التدريس الخصوصي داء تربوي يحتاج الى معالجات سريعة

تحقيق: علي فضيلة الشمري

تعد ظاهرة التدريس الخصوصي من الظواهر التي تفتك بالعملية التربوية بعد ان اتخذت منحا تجاريا واصبح الطالب سلعة لدى المدرس الذي يساوم طلبته على الدخول عنده في حين ان بعض العوائل عدّته نوعاً من الوجاهة.. والبعض الآخر من العوائل وأولياء أمور التلاميذ والطلاب عدته وسيلة لمساعدة التلاميذ والطلاب الضعفاء في مادة من المواد الدراسية في الغالب «الانكليزية والرياضيات» وبات الطالب في الصفوف المنتهية سوى الثالث متوسط او السادس اعدادي يحتاج مبلغ ثلاثة الى اربعة ملايين دينار كثمن للدروس الخصوصية التي اخذت تتبع طرق من اجل شرعنتها إذ تم وضعها باطار المعاهد والمدارس الخصوصية.. ومن أجل تسليط الضوء على هذه الظاهرة.. استطلعنا آراء المعنيين بهذا «الهم» الذي ارهق العوائل..

-الطالب حسين كاظم علوان طالب في السادس الاعدادي، يقول: التدريس الخصوصي ظاهرة سلبية وعلى المعنيين معالجة هذه الظاهرة بعقلية علمية منفتحة لان الضحية هو الطالب وأسرته حيث الأجور باهضة والامكانيات محدودة.
– أما الطالب محمد حسن ينظر للامر من زاوية اخرى قائلا: التدريس الخصوصي ينحصر داخل شريحة اجتماعية متمكنة مادياً، وان أصحاب الدخل المحدود لا يستطيعون اخذ دروس خصوصية، مدرسو الخصوصي طريقتهم في الدرس الخصوصي تختلف عن تدريسهم في مدارسهم الرسمية، الدرس الخصوصي يساعد الطالب على النجاح.
ايجابيات وسلبيات
– ويدلي برأيه الأب تحسين علي حسن بقوله: التدريس الخصوصي له إيجابياته وسلبياته، من الايجابيات، الطالب يكون تركيزه عاليا لان المدرس ينفرد بمجموعة صغيرة للتدريس بعيدا عن ضوضاء الصف، من سلبياته.. انه يثقل اقتصاد الاسرة ويجعل الطالب معتمداً على الدرس الخصوصي من دون الاعتماد على نفسه والتدريس الصفي الرسمي.
-الاستاذ سعدي محمد له رؤيته للموضوع حيث يقول: التدريس الخصوصي ما هو الا انتكاسة تدلل على ان المؤسسة الحكومية أي وزارة التربية قد فقدت قيمتها واهملت واجبها العلمي الحقيقي في تنمية القدرات العلمية للطلاب.. فماذا يعني ان يبدع المدرس في الدرس الخصوصي ويغيب عطاؤه وامكانياته في الدرس الرسمي، فاذا ما تمكنت المؤسسة الرسمية من توفير مدارس مؤهلة بكل المستلزمات التعليمية الحديثة ستنتفي حتما الحاجة للدرس الخصوصي، فضلا عن ان التصميم الحديث للبناية المدرسية.. وتأهيل المعلم والمدرس تأهيلاً علمياً جيداً والاهتمام بتطوير المناهج بجدية، ودعم المعلم والمدرس اقتصادياً.. بعدها يأتي الدور الرقابي للدولة والمجتمع، ستدفع الى دفع عجلة العملية التربوية الى أمام.

تعطيل الفكر والقانون
– من وجهة نظر الطالب علي عباس: التدريس الخصوصي يعطل قدرة الطالب على التفكير لانه سيعتمد على المدرس الخصوصي وهذا اسلوب اتكالي، لكن بعض الطلاب يحتاجون احياناً للدرس الخصوص، لكن لو وجدت كفاءات في المدارس الحكومية لما لجؤا للدرس الخصوصي.. على الدولة ان تجد حلولا للحد من هذه الظاهرة.
– سنان سهيل ، بكالوريوس قانون: ان التدريس الخصوصي هو مخالفة قانونية كون وزارة التربية عممت كتاب بمنعه وهو صورة من صور الاستغلال من قبل بعض المدرسين للطلبة لكنه شر لابد منه.. يضعف التدريس في مدارسنا، الحل؛ بدورات تقوية داخل المدرسة وبشكل رسمي ومبرمج وبأقساط بسيطة.
– الطالب محمد حسين ، السادس العلمي، أردف قائلا: مما يؤسف له، ان بعض المدرسين لا يفي الدرس حقه اثناء المحاضرة في المدرسة، مما يضطر الطالب اللجوء للدرس الخصوصي وعند نفس المدرس في المدرسة.. ليضمن دخوله الامتحان النهائي «البكالوريا»، مصاريف مرهقة للعائلة مع العلم حتى المدرس الخصوصي.. يوجز لكثافة مجاميعه، عدم الالتزام بتوقيتات المحاضرة وبيع الملازم.. الحل هو الرقابة وتفعيل القوانين ورفد المدارس بكفاءات علمية.
– هادي حسن ، ناشط مدني: قال ان المشكلة في التدريس الرسمي.. من حيث عدم التزام بعض المدرسين بإنهاء المنهج والإهمال وعدم الكفاءة.. ضمن هذا الواقع الراهن لمدارسنا.. انا مع التدريس الخصوصي رغم ارهاق كاهل العائلة اقتصادياً».
– نور عدنان طالبة سادس أدبي: المدرس عليه ان يدرس مادته بضمير انساني حي وان يشرح المادة بشكل جيد مراعياً الفروق الفردية… عدم الفهم يؤدي الى لجوء التلميذ والطالب للدرس الخصوصي، يجب ايجاد حلول من قبل وزارة التربية وتشديد الرقابة.

فساد اداري ومالي
– كفاح بدران، ناشطة مدنية: التعليم بكل مراحله في تراجع.، فساد اداري ومالي التدريس الخصوصي، يفرض احياناً على التلاميذ والطلاب من قبل بعض المعلمين والمدرسين دون الالتزام بشرف المهنة، ماذا نفسر ان تلميذ الصف الاول الابتدائي يخضع للتدريس الخصوصي، اي خراب هذا؟ اذاً الحلول ليست سهلة، العلاج يكون بمشاركة مجتمعية لاعادة الاعتبار للعملية التعليمية والتربوية.
– الاستاذ صالح فارس / مدرس، وضح رؤيته بالقول، لوحظ في السنوات الماضية حتى الان استفحال ظاهرة التدريس الخصوصي في اغلب المراحل الدراسية مما يشكل حالة خطيرة على مجمل العملية التعليمية والتربوية ومستقبلها، مما يضفي ظلالا سوداء على مستقبل الاجيال من ابناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة، اضافة الى تقاعس واهمال بعض المدرسين عن اداء واجباتهم العلمية والتربوية علما ان معالجة هذه الظاهرة اقترح على وزارة التربية فتح دورات تقوية من قبل مدرسين اكفاء وباشراف مباشر من الوزارة وبرقابة مجتمعية ايضا وبأجور بسيطة.

آفة ومرض عضال
اما الاعلامي طه حسن الرديني : كان له راي بان يكون للحكومة المحلية بشقيها التشريعي والتنفيذي دور اكبر بمسالة التدريس الخصوصي من خلال مراقبة ومتابعة عمل المديريات العامة للتربية من خلال حثها الاشراف التربوي على معاقبة المدرس الذي ياخذ الدروس الخصوصية التي بدات تنشر كالنار في الهشيم والعمل محاربة هذه الظاهرة التي تعدُّ آفة التعليم وهو اشبه بالمرض العضال في جسد التعليم وقد إربك العملية التعليمة ولم يعد سرا انتشار هذه الظاهرة والمؤثرة سلبيا على مستوي التعليم في المراحل الدراسية كافة ويكمن في ضعف الرقابة على المدرسين من ضعاف النفوس واخذ التعهدات من المدرسين بعدم مزاولة التدريس الخصوصي
اما الاستاذ الناقد حسن النجفي : قال – في الواقع اود ان اضيف ما يأتي: ان واقع التعليم في العراق قد انحدر عما هو عليه التعليم في اغلب دول العالم واصبح العراق يقبع في ذيل قائمة التقييم، ومما لا شك فيه ان احد اسباب هذا التدهور يعزى الى شيوع ظاهرة التدريس الخصوصي وانتشار المدارس الاهلية، حيث اصبح المدرس يمارس نوعا من النفاق التعليمي، فمن جهة يتلكأ ويهمل دوره في المدارس الحكومية بينما يبذل جهدا ملحوظا مع طلبته في الدروس الخصوصية، وتلك خيانة بحق الاجيال يتحمل مسؤوليتها المدرس مناصفة مع الدولة التي تخلت عن واجبها ازاء رعاية التربية والتعليم ومحاسبة المدرسين على تخاذلهم ونفاقهم التعليمي. لابد من تدارك هذا الامر بالسرعة الممكنة ووضع حد لهذه الظاهرة تدريس الخصوصي المسبوقة.

منافسة غير مشروعة
المدرس المتقاعد / اختصاص رياضيات : كريم علوان الزنبور قال : لافتات وملصقات جدارية واكثرها تملأ الشوارع الرئيسية والفرعية تعلن وتروج لافتتاح المدارس الاهلية (التدريس الخصوصي) وتعلن عن وجود اساتذة متمرسين واصحاب خبرة وكفاءة ولم تعلن عن التحصيل العلمي للاستاذ وكأن الاعلان يبشر بأفتتاح معرض تجاري وافر الربح ولكن بدون ضمان رسمي معلن .
هذه المدارس الاهلية (التدريس الخصوصي) منافسة للمدارس الحكومية التي كانت بالامس هي المؤسسة التربوية العلمية الاجتماعية القادرة على التغير والتطوير . والتاريخ يحدثنا على اسماء مدارس واساتذة لامعين ادوا الواجب التربوي والعلمي بكل صدق وامانة ومن تحت ايديهم المبجلة تخرجت أجيال وأجيال …
ان دخول القطاع الخاص وغزوه للمجال التربوي بدون توجيه وبدون سيطرة وكبح النفوس الضعيفه التي رأت في المدراس الاهلية فرصة للربح اولاً ان هذا الدخول الفوضوي ينعكس على مستوى ابنائنا وبناتنا ويبشر بمستوى ضعيف لايبشر بخير .
وتتصف المدارس الاهلية اكثريتها بارتفاع الاسعار تحت شعار السعر الاكثر يعطي سمعة اكثر .
وبعض مدرسيها ليس لديهم خبرة كافية وبعضهم يدرس مواد خارج الاختصاص ومدرس المدارس الاهلية والتدريس الخصوصي يكون ازدواجي الواجب في المدارس الاهلية والدورات بشكل وفي مدارسهم الرسمية بشكل آخر .
واضاف الزنبور: ان مديرية التربية ليس لها اي سيطرة على سير التعليم في المدراس الاهلية ولا على الدورات للتدريس الخصوصي والمدارس الاهلية والدورات الخصوصية اضعفت انصياع الابناء لتوجيهات الاسرة واصبحوا هم فوق التوجيهات .
ومدرسو الخصوصي واصحاب المدارس الاهلية اصبحوا تجار علم وليس رسل علم كما ينبغي وبعد فترة التدريس يتحدثون بلغة اصحاب العقارات ويتباهون بذلك (الله يرزقهم ) .

ضياع الهدف التربوي والوطني
الوضع التعلمي بحاجة الى بناء جديد وليس للترميم بحاجة الى اجراءات حاسمة وحازمة وليس لاجراءات ترقيعية وبلغة مراضاة للخواطر , الحق يعلو ولايعلى عليه والعلم يعلو ولا يعلى عليه .
واخيراً توجهنا الى المديرية العامة لتربية واسط والتقينا بمديرها العام منعم صادق وقال : التدريس الخصوصي يسحب عقل وتوجه وفكر الطالب ويتحول اتجاهه وميوله من مدرسة الحكومية صاحبة التاريخ العريق التي لديها اسس ودراسات وبحوث في بناء الانسان والمواطنة وتحوله الى الجانب العلمي الترقيمي ذي الهدف المحدود لغرض النجاح فقط والنتيجة هو انتاج وتخريج الطالب ذي معلومات مبتورة وقصيرة المدى بعيدة عن البناء الاخلاقي والوطني اضافة الى الجوانب الانسانية الاخرى التي تفتقر لها المدرسة الخصوصية محدودة البعد وبالتالي تنتهي صلاحية المعلم الحكومي للتوجه العام والواسع الجوانب منها الابوية النتيجة لا يقلد نصائح المدرس او المعلم في المدرسة الحكومية وبالتالي تلتقطه التيارات الغازية الالكترونية الواقع الاجتماعي الفوضوي الذي يؤدي في مستقبل البلد اضافة الى المبالغ المالية التي يعاني منها الاباء ووزارة التربية بدأت تقلل من تشديدها على التدريس الخصوصي واخذت تتحايل له بالمعاهد الاهلية .

نشرت في الولاية العدد 107

مقالات ذات صله