حيدر رزاق شمران
يعد الشيخ عبد الحسين محي الدين من الشعراء الزاخرين بالشاعرية ورقة الأحاسيس وحسن الاسلوب الشعري الذي كان يوصف بحسن الديباجة ورصانة السبك ولقد لاقى شعره اعجابا كبيرا من قبل أدباء عصره، فكان أديبا اتسم ببساطة المفردة في صياغة الصورة الشعرية التي كان يرسمها بتلقائية وعفوية.
ولادته ونشأته
هو الشيخ عبد الحسين بن الشيخ قاسم آل محي الدين النجفي وهو عالم جليل وشاعر كبير واديب لامع.ولد في مدينة النجف الاشرف ونشأ بها متلقيا علومه على يد والده الذي قام برعايته وتزويده بمبادئ المعرفة والعلوم حتى اوصله الى ما هو عليه من الفكر الواسع والعلم الجزيل والثقافة العالية.
شهادة معاصريه
وقد تحدث عن شاعرنا الشيخ ابراهيم صادق في كتابه الكشكول حيث وصفه وصفا فنيا حين قال عنه : سلافة العصر وريحانة الدهر مؤسس قواعد الادب وعامر ربوعها بعد الخراب وقنن قوانين النظم بأفكاره العجاب والباهر بأفكار حكمه ذوي الالباب والمشيد اركانها بعد الانطماس والمبين رسومها بعد الاندراس المجدد آثارها والمغدق انهارها والجاني جني ثمارها وزهرة ازهارها ابو الآداب نجم الدين بد المجد ونجم السعد واخو المآثر والمفاخر وعز السجايا البواهر فارس ميدان الشعر وخطيب اعواد النثر
اما صاحب الحصون فقد ذكره في مجلده الثامن صفحة 98 فقال : كان ذا فهم وقّاد سريع البديهة جدا حتى انه لينظم القصيدة والقصيدتين في الان الواحد من انه اتفق معه وهو مشغول بالانشاء وحوله من الكتّاب جماعة يصدّر لبعض ويعجز للاخر على وجه ينشي للجميع منهم بسرعة بداهته وكانت له اليد الطولى في جميع فنون الشعر قريضها وغيره من بدويّها وحضريّها مما هو متعرف في مثل هذه الازمان بل كان اعجوبة في الفذلكات والظريف وحسن الاجوبة الحاضرة نثرا ونظما.
موشحاته
وقد نظم الشاعر الشيخ عبد الحسين محي الدين الموشحات الشعرية ومن نماذجها :
هذا هو الحجة البيضاءُ به تباهي الشرعة الغراءُ
مذ ارضعته درّها الزهراءُ اولى بأن يهدى له الثناء
وما عسى اقول عند النصف ِ بمن اتى بهم مديح الصحفِ
وصرحت به مثاني السور ِ
اما ابوه فأبو الائمه وجده فهو شفيع الأمه
طوبى لمن املّه وأمّه لرغبة ونكبة ملمّه
من مستغيثٍ وعديمٍ مُعنف ِ يرجع في نيل المنى ويشتفي
مما يلاقي من عظيم الضرر ِ
ادبه الشعبي
وكما ابدع الشيخ عبد الحسين محي الدين في الشعر العربي القريض فقد ابدع ايضا في الادب الشعري الشعبي وكتب في جميع اصنافه وفنونه وقد لاقى اعجابا كبيرا من قبل شعراء عصره.
وقد توفي الشاعر الشيخ عبد الحسين محي الدين سنة1271للهجرة.
وجئتك يا خير النبيين..
ومن قصيدة له في مدح الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم) اخترنا منها هذه الابيات..
قوام قضيب البان أم صعدةٍ سمرا أم الخود ثنى خوط أعطافها سكرا
تودعني توديع من عزّ قربه ولي المقلة العبرا من الكبد الحرا
قفي ساعةً يقضي الفؤاد مرامه من الوصل ما أبقيت من رمقي القترا
فيا صبح جاهد كافراً طال واستعن عليه بنور المصطفى تجد النصرا
محمدٌ الهادي التهامي أشرف النـ ـنبيين نور اللَه خير الورى طرّا
نبي هدىً في كفه سبّح الحصى ومن قربه الجذع اليبيس قد إخضرا
لقد خمدت نار المجوس بنوره وإيوان كسرى قد أصاب به كسرا
سرى ليلة المعـراج من بيت ربه إلى المسجد الأقصى فسبحان من أسرى
لقد خص بالأولى بأشرف رتبةٍ لديه وفي الأخرى له رتبةً أخرى
ومن بعده الطهر الزكي وصيه بأمر من الرحمن في ذاك لا يمرا
علي ولي اللَه موضع سره وهل كان غير القلب يستودع السرا
وعروته الوثقى لمستمسك به وآيته العظمى وحجته الكبرى
ونفس الرسول المصطفى وابن عمه ووارثه المخصوص بالبضعة الزهرا
فقل لعلي يسقني منه شربةً إذا جئت من فرط الظما اشتكى الحرا
وخذ بيدي يا من يعز وليه فإن ذنوبي أثقلت مني الظهرا
وجئتك يا خير النبيين متحفاً بشعرٍ حوى في سمط ألفاظه الشعرى
فخذ سيدي بيت القــريض فإنما عقود لآليه لغيرك لا تشرى
معطرة الأنفاس مهما نشرتها وجدت بها من طيب أوصافكم نشرا
ويرخص سعر الشعر في مدح سيد إله السما في مدحه أنزل الذكرا
أيُّ يومٍ نرى الكتائبَ تترا ..
وله قصيدة في استنهاض الامام الحجة ابن الحسن (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) قد اخترنا منها هذه الابيات..
ترتجي من هوى الغواني انطلاقا بعد ما أحكم الفؤاد وثاقا
لم يقدني الهوى إليها وكم قاد هواها أخا النهى استراقا
لم يشنف سمعي سوى صوت داعٍ طبقت دعوة له الآفاقا
ملكٌ تحدق الملائك فيه ولعلياه تشخص الأحداقا
وتظل القلوب تخفق خوفاً إن تراءى لواؤه خفاقا
ظللته غمامةٌ قد أظلت جده المصطفى ومدّت رواقا
ولديه عيسى المسيح وزيرٌ والبرايا خواضعٌ أعناقا
إن دجا حالك الضلال جلاه بجبينٍ يحكي الصباح انفلاقا
وبه اللَه ينشئ الأمر في النا س جميعاً ويبسط الأرزاقا
ويعيد الدين الحنيفي غضّاً والهدى باسقاً به أوراقا
يا ابن بنت النبي غوثاً فإنا قد سقينا بالصبر مراً ذعاقا
فإلى م احتمالنا من عداكم محناً حملُ ضرّها لن يطاقا
فأغثنا ياغوث كل صريخٍٍ ففضا الرحب في مواليك ضاقا
أي يومٍ نرى الكتائب تترا تتهادى سلاهباً ونياقا
قد أقلت صيداً تظل قلوب ال صيد منها خوافقاً إشفاقا
إن تناءت بآل ثار حسينٍ وبنيه تدكّ سبعاً طباقا
نشرت في الولاية العدد 101
