النموذج المتفرد في المثال الكوني

3dboy10_3375x4500_72dpi

شاكر القزويني

قد يختصر التاريخ حياة أمة من الأمم بكل انجازها الروحي والفكري والحضاري برجل واحد يختزل ميراثها وواقعها بكل ابعاده ومستقبلها في استشراقات ورؤى ملهمة تضع الأمة نصب عينيه على طريقها الذي يؤدي بها الى الرفعة والمجد يكون فيها الانسان حرّاً عزيزا منعما بالطريقة المثلى التي تتوائم مع كل القيم العليا ومبادئ الخير وفي معادلة تحتوي كل المتغيرات في معادلة الوجود لتكون الدنيا بشقيها الحياة والموت كلّا واحدا وعضوا حيويّا متناغما يؤدي دوره الاسمى في معادلة الحياة هذه وتحقق توازناتها بين كفتيها المادية والروحية للوصول الى الخلاص والسعادة الابدية في غائية اقتضاها الأمر الرباني.
فكان انبعاث هذه الامة ونموذجها الذي اصطفاه الله تعالى والبناء الواقعي المفروض للانسان كما ابتناه وأراده رسول الانسانية والرحمة محمد صلى اله عليه وآله ليكون القدوة الحسنة والمثال المكتمل للمسلم المؤمن بتفاصيله الدقيقة والشمولية في شمائله التكوينية والسلوكية التي تحمل كل معاني الانسان وتحمل تجلياتها وارتقاءاتها وخشوعها الذي يشرئب بالروح لتصل الى عنان السماء بالرقي الذاتي والتأثر الموضوعي المخلص والثابت فضلا عن هذا الكم الهائل من الحب والرحمة والزهد والدعة والعلم والصبر والايثار والقوة الداخلية والخارجية المنضبطة بقيم الفضيلة والصلاح في مكمن هائل لكل تلك المعاني وفي محتوى متفرد لتناقضات يراها الناظر عن بعد حتى اذا ما دنا وجدها تتشكل في انسجام قل نظيره من الصفات المحمودة ومن رقي وسمو يصل ويتدرج الى مراتب الكمال في حركة وسلوك ومواقف فيها النقاء والوضوح جسدا للمعاني المدهشة والصفات الخارقة المتفردة، فكان النموذج الذي لا شبيه له، طبعا في المعاني الايجابية البنّاءة والفطرة السليمة، السالمة من الأذى، الخالصة النشأة حسيا ومعرفيا المنفتحة نحو الحياة بمنظار لا شائبة فيه ولا غشاوة تضله، في حفظ ورعاية الهية التحمت به وغذته منذ البواكير الاولى لحياته حينما انطلقت جوارحه متفتحة على الحياة بكل ابعادها، فكان الاعجاز تلو الاعجاز والآية تلو الآية حتى تولى الولاية الكونية الالهية بعد رسول الله عن تأهيل وتمكين وتدبير رباني لا يأتيه الباطل انى ادار بوجهه، فكان وكما قال خير النبيين والمرسلين صلوات الله عليه وآله : “عليّ مع الحق والحق معه يدور معه حيث دار، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض”، فانظر من يدور الحق معه اذا ما دار فيصبح له تابعا وأهل .

نشرت في الولاية العدد 96

مقالات ذات صله