مشروع تأسيس اول مكتبة مختصة بالحداثة في النجف الاشرف

اعداد: محمد حسن هاشم

طالما عرفت النجف الاشرف بمكتباتها العامة والخاصة وما تحويه من نفائس المخطوطات والكتب والاوعية المعرفية المختلفة التي أضفت الى تاريخ الانسانية ارثا حضاريا وثقافيا مهما، ومع تطور الحياة وازدهار الحضارة والعلم آلت النجف الا أن تكون مصدرا ملهما للأفكار الخلاقة والطاقات والابداع في المجالات الفكرية والثقافية والعلمية، وتجسيداً لهذا الحراك الثقافي والفكري تم تأسيس مكتبة مختصة بالكتب الحداثوية التي تهتم بالتطور العلمي والمعرفي والاساليب الحديثة والبحوث العلمية والتطبيقية التي ترقى بالإنسانية الى ما تطمح اليه وهذا ما يدعو له الاسلام في ان يكون الفرد والمجتمع في حالة تطور وتقدم مستمر. تولدت فكرة تأسيس المكتبة المختصة عند السيد عبد الرزاق منصور الطالقاني سنة 2014م فبعد انشاء البناية الخاصة بالحسينية والمكتبة سعى الى ان تكون مكتبته الخاصة بما تحويه من كتب ثرة قديمة ومعاصرة ستكون مصادر ونواة لمكتبة حداثوية مختصة تقع في نفس بناية المكتبة المختصة، تهتم بكل ما هو جديد من أبحاث وكتب فضلاً عن آخر ما توصل اليه العلم والتكنلوجيا الحديثة، مع ما يقدمه هذا المركز من خدمات اجتماعية ودينية متنوعة.

وعن الاهداف التي انطلق من اجلها هذا المشروع تحدث السيد مازن عبد الرزاق الطالقاني مدير المشروع قائلا: (لقد أنشئ هذا المركز ليكون متنوع الخدمات والأهداف لكي يحقق الطموحات الثقافية والفكرية والانسانية، وكان من بين أبرز هذه الأهداف هو الجانب الثقافي والفكري الذي تم تخصيص الطابق الثاني من هذه البناية لها وبمساحة 260متر مربع ليتحول الى مكتبة متخصصة في الابحاث والدراسات الحداثوية لتكون النواة الاولى لمكتبة مختصة في النجف الاشرف، وتأتي أهمية هذا المشروع الفكري والثقافي لمساهمته في رفد الحركة العلمية في المجالات شتى بأهم المصادر والاوعية المعرفية العلمية الحديثة لتكون بأيدي الباحثين في المجالات شتى).
ولتوسيع اثر هذه المكتبة اشار الطالقاني الى (ان كادر المكتبة المختص يسعى الى تأسيس مكتبة رقمية تعنى بالدراسات الحداثوية والاصدارات المعنية بالمتغيرات العالمية والانجازات والافكار الحديثة، وكذلك العمل على الاتصال بالمكتبات والمؤسسات في الوطن العربي وخارجه لتبادل الأفكار ووجهات النظر في هذا الاختصاص، حيث تم الحصول على اكثر من 250 الف كتاب رقمي بانواع العلوم الحداثوية المختلفة من خلال التواصل والتبادل الثقافي مع المكتبات والمؤسسات ومراكز الابحاث الاخرى، فضلاً عن ذلك تم الحصول على الوثائق الهامة والصور القديمة والحديثة والتي تخص مدينة النجف الأشرف بكل تاريخها الثقافي والحضاري).
وعن بناء هذه المكتبة وتصميمها وتجهيزها فقد أكد مدير المشروع الاستاذ مازن الطالقاني قائلا: (لقد كان تصميم المكتبة بمواصفات عالمية خاصة من بناء وتصميم وتأثيث يتناسب مع المستجدات الحديثة كما سيكون تجهيزها بأحدث الخدمات المكتبية من نظام مكتبي وادوات مكتبية وخزائن مكتبية ورفوف وغيرها).
واختتم مدير المشروع حديثه بسعي هذه المؤسسة للتواصل والتعاون مع المكتبات والمؤسسات الثقافية والدينية الأخرى من خلال المشاريع الخيرية.
وفيما يتعلق بالخطط المستقبلية لانجاح هذا المشروع وإظهاره بالشكل اللائق تم تكليف الاستاذ احمد الازيرجاوي للاشراف عليه وادارته، حيث تحدث لنا بهذا الصدد قائلاً: (نطمح في تحقيق ما نتمناه وما نرجوه من انجاح هذا الصرح الثقافي الكبير وتطويره من خلال دعم المؤسس السيد عبد الرزاق الطالقاني من خلال فتح روافد معرفية متنوعة واصدار مجلة تخصصية بالدراسات الحداثوية ودعم بعض المؤلفين في نتاجاتهم الداعمة لهذا المشروع).
واضاف الازيرجاوي: (انطلق المشروع بداية بشراء الكتب الفكرية والتخصصية والمعرفية الحديثة، بمختلف انواعها وعقائدها من كتب الفلسفة والسياسة والعلوم العقلية والتطبيقية .. وما زلنا مستمرين بالبحث عن هذه الكتب في مراكز الدراسات والابحاث العالمية المختلفة من داخل العراق وخارجه)
ويمتد افق هذا المشروع العلمي الى تعظيم الشعائر الحسينية والكفالة الاجتماعية حيث يشير المشرف على المشروع الى (ان مشروعنا هذا يتضمن بناء حسينية سيكون لها دور فاعل في دعم الشعائر الحسينية في المناسبات العامة والخاصة فضلاً عن دعم مشاريع كفالة الايتام ومساعدة المحتاجين وغيرها من المشاريع الخيرية والانسانية).
يذكر ان مؤسس هذا المشروع السيد عبد الرزاق الطالقاني كان قد توفق الى اهداء العتبة العلوية المقدسة الباب الرئيسي لخزائنها، وهي من الابواب الحصينة التي يتم استخدامها في خزائن البنوك الكبرى، كذلك ساهم في إعفاء ودائع العتبة العلوية وحساباتها الجارية المفتوحة في مصرف بابل فضلاً عن فضلاً عن إعفائه للتحويلات والمعاملات المصرفية من عمولة الفوائد المصرفية كافة، حينما كان مديرا عاما لهذا المصرف.
ويأمل القائمون على انجاز هذا المشروع الثقافي الكبير تحقيق القيم والمعاني الانسانية في الحياة العامة اضافة إلى التطور المعرفي والعلمي، لكي تبقى النجف الاشرف عاصمة للثقافة والفكر الاسلامي الخلّاق بما منّ الله تعالى عليها من احتضانها للجسد الطاهر لباب مدينة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنبيائه(عليهم السلام) فأضحت منهلا للعلم والتعلم في حوزتها وهي تمخر بحور كتبها ومكتباتها ومدارسها للانطلاق في مختلف المعارف العلمية والانسانية كضرورة انسانية ملحة.

نشر في الولاية العدد 97

مقالات ذات صله