الآثار النفسية لتخويف الاطفال

سوسن الموسوي -مشيغان/أميركا

أسكت أو أنادي الشبح، نم او سيأتيك الغول كُل الطعام أو سأضربك إبرة.. تهديدات تلقيها الأم على ولدها لينصاع إليها ويسمع كلامها، لكي تسهل عليها تربيته، غير ملتفتة لخطر هذه التهديدات على صحة الطفل النفسية والجسدية، وهو ما لا يريده أي أب وأم، فمثل هكذا تهديدات تترك أثرا سلبيا لدى الطفل تتمثل بعض الأحيان في الكوابيس وعدم الثقة في النفس والتبول اللاإرادي والانطوائية، وبعضها لا يزول أثره حتى لو أصبح شخصا بالغا، فالخوف وباء يزرع داخل الطفل ينمو معه.
ونحن دوما نواجه الكثير من الذين يعانون من خوف الظلام أو حقنة الدواء وغيرها نتيجة لتراكمات الطفولة التي تمنعهم من مواجهة الحياة بقوة، لما بداخلهم من عقد نفسية فهم دوما مترددين خائفين من العواقب يقعون فريسة لأي شخص يواجههم في المدرسة والشارع أو العمل وغيره.
التهديد والترغيب هما احد طرق التربية للطفل إن تم بصورة صحيحة، كأن تقول للطفل: (خذ الدواء كي لا تشعر بالألم مرة أخرى) أو: (أذهب إلى فراشك ليرتاح جسمك وتنمو وتصبح قويا).
على الأهل إيجاد لغة تفاهم فيما بينهم، فلا يجوز لهم زرع الرعب لدى الطفل كي ينصاع إلى أوامرهم متناسين عواقبه التي تتراكم مدى الطفولة ولا تذهب عند الكبر، وللأسف عادة ما تكون من أشياء لا تخيف بحد ذاتها كالغول الوهمي الذي يزرعونه بذهن الطفل وحقنة الدواء المفيدة لصحته، وهذا يعدم ثقة الطفل بنفسه وحتى بوالديه، لأنه يرى أنهما لا يمكنهما حمايته من الوحش إن أراد أن يفتك به.
وقد يزيد الأمر سوءً عندما يطلب احد الوالدين من الطبيب أو المعلم تخويف الابن أن لم يسمع كلامهما، فيشعر الطفل أن الرعب حوله بكل مكان: غول تحت السرير، وشبح في الظلام، وطبيب في العيادة ومعلم في المدرسة، ووالدان لا ينفكان عن تذكيره بوجود الخوف حوله كلما عارضهم ورفض شيئا، وهنا من بقي للطفل ليلجأ إليه؟.
إن علماء النفس أكدوا أن الخوف يتحول إلى شحنات سلبية داخل الطفل تتحول إلى سلوك معادي، لذلك يفاجئنا الطفل في بعض الأحيان بتصرف عنيف مع اقرأنه أو في المدرسة نتيجة تكرس الخوف لديه، ونتفاجأ مذهولين: من أين جاء بهذا التصرف الذي لم نعهده سابقا؟
غير منتبهين أننا مَن زرع هذا الخوف الذي تحول إلى عنف كوسيلة دفاع عن النفس لدى أبنائنا بطرق التربية الخاطئة، فعلى الوالدين عدم تجاهل ذهن الطفل، وانه قادر على استيعاب ما ينفعه ويضره والتحدث معه بطريقة يفهمها كي نمنعه مما يجب منعه وإقناعه بما يجب فعله، من دون عقد نفسية تستمر معه مدى الحياة لا سامح الله.

نشر ت في الولاية العدد 99

مقالات ذات صله