لقاء مع مدير المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية

حيدر محمد الكعبي

في خطوة رائدة على مستوى المؤسسات الاسلامية في العراق، عمدت العتبة العباسية المقدسة الى انشاء مؤسسة بحثية تعنى بالدراسات الاستراتيجية تتعلق بالقضايا الاسلامية المعاصرة.
وللتعرف على هذه المؤسسة عن كثب، التقت الولاية بمدير المركز السيد هاشم الميلاني ووجهت له بعض الاسئلة حول طبيعة عمل المركز واهدافه فكان هذا الحوار:

ما المقصود بالدراسات الاستراتيجية.. ولم اخترتم هذا العنوان؟
الاستراتيجية تعني الخطط والبرامج التي تُقدّم لمعالجة حالة معينة مستقبلاً، ولا تخص بحقل معرفي دون آخر، فكما لنا دراسات استراتيجية في المجال السياسي والعسكري، فلنا أيضاً دراسات استراتيجية في المجال الديني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وهكذا.
ومن هذا المنطلق تم تأسيس «المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية» التابع للعتبة العباسية المقدسة في النجف الأشرف في شهر شعبان من العام 1434هـ.
يختص عمل المركز في مجال الاستراتيجية الدينية، ويهدف إلى وضع خطط وبرامج مستقبلية في المجال الديني والثقافي بالاعتماد على الماضي ودراسة الحاضر لتحسين الوضع ومعالجة المخاطر المحدقة في قابل الايام.
يهتم المركز الإسلامي كثيرا بموضوعية الاستشراق.. ما السبب في ذلك؟
الاستشراق موضوع خصب يستهوي كثيراً من الأقلام؛ على الرغم من مرور قرون على رواجه، وما تزال الدراسات تترى الواحدة تلو الاُخرى في هذا المجال سواء التي كتبها المستشرقون أم التي حيكت بأقلام المسلمين في نقد الاستشراق أو الدفاع عنه في حقول المعرفة المختلفة.
ولرصد حركة الاستشراق ـ ما له وما عليه ـ قمنا بتفعيل هذا القسم ليتولّى المهام الاتية:
1ـ عمل ببليوغرافيا متكاملة بالمستشرقين القدامى والمعاصرين.
2ـ تجميع الدراسات والبحوث والكتب المؤلّفة حول الاستشراق.
4ـ إصدار مجلة «دراسات استشراقية» فصلية محكّمة فضلا عن إصدار وطباعة كتب مختصة في هذا الشأن.
5ـ التواصل مع المراكز والمؤسسات الاستشراقية.
6ـ إقامة ندوات ومؤتمرات ودورات تعليمية في هذا المجال.
ما نشاط المركز بخصوص علم العقيدة الاسلامية؟
ان علم الكلام والعقائد يعدان العمود الفقري في مجال الدراسات الدينية، لذا فان المركز يحتوي على قسم متخصص في ذلك، ويتكفّل هذا القسم بالدفاع عن العقيدة وردّ الشبهات المثارة على العقيدة الاسلامية.. من خلال المحاور التالية:
إصدار مجلة «العقيدة» وهي مجلة فصلية تخصصية تعُنى بمسائل العقيدة وعلم الكلام القديم والجديد.. فضلا عن إصدار وطباعة كتب كلامية عقيدية.. بالإضافة إلى تدوين موسوعة التراث الكلامي الشيعي و متابعة الكتب والفضائيات والمواقع الإلكترونية التي تبثّ الشبهات والإجابة عنها.
للمركز الإسلامي قسم بعنوان (قسم الرصد)، ما طبيعة هذا القسم وما الغاية منه؟
يتكفل هذا القسم برصد وسائل الإعلام المرئية والمقروءة وينقسم على قسمين: الاول (الرصد الفضائي) الذي يكون فيه رصد أهم البرامج التي تعرض على الفضائيات السياسية والدينية ـ إسلامية وغير إسلامية ـ وتصنيف محتواها وتوثيقها لتكون مهيّأة لاستفادة الباحثين.
أما القسم الآخر فهو (الرصد الإلكتروني) إذ يكون فيه رصد أكثر من ثلاثمئة موقع إلكتروني إخباري وسياسي ومراكز دراسات باللغة العربية، وسحب أهم الدراسات والتقارير والتحقيقات منها ووضعها تحت متناول النخبة الفكرية في الحوزة والجامعة من خلال نشرة «الرصد» الشهرية ليكون هؤلاء على علم بمجريات الاحداث الفكرية والاعلامية التي توثقها الشبكة العنكبوتية.
ولنشرة الرصد ملاحق تصدر بين الحين والآخر تسلط الضوء على مفردة من المفردات الساخنة وتعكس أهم الدراسات المقدّمة حولها.
كما ان وحدة الرصد الالكتروني خصصت جانباً من عملها لمتابعة مراكز الفكر الغربية وترجمة أهم الدراسات المنشورة بلغات أجنبية حول الشيعة والتشيع ونشرها على نطاق محدود تحت عنوان : (رأي آخر).
هل للمركز وقفة مع الفكر المعاصر لاسيما أنّ هذا الفكر حاضر اليوم وله الكثير من المجسات المؤثرة؟
لقد أفرزت الحضارة الجديدة أدبيات معرفية حديثة تختلف عمّا كانت عليه سابقاً إذ حاولت تغيير المنظومة الفكرية من إلهية غيبية إلى دنيوية عصرية تقيس الأمور بمقياس العلم والتجربة، فأثّرت في جميع الحقول المعرفية لا سيما الدينية منها، مما استدعى انشاء قسم متخصص بالدراسات المعاصرة يتكفل معالجة ومتابعة هذه الأمور ويتطرق إلى:
1ـ تدوين معجم المصطلحات المعاصرة العلمية والفكرية.
2ـ ببليوغرافيا بأهم شخصيات الفكر المعاصر.
3ـ تجميع البحوث والدراسات والكتب المؤلّفة في الفكر المعاصر عرضاً ونقداً.
4ـ طباعة ونشر الكتب.
5ـ إقامة ندوات ومؤتمرات ودورات تعليمية.
يجرنا الحديث عن الفكر المعاصر الى الحديث عن الدراسات الغربية، فهل للمركز نشاط في هذا الصدد؟
الغرب عملة ذات وجهين: وجه مشرق بالتقدم والتطور والتقنية العالية، ووجه مظلم بالاستكبار والاستعمار والاستعلاء على الشعوب والتحلّل والفساد، وبين هذا وذاك ضاع كثيرون، وللوقوف الأمثل على حقيقة الغرب وما يحمله من إيجابيات وسلبيات تم استحداث هذا قسم (الدراسات الغربية) في المركز يعمل على انجاز ببليوغرافيا بأهم الشخصيات العلمية المؤثرة في الغرب، وتجميع الكتب والدراسات والبحوث المؤلّفة في نقد الغرب، كما عملنا على طباعة ونشر الكتب لمعرفة مختلف جوانب الغرب الفكرية والمعرفية والثقافية، فضلا عن إصدار مجلة تخصصية باسم «الاستغراب» والعمل على التواصل مع المؤسسات والمراكز البحثية المماثلة.
للإعلام المرئي اليوم حضور فاعل في الساحة الفكرية، فهل حاول المركز استغلال هذا الجانب ضمن اعماله؟
نعيش اليوم عصر عولمة الشبهات وهيمنة القوّة الناعمة علينا من خلال وسائل الإعلام، والواجب الديني يفرض القيام بهندسة عكسية ثقافية بعد دراسة ما يدور في وسائل الإعلام حول الدين والثقافة الدينية من اجل الوقوف على آخر الآليات المستخدمة لمسخ الهوية والسيطرة على العقول، ومن ثَمّ القيام بوضع خارطة طريق وبرنامج عمل شامل لسد الثغرات وملء الفراغ.
ومن هذا المنطلق ارتأينا استخدام هذه التقنية من خلال استحداث قناة على الانترنت باسم (قناة العقيدة) لتقديم برامج وأفلام وثائقية عقيدية للمجتمع، تعالج الشبهات العقائدية والسلوكية العالقة في الأذهان باسلوب اعلامي، وتنشر القناة اعمالها على الموقع الرسمي للمركز فضلا عن قناة اليوتيوب.

نشرت في الولاية العدد 105

مقالات ذات صله