مذكرات رجل نجفي

ارشد رؤوف قسام

في هذا العدد سنعرض عليكم قراءنا الاعزاء مذكرات رجل نجفي يتحدث فيها عن ذكريات مدينة واهلها في احداث عاصرها وسأنقلها اليكم كما هي:

وفي السنة 1941ميلادية (وما زال الحديث للمرحوم الحاج عبد الرسول حمود الحكاك عن ذكرياته وحزب الدمعة الذي اسسه مع مجموعة من اصحاب له وقت ذاك)، وقد بدأت السلطة انذاك في عام 1942ميلادية في انشاء معسكر اعتقال الفاو، واعقبه في وقت اخر انشاء معسكر ثانٍ في الصحراء في موقع (نكرة السلمان) وثالث قد انشأته في الضفة الغربية لنهر دجلة على ارض سبخة قاحلة لا اثر للزرع فيها وبعيدة عن العمران ومحاطة بأسلاك شائكة عالية وحواجز عددية كثيرة وهذا ساهم في جعل التوتر العصبي بارزا في تصرفات المعتقلين انه معتقل العمارة الشهير حيث يقسم المعتقلون في معتقل العمارة الى درجتين اولى وثانية وكانت تدفع الى معتقلي الدرجة الاولى مخصصات مالية قدرها اربعمائة فلس والى معتقلي الدرجة الثانية مائتان وخمسون فلسا في اليوم الواحد وقد خصصت غرفة لكل نزيل في معتقل الدرجة الاولى اما معتقلو الدرجة الثانية فوضعوا في ردهات (بنكلات) كبيرة يتسع كل منها لعدد من المعتقلين ولكن اخذت ادارة المعتقل لزيادة اعداد المعتقلين للحد الذي بات المكان لا يسعهم فأخذوا بناء صرايف من القصب والبواري لضيق المكان وقد ظهرت امراض جلدية ونفسية على المعتقلين وذلك لعدم وجود حمامات صحية ولا توجد مجاري وقد زار الدكتور فرحان سيف وهو طبيب صابئي يخدم بمصلحة العمارة للكشف على صحة المصابين من السجناء وكان يوصي بحفر ساقية تؤدي الى حفرة بعيده للصرف الصحي وقد انتخى المعتقلون من اهالي النجف متبرعين بإنجاز العمل بأنفسهم بعد رفع مظلمة الى متصرف لواء العمارة وقد انظم اليهم معتقلون آخرون كان منهم عبد الرحمن الخضيري ومحمد درويش المقدادي وصلاح الدين البيطار وعبد الحق صبري العزاوي وجمال الحسيني وصالح زكي الطائي وغيرهم وفعلا انجز العمل حسب الاصول بعد الموافقة عليه وتزويد السجناء بالضروريات وكان لشهامة وشجاعة اهل النجف من المعتقلين الاثر الواضح في تحسين اوضاع المعتقل وهذا يدل على قوتهم ورفضهم للضيم والظلم، أن العناصر التي كانت في المعتقل التي استمر اعتقالهم لفترة حتى بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها كان سببه هو رفض كل وسائل الاستبداد والتسلط وقمع الحركات الثورية والتحررية..
الى هنا انتهت المذكرات التي وصلتني من الحاج هادي الحكاك.. ذكريات تؤرخ لأشخاص في مدينة كانت وستبقى ما بقي الدهر شامخة شموخ القبة والمآذن في الحرم العلوي الطاهر انها النجف.

نشرت في الولاية العدد 105

مقالات ذات صله