شاعر وقصيدة

حيدر رزاق شمران

يعد الشاعر جواد البلاغي من شعراء النجف الأشرف المبدعين الذين تميزوا بغزارة شاعريتهم في ايصال المعلومة العلمية والعقائدية وسبكها في اطار فني واستحسانها من قبل المتلقي كما تميز بعطائه الثر للمكتبة الاسلامية من خلال شعره وادبه وحسن اسلوبه ونتاجه العلمي الوفير.
نسبه ونشأته:
هو الشيخ جواد بن حسن بن طالب بن عباس بن ابراهيم بن محمد البلاغي الربعي النجفي ..
ولد شاعرنا في النجف الاشرف عام 1282هـ ونشأ بها وقد تتلمذ على ايدي علماء عصره الكبار امثال الشيخ اغا رضا الهمداني والشيخ محمد طه نجف والشيخ ملا كاظم الخراساني ثم هاجر الى سامراء في ايام الميرزا محمد تقي الشيرازي واتم اعوامه العشرة هناك في صحبته قبل ان ينتقل الى الكاظمية ليمكث فيها سنتين بين اوساط حوزتها العلمية ثم قفل راجعا الى مدينته النجف الاشرف حيث استقر بها واخذ يـزاول عمله في البحث والـدرس والتـأليف.
اقوال معاصريه فيه:
لقد لاقى الشيخ البلاغي اعجابا منقطع النظير بين اوساط معاصريه من العلماء والادباء والكتاب والباحثين فقد ذكره صاحب الحصون في مجلده التاسع صفحة 186 حيث قال: فاضل معاصر مجد في تحصيل العلوم واديب شاعر مصنف وهو من بيت كلهم علماء اتقياء وهو اليوم نزيل سامراء وله شعر حسن الانسجام.
اما النقدي فقد ذكره في الروض النظير صفحة 304 حيث قال:عالم عِلم مهذب..وفاضل كامل مذرب..وآباؤه كلهم من اهل العلم اشتغل في طلب العلم وهاجر الى سامراء عام 1326هـ، وصنف فيها كتاب داعي السلام وداعي النصارى وكتاب الرد على جرجيس سايل وهاشم العربي ولم يتما للان وله في الادب اليد غير القصيرة وشعره جيد حسن.
اما السيد الامين فقد قال عنه في الاعيان ج17 ص68 :كان عالما فاضلا اديبا شاعرا حسن العشرة سخي النفس صرف عمره في طلب العلم وفي التأليف والتصنيف وله عدة مؤلفات في الردود.. صاحبناه في النجف الأشرف ايام اقامتنا فيها ورغب في صحبة العامليين فصاحبناه وخالطناه حضرا وسفرا عدة سنين الى وقت هجرتنا من النجف الأشرف فلم نر منه الا كل خلق حسن وتقوى وعبادة وكل صفة تحمد وجرت بيننا وبينه بعد خروجنا من النجف الأشرف مراسلات ومحاورات شعرية ومكاتبات في مسائل علمية وكان شريكنا في الدرس عند مشايخنا في النجف الأشرف.
آثاره العلمية:
لقد كتب شاعرنا الشيخ البلاغي الكثير من المؤلفات في مختلف الجوانب العلمية والادبية والفقهية وغيرها وقد تناول في اغلب مؤلفاته مشاكل ومعضلات العصر التي تتعلق بالعقائد ودافع بقلمه النير عن الدين الاسلامي مقابل الاديان الاخرى كالديانة المسيحية بحجج عالية المفاهيم مدعومة بالأدلة البينة والمتينة ولا سيما في كتابه (الرحلة المدرسية) الذي لاقى رواجا كثيرا بين الاوساط الثقافية المختلفة.
ومن مؤلفاته الاخرى: الهدى الى دين المصطفى في جزئين ـ التوحيد والتثليث ـ إبطال فتوى الوهابيين بهدم قبور البقيع في الحرمين ـ البلاغ المبين في الإلهيات ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن ـ وغيرها من المؤلفات الاخرى.
آثاره الشعرية:
لقد تميز الشيخ البلاغي بشعره الرصين الذي وظفه في خدمة العقيدة الاسلامية بأسلوب ادبي سبيك وبمظهر فني متين يستذوقه السامع ويستحسنه المتلقي ..
يصفه الشيخ الخاقاني في مجلده الثاني صفحة 442 حيث يقول:»والمترجم له مع كونه من زعماء الدين الا انه وجد ان الشعر من العناصر التي توصل كثيرا من الحقائق الى راودها كما انه رآه اجمل وعاء يحتفظ بالخواطر العلمية ضمن اطار فني وهو بهذا الرأي وغيره اندفع يمارس النظم منذ الصبا واستمر فيه الى آخر حياته حيث صار يودعه كثيرا من آرائه في العدل والتوحيد وما الى ذلك من اسس الدين الاسلامي وفلسفته وكان لانشغاله لم يعتن بمنظومه فقد ذهب في اوراق له ذهبت خلال اسفاره وتنقلاته ولم يبق منها الا ما عثرنا عليه عن طريق المجاميع والروايات وما سجله صاحب الاعيان».
وفاته:
توفي الشيخ جواد البلاغي في النجف الاشرف بمرض ذات الجنب وذلك في ليلة الاثنين 22 شعبان 1352هـ ودفن في الصحن الحيدري الشريف في احدى غرفه من الجهة الجنوبية وقد رثاه الكثير من الشعراء الكبار امثال خاله العلامة السيد رضا الهندي والشيخ العالم محمد رضا المظفر والشيخ محمد علي اليعقوبي كما ابّنه العديد من علماء عصره البارزين.

نشرت في الولاية العدد 103

مقالات ذات صله