سماحة الشيخ احسان كامل السماوي

العلم نور ، والجهل ظلام .. كلمة مدوية في كل زمان ومكان ، وقد يرددها الكثير ولكن بلا تطبيق علمي و واقعي ، لذا نرى مجتمعاتنا اليوم تراوح في مكانها ، ولابد لها من نهضة تدفعها الى الامام لتلتحق بركب العلم والتقدم ، ولا تصل المجتمعات لهذه المرحلة دون ايجاد مقومات النهوض والرقي ، ولا بد من جهود خيرة تنبع من داخل المجتمع للنهوض به ، والشيخ احسان السماوي وكيل المرجعية الدينية من بين الذين أسهموا للنهوض بواقع مجتمعه من خلال تأسيس مراكز ثقافية وفكرية للمساهمة في رفع المستوى العلمي والثقافي لأبناء محافظته ، ومن خلال سعي العتبة العلوية المقدسة للانفتاح المعرفي والفكري على المحافظات والمؤسسات الفكرية والثقافية فيها ، كان لقاؤنا بسماحة الشيخ احسان السماوي للحديث عن الواقع الثقافي والعلمي داخل المجتمع .

برأيكم ما سبب عزوف المجتمع ولاسيما الكثير من الشباب عن ثقافة القراءة ؟
القراءة هي مصدر الوعي ونماء العقول وبناء للثقافات المتنوعة، وبها تحصل الرفعة والتقدم والازدهار، الأمر الذي باتت الامة تجهله، ولم تُعد قارئة في زمن أصبح العالم يُحكم فيه بالعلم والمعرفة.
إن العزوف عن القراءة مشكلة يواجهها المجتمع في الوقت الحاضر بشكل عام مع العلم أن القراءة وسيلة فعالة للتعليم والنجاح في الحياة، وهناك الكثير من المفكرين والقادة العصاميين الذين اكتسبوا كل معارفهم بواسطة القراءة خارج صفوف الدراسة.
لذلك فالقراءة وسيلة مهمة للتعلم الذاتي والتعلم التقليدي، وأن نعلّم أطفالنا كيف يقرؤون، يعني أننا نعلمهم كيف يتعلمون.. لكن من الواضح أن الأطفال والشباب أصبحوا اليوم أقل اهتماما بالقراءة من الأجيال التي سبقتهم
وهناك أسباب عدة لعزوف الأطفال والشباب عن القراءة، فمن جهة توجد اليوم الكثير من الهوايات المنافسة للقراءة والتي تستهلك الوقت، منها التلفزيون، والإنترنت، وألعاب الفيديو وتُعد هذه الاجهزة وسائل ترفيه وليست مصادر للمعرفة، حيث غدت في متناول الجميع، وأصبحت تستهلك الوقت وتبعد الأطفال والشباب ليس عن القراءة وحسب، وانما حتى عن مراجعة دروسهم وحل واجباتهم و من جهة أخرى، فإن الآباء والأمهات هم أنفسهم قد وقعوا في المصيدة، وأصبحوا لا يستطيعون منع أطفالهم من الإفراط في البقاء طويلا أمام شاشة الحاسوب أو التلفزيون أو الهاتف الذي أدخلت فيه تقنيات شغلت عقول الكثير من الأطفال والشباب ومع ذلك أتمنى من الجميع أن يحثوا الأطفال والشباب على مداومة قراءة القرآن والكتب والمجلات المفيدة، وأن تتضمن مناهجنا المدرسية مواد محفزة على القراءة، والاعتناء بالمكتبات العامة ورفدها بالصحف والكتب الجديدة والجاذبة.
سماحة الشيخ ما تقييمكم العلمي و الثقافي لواقع المجتمع في مدينتكم ؟
السماوة مدينة على اطراف الصحراء وواحة من نخيل ومهد الحضارة ومضايف الكرام مدينة انجبت الشعراء والادباء والفنانين والمفكرين و هذا دليل على امتزاج الثقافة باهلها منذ الزمن البعيد على الرغم من بساطة أهلها لكون اغلب أهلها هم من الفلاحين و المزارعين ولكن لم يسبب هذا عدم اندماج أبنائها بالمدارس و الجامعات لاكتساب العلم و المعرفة جنبا الى العمل الشاق لتكون لأبناء المحافظة بصمة في المجال العلمي و الثقافي ،وقد برز فيها عديد من العلماء والمثقفين بعد حركة النهوض العلمية التي قادها مجموعة من ابناء المحافظة ، فالمحافظة حبلى بعديد من العقول النيرة على جميع الاصعدة فترى الشاب يتكيف مع حاجاته المرحلية وذلك بتصنيع الروبروت لدعم الحشد الشعبي والطائرات المسيرة وغيرها
ما أبرز خطواتكم لخلق التوازن بين التطور التكنلوجي و ثقافة القراءة ؟
أن من أهم القضايا التي ساعدت المجتمعات على النهوض بالمشهد الثقافي المتمثل في القراءة هو الندوات الثقافية و البرامج الثقافية التي تحث على أهمية الكتاب و دوره في إيصال المعلومة ، وأن هناك شريحة مفقودة وغائبة وهي أولياء الأمور، إذ ينبغي تنبيههم بضرورة توعية أطفالهم وتعويدهم على القراءة فإن إنجاح أي فكرة تعليمية يجب أن يكون محورها الأساسي هو الأسرة .
و كما ينبغي تشجيع أفراد المجتمع على ارتياد المكتبات، وتسهيل دخولهم إليها وقراءة الكتاب لتحبيبهم على هذه الثقافة، بدلاً من فرض رسوم على الانتساب للمكتبة ،كل هذه العوامل سوف تساهم في خلق توازن بين ثقافة التكنلوجيا التي تصاعدت بنسبة عالية و بين ثقافة الكتب التي تدنت بنسة عالية.
وقد عملنا بمساعدة الخيريين من ابناء هذه المدينة من تأسيس مكتبة عامة في المحافظة وفرنا فيها اهم المصادر المعرفية لتكون بخدمة شرائح المجتمع كافة ، وكذلك انشأنا مركز الهدى الثقافي وهو مركز علمي وفكري يساهم في تطوير القابليات الفكرية والعلمية ، اضافة الى اصداره عددا من الكتب الثقافية ، وكذلك نعمل من خلال مؤسسة العين لدعم شرائح الايتام والارامل ليس ماديا فقط بل ايضا فكريا وتوجيهيا ، فلدينا ما يقارب ال 2500 يتيم تقوم المؤسسة برعايتهم ماديا ومعنويا وثقافيا ، ونأمل من المؤسسات الدينية لاسيما العتبات المقدسة بالتعاون الثقافي والفكري معنا لمساعدة هذه الشرائح المحرومة في المجتمع .
كلمة لمن توجهها ؟
تضطلع العتبات المقدسة بدور فكري وثقافي مهم داخل المجتمع سواء في الداخل والخارج بما لديها من حب ومقبولية لدى جميع الاتجاهات والفئات ، لذا اتمنى ان تستغل العتبات هذا الحب والتعاطف لنشر الثقافة والفكر مباشرة او من خلال التعاون مع المؤسسات الثقافية في المحافظات ونحن على استعداد دائم للتعاون مع العتبات في المجالات كافة.

نشرت في الولاية العدد 103

مقالات ذات صله