ما بين والدتي وزوجتي..

حيدر شمران

غريب أمر هذا الإنسان .. سرعان ما ينسى فضل المنعم!!؟
كانت تعتمل صدره لواعج شتى بينما كان جالساً يحدّق عبر النافذة في اللاشيء .. حينما سألته ما المشكلة؟ التفت إلي قائلاً وهو ينفث ما في قلبه من همومٍ : المشكلة في والدتي العجوز!! .. ما أن توفي والدي حتى أسكنتها في بيتي مع زوجتي وأطفالي أسهر عليها وأرعاها وأحاول أن أوفر لها كل ما تحتاج إليه .. فسألته ثانية: وهل تشعر بالرغم من ذلك كله أنها غير راضيةٍ عنك؟ فأجابني: كلا .. ولكن زوجتي غير راضيةٍ عني! فهي تُسمعني كل يوم اسطوانتها المعتادة نفسَها حينما تُخبرني قائلةً: «حتى متى نبقى على هذا الوضع .. مقيدين بوالدتك العجوز.. أو ليس لها ابناءٌ وبناتٌ غيرك يعتنون بها أم أنت وحدك الذي لديه أمٌ في هذه الدنيا» .. وبيني وبينك إنني بدأت اقتنع بكلامها في آخر الأمر .. فأجبته على الفور: للأسف يا أخي ما هذا المنطق الذي تتحدث به..والدتك التي حباها الله لتلدك وتربيك وتسهر عليك وتمنع عن عينيها الكرى لتهنأ أنت بالنوم بين ذراعها .. تأتي أنت آخر الأمر لتشعرَ بالملل وعدم الراحة في رعايتها وقد تقدم بها العمرُ وأخذ بها الضعف فأين أنت من قوله تعالى (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) أم أين أنت من خبر ذلك الرجل الذي جاء للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: إني جازيتها – ويعني أمه – وحججتُ بها حاملها على عاتقي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ما جازيتها ولا طلقة من طلقات الولادة»…
ففكرْ في ذلك كله وراجع نفسك ملياً يا أخي.
وما أن أكملتُ حديثي هذا حتى نهض صاحبنا كأنه قد أزيلَ جبلٌ عن كتفيه وحين سألته إلى أين؟ لم يلتفت الي ..لكنني سمعته قائلا بينما كان مسرعا في الخروج : أنا ذاهب لأمرغ وجهي بين أقدام والدتي.

نشرت في الولاية العدد 97

مقالات ذات صله