إخباره بالحوادثِ التي تَحدثُ قبل حدوثها فذلك بعهدٍ معهودٍ إليه من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، وإنما لا يكون له فيئ لأنه مَخلوقٌ من نور الله عز وجل وأما رؤيته مَنْ خلفه كما يرى بين يديه فذلك بما أوتي من التوسمِ والتفرسِ في الأشياءِ قال الله عز وجل: إنَّ في ذلك لآياتٍ للمتوسمين .. كانتْ لعليٍّ عليه السلام مِنْ رسول الله صلى الله عليه وآله عشرُ خصالٍ):الخصال، الصدوق،ص428 .
وبهذا القَدر المُتيقن مِنْ ضابطةِ مَعرفةِ الإمامِ المعصوم أو وصيه يَتبيَّنُ كذبَ المُدعينِ زوراً وبطلانا مِمَنْ أدعى الوصايةَ والإمامةَ والسفارةَ والبنوةَ للإمامِ المَهدي، عليه السلام، وغيرها من الدعاوى الكاذبةِ والباطلةِ في وقتنا الراهنِ، دونَ أنْ يقيمَ أدنى حُجةٍ أو برهانٍ على ذلك .

نشر ت في الولاية العدد 95

مقالات ذات صله