العتبة العلوية تزيح الستار عن قبة مرقد امير المؤمنين عليه السلام

يغطي الضريح العَلَوي المقدس قبة ذهبية بصلية الشكل برقبة طويلة مميزة ، وتعد من أكثر القباب دقة وتنسيقاً وأروعها منظراً ومهابة ، لذا قل ما يوجد لها نظير بين قباب الأضرحة والمساجد أيضاً في العالم كله ، وذكر الرحالة نيبور الذي زار النجف الأشرف سنة 1765م بقوله: (ليس هنالك في أي مبنى في العالم سقف أثمن من هذا السقف).
اليوم وبعد عقود طويلة من الزمن تم أعادة تذهيب وصيانة بلاطات هذه القبة المشرفة من جديد بعدما انشب الزمن وممارسات الطاغية الرعناء أظفاره فيها فتهالكت بلاطاتها وخف بريق ذهبها .. لتعود من جديد متألقة وهاجة تسحر الناظر ببهائها وهيبتها بجهود أستثنائية من قبل خدم مخلصين أنبروا لهذا لعمل وواصلوا الليل والنهار من أجل أنجازه على اتم وجه..

حفل بهيج
أقامت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة حفلا كبيرا بمناسبة إزاحة الستار عن قبة مرقد الإمام علي(عليه السلام) بعد إعادة تذهيبها ووضع الإكليل والشعاع والكف في قمة هرمها وذلك خلال حفل بهيج حضره سماحة المرجع الديني الشيخ محمد إسحاق الفياض ورئيس ديوان الوقف الشيعي السيد علاء الدين الموسوي وأمناء وممثلو العتبات المقدسة الحسينية والعباسية والكاظمية والعسكرية والأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة، وضيوف من داخل محافظات العراق ومن الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
افتتح الحفل بآيٍ من الذكر الحكيم تلاها على أسماع الحاضرين القارئ أحمد النجفي، ثم كانت الكلمة للامين العام للعتبة العلوية المقدسة السيد نزار حبل المتين جاء فيها: نجتمع اليوم لنزيح الستار عن قبة تناهت اليها الملوك.. وانحنت تحتها التيجان منذ هارون الرشيد الى الداعي الصغير وعضد الدولة والاليخانيين والشاه عباس الاول والشاه صفي وهم الذين قاموا بأعمارها وتجديد بنائها . فمنذ سبعمائة سنة بقيت معالم التصميم للعلامة الشيخ البهائي الى يومنا هذا وهذه احدى ميزات العتبة العلوية التي حافظت على هذا التراث الثمين دون التلاعب فيه وحتى عندما أعيد تذهيب القبة العلوية المباركة حرصنا على إعادة الوحدات الذهبية نفسها بإعادة تذهيبها وهو أمرٌ ليس بالسهل والميسور.
اضاف الامين العام : حرصنا على إعادة الكف والشعاع الذهبي الذي أخفي طيلة ستة وثلاثين عاما عندما أزاله النظام المقبور عن القبة الشريفة حقداً وحسداً وانتقاماُ.
وفي الختام شكر الامين العام المساهمين بأنجاز المشروع قائلاً: أتقدم بالشكر والامتننان لكل من ساهم في انجاز هذا العمل المبارك من منتسبين ومتطوعين ومهندسين وأخص بالشكر رئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة حجة الاسلام السيد علاء الدين الموسوي والمرحوم الحاج رشاد مرزة الذي كان له يد السبق في هذا العمل والشكر الى مسؤول شركة الكوثر الايرانية حسن بولارك والكوادر العاملة في الشركة لما بذلوه من جهد ومثابرة سائلين الله ان يجعل هذا العمل في ميزان حسناتهم..
ثم القى رئيس ديوان الوقف الشيعي السيد علاء الدين الموسوي كلمة جاء فيها: ان عملية تجديد تذهيب القبة هي الثانية من نوعها عقب عملية التجديد الاولى التي بوشر فيها عام 1968 بأمر من المرجع الاعلى انذاك الامام السيد محسن الحكيم اذ تحمّل كلفة المشروع بالكامل المرحوم الحاج رشاد مرزة وقد بلغت كلفة تذهيبها بعد ثلاث سنوات من العمل مليون دينار في ذلك الوقت.
واضاف السيد الموسوي: ان عملية التجديد الثانية هذه باشرت بها الامانة العامة للعتبة العلوية المقدسة بعد ان وفّرت ما يقرب من 190 كغم من الذهب وتكفّلت شركة الكوثر الايرانية بتوفير الخبراء والمشرفين على مراحل العمل في التذهيب. مؤكداً: ان هذه العملية تمت بإيعاز وإشراف كامل من قبل المرجع الأعلى السيد علي السيستاني حفظه الله تعالى.
ثم كانت الكلمة لرئيس الأوقاف والشؤون الخيرية الإيراني السيد علي محمدي التي جاء فيها: نشم دائما عطر الوحدة والتحام القلوب وهذا ما يؤكده دائما وابدا مراجعنا العظام وعلى مر التاريخ الاسلامي. مايدور اليوم في العراق وسوريا هو مصداق للخط الامامي للدفاع ضد الكفر والنفاق ضد اتحاد جميع الاعداء الذين يحاولون ضرب التشيع ضرب الاسلام المحمدي الاصيل».
وأضاف: ان هذا المشروع يعتبر ضمن سلسلة مشاريع اعادة اعمار القباب في كربلاء والكاظميين وسامراء وذلك عبر جهود اكثر من 1275 شخصا من الفنانين والخدمة الذين شاركوا في انجاز هذه المشاريع، واتقدم بالشكر لجميع اعضاء اللجنة المختصة في هذا المشروع والموكلة من قبل العتبة العلوية وكذلك لجميع الشعب العراقي العزيز العاشق لاهل البيت عليهم السلام ولعشاق اهل البيت في ايران واخص بالذكر محبي اهل البيت في محافظة خوزستان الداعمين للتنفيذ هذا المشروع.
ثم كانت الكلمة لمسؤول شركة الكوثر رئيس لجنة إعادة إعمار العتبات المقدسة في العراق المهندس حسن بولارك قال فيها : ان هذا المشروع الذي حمل شعار (يا علي) بدا العمل به منذ الشهر التاسع من العام الماضي إذ أنجز ترميم وإعادة نصب 9658 طابوقة بأحجام متفاوتة وعلى مدى 15 شهراً وبمشاركة 1275 شخصا منهم الفنانون والعمال وبإشراف قسم الصيانة في العتبة العلوية المقدسة.

أحداث وأرقام
تعد القبة العلوية المباركة الماثلة أمام المحبين اليوم هي القبة الخاصة بالعمارة الصفوية التي أقيمت على قبر أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل أربعة قرون، إذ أمر الشاه عباس الأول الكبير بتشييدها وأتمها بعده حفيده الشاه صفي الصفوي.
• في العام 1743 ميلادي تم إكساء القبة العلوية بالبلاطات النحاسية المطلية بالذهب الخالص وذلك بأمر من السلطان نادر شاه الأفشاري الذي خلف الحكم الصفوي في إيران.
• في العام 1886 ميلادي جرى ترميم القبة الشريفة بعد إصابتها بشقوق وتصدعات بفعل العوامل الجوية، إذ تم تطويق القبة المباركة بعد قلع الذهب بالحديد وأعيد ترميمها باشراف المعمار اشهير الحاج محسن والاستاذ النجار حسين الشمس ثم أعيدت اليها الصفائح الذهبية كما كانت.
• في العام 1928 ميلادية تضعضعت بعض الصفائح الذهبية للقبة وحدث تصدع فيها مما أدى الى دخول مياه الأمطار الى داخلها فتم رفع الصفائح الذهبية وترميم الاضرار باشراف الحاج سعيد نجل الحاج محسن المعمار.
• في منتصف العقد السادس من القرن العشرين اصيبت القبة العلوية بتصدع كبير فابتدأ العمل بترميمها بتبرع من التاجر الحاج محمد رشاد مرزة وقد دام العمل سنين عدة حتى انتهى في العام 1971 ، وقد قدرت تكاليف تذهيب القبة آنذاك نحو مليون دينار عراقي.
• في العام 1991 تعرضت القبة العلوية المقدسة الى قصف مدفعي من النظام البعثي الغاشم إثر الانتفاضة الشعبانية المباركة، وقد أصيبت بإصابات بليغة وبخاصة الجهة المطلة على الشمال منها، وبعد استتباب الأمن أعيد ترميم القبة بصفائح جديدة يمكن تمييزها عن الصفائح الأصلية القديمة التي بقيت سالمة.
• في العام 2009 ميلادي أكملت العتبة العلوية المقدسة في عهد أمينها العام السيد مهدي الحسيني إعادة حزام القبة اليها بعد ترميمه وتأهيله وذلك بعد سنين طويلة من رفعه من قبل النظام البعثي البائد.
• في العام 2013 بدأت العتبة العلوية المقدسة في عهد أمينها العام الشيخ ضياء الدين زين الدين بالعمل على مشروع تذهيب عنق القبة العلوية بارتفاع خمسة أمتار وعشرين سنتمترا أسفل حزام القبة، وبتنفيذ من قبل ورشة التذهيب التابعة الى العتبة العباسية المقدسة وكان عدد القطع الذهبية التي تم استبدالها في هذا المشروع بلغ 2525 قطعة مع تبديل شبابيك القبة البالغة اثني عشر شباكا من قبل كوادر قسم الصيانة الهندسية في العتبة العلوية المقدسة.
• في العام 2016 أكلمت العتبة العلوية المقدسة في عهد أمينها العام السيد نزار حبل المتين إعادة ترميم القبة العلوية المباركة بشكل كامل بعد سنين من الإصلاح شمل البناء الخاص بالقبة وتقويته وإعادة تذهيب الصفائح الذهبية الخاصة بها، تحت إشراف وتنفيذ مؤسسة الكوثر لاعمار العتبات المقدسة.

نشرت في الولاية العدد 101

مقالات ذات صله