رجال مهنيون

ارشد رؤوف القسام

على بركة الله نبدأ بسلسلة رجال مهنيون للحديث عن رجل في مهنة.. واليوم سيكون الحديث عن السيد حميد السيد محمد علي شبر الشهير بـ(سيد حميد شبر) وهو ميكانيكي محركات الديزل (فيتر كاز) وهو من اوائل الذين ابدعوا بهذه المهنة وهو من مواليد 1922 النجف الاشرف، احب مدينته واحب مهنته فبذل كل ما بوسعه ليضيف الى عمله الشيء الكثير حتى يخرج بحصيلة ترضي طموحه وترفع من اسم مدينته في مجال آخر، يضاف الى جملة المجالات التي برزت بها النجف مدينة العلم والعلماء.
ولد السيد حميد شبر في عائلة علمية دينية وهي في ذات الوقت تشجع على المواصلة في الحياة بمختلف نشاطاتها، فتوجه السيد حميد الى (كراج) المرحوم مهدي حسن المتوفي سنة 1960 ليتعلم منه مهنة تصليح محركات الديزل وهو شاب يافع فتعلم منه المهنة وتمكن منها باسرع ما يمكن حتى تمكن من ان يفتتح كراجا خاصا به في المنطقة الصناعية الاولى في النجف وهي منطقة الجبل المعروفة على نطاق واسع في العراق ودول الجوار وموقعها الان فندق السدير.
ومنذ العام 1937 كان السيد حميد شبر من اوائل من تمكن في اصلاح محركات سيارات (الماك) الامريكية ومحركات (الفورد) الاميريكي وكذلك ماركة (الهنديانة) وكذلك محركات سيارات الشوفرليت عند دخولها الى العراق..
وبعد سنين طويلة وفي العام 1955 بالتحديد دخلت ماركات جديدة من للسيارات الحمل منها نوع فولفو وبعد ذلك دخل الى العمل في العراق سيارات مارسيدس الحمل المعروفة باسم (لوري) فتمكن من معرفة جميع خفايا وعطلات هذه الانواع حتى ابدع في تصليحها وقد تمكن من ان يوفر مبالغ ووقت في تصليح هذا النوع من المحركات الذي اشتهر بها وذاع صيته في جميع انحاء العراق .
وقد انتقل الى (كراجه) الجديد في الحي الصناعي المقام في المنطقة الواقعة بين مدينة النجف الأشرف ومدينة الكوفة في سبعينيات القرن الماضي ومازال هذا الكراج حتى اليوم قائما ومعروفا لدى زبائنه بتصليح محركات سيارات المارسيدس المعروفة بـ (اقجم وابو ردين) والذي يدير (كراجه) اليوم ولده السيد رسول وهو على درجة كبيرة من الحرفية والاتقان لمهنته بشرف وأمانة وهو امتداد لما رسمه له والده السيد حميد شبر واختطه في مهنة (فيترية) محركات الديزل.
امتاز السيد حميد شبر بالتزامه باخلاقيات مهنته فكان يبتدأ عمله بالوضوء وقراءة بعض السور القرآنية وكان صادقا امينا محافظا على اموال كل من يعمل لديه ولا يتلاعب بالادوات الا لما تقتضيه المصلحة وكان يطلب اجور مناسبة حيث يتسامح كثيرا مع زبائنه ولا يفرض عليهم اجورا عالية وكان اصحاب العمل في النجف يثقون به ثقة كبيرة جدا للحد الذي يودعون محركات سياراتهم ويحاسبونه على الاجور دون الرجوع الى أيِّ تدقيق وحسابات جانبيه وذلك لصدقه وأمانته ومن ابرز هؤلاء كان رشاد عجينه ورشاد مرزه وناجي شنون وعبد شيرزوه وولده عبد الهادي (صاحب شركة النجف العالمية للنقل) سابقا ومن خصاله الاخلاقية في المهنة كان يحب العاملين لديه ويسعى لتعليمهم الصنعة بدون انانية وحتى ابتكاراته وسر مهنته لا يخفيها عن عامليه ويعلمهم بسهوله، ويسر ومثال على ذلك قام في العام 1965 من تحوير في محرك السيارات المارسدس فجعلها تشتغل فورا دون تسخين (حمي المحرك) وهذا ما يوفر وقتا وجهدا وقام بتعليم عماله هذه الطريقة لتتنشر في اوساط المهنة ومن اشهر العاملين لديه هم المرحوم عيد زيد سدر والحاج اموري الذي سكن بغداد أيضا والحاج فيحان الذي سكن بغداد وفتح محلا وكراجات لتصليح مكائن مارسدس بنز والمرحوم صادق يوسف الذي سكن بغداد وفتح ورشة في شارع معسكر الرشيد أما في اختصاص محركات الفولفو فكان حسن حلاوي وأخوه المرحوم حسين حلاوي وكذلك المرحوم الحاج خضير ومن نشاطات السيد حميد شبر رحمه الله الاخرى نشاطه الاجتماعي المتميز حيث كان يصل ارحامه ويتفقدهم واحدا واحدا وكان دائم الحضور في مجالس النجف العامة والخاصة وهو من ابرز الشخصيات النجفية المنظمة لعزاء اربعينية الامام الحسين عليه السلام وكذلك كان من اعضاء عزاء السواق المشهور والذي كان في بداية منطقة الجبل قرب كراج بغداد في الميدان سابقا وكان وقت ذاك خطيب العزاء كل من السيد حسن شبر والشيخ احمد الوائلي.
ومن اعمال السيد حميد شبر كان يشغل مولدات كهرباء طرفي (البراق والمشراق) وكذلك منطقتي السوق الكبير والميدان، اضافة الى دورة الصحن الشريف، كأن كانت شبكة الكهرباء غير مكتملة ولم تصل النجف بصورة مستمرة.
ان السيد حميد شبر وامثاله من ابناء النجف الاشرف في تلك الفترة حقا كانوا بمثابة الورشة والمعهد والمدرسة التي يتعلم منها الآخرون ولم يصل لتلك الدرجة الا بالمثابرة والكفاح ليستوعب كل خفايا المهنة ليكون حلقة من حلقات الابداع في مدينة العلم والعلماء النجف الاشرف وهو حقا رجل مهني من سيرته عبرة ومثال يتخذ قدوة حسنة، لقد لبى نداء ربه الكريم في نيسان من عام 2010 ميلادية ليترك ارث مهني يذكر بكل اعتزاز واستمر اسمه في الحي الصناعي في النجف الاشرف باستمرار ولده الذي يعمل بكل اخلاص لتبقى سمعة المدينة عالية بسمعة الغيارى من رجالها المؤمنين.
فرحمك الله يا ابا علي سيد حميد شبر على حبك لوطنك ومدينتك ورمزها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

نشرت في الولاية العدد 106

 

مقالات ذات صله