المؤسسة التربويـة وإنتاج التردي الأدبي والمعرفي

تحقيق : شاكر القزويني

مما لا شك فيه ان بناء أمة لها مستقبل في ركب حضارة تليق بتاريخها وقيمها وإنسانيتها التي تفردت بها عبر سِفْرٍ من منجز من المجد كان فخرا بين الأمم، يتطلب بعد سلسلة طويلة من الانهيارات والتشوهات والانكسارات وعلى جميع المستويات الانسانية والمادية والحسية، أن يعاد ترسيخ وبناء الأسس وإعادة هيكلة البنى القيمية والمادية للنأي عن الشاذ والمحبط والمتخلف والهش العقيم ودوافع الانقسام والتناقض المودي للهلاك والتناحر وذهاب الريح، للنأي عن كل ما يبعث على الألم والضرر الذي يضعف الروح ويدفعها الى الضياع والضلال والاضمحلال، وما لا يقبل جدلا أن تضطلع المؤسسات التربوية والتعليم العالي بالمهمة الرئيسية في التصدي لخلق المواطن الانسان القادر على بناء هذا الوطن المتحضر بقيمه العالية التي يجب نفخها في جسده وطرائق عقله وتقوية أواصر بنائها في نسيج المجتمع لتحقيق الانبعاث المطلوب والبناء السليم المرجو حضاريا والقريب الى رضى الله تعالى ورضوانه.

وقد شهد العراق فترات مضيئة في نتاج مؤسساته التربوية والأكاديمية والجامعية على فقرها في الحقب السابقة تمخض عنها أجيالا من المبدعين والأدباء والمثقفين والعلماء الانسانيين في الرؤية والغاية والعمل وفي اجتهادهم للتقرب الى رضى الله وتقواه، تصاعدت في فترات ثم ما لبثت بعدها ان انطفأت بسبب سياسات الحكومات الظالمة والجاهلة والقسرية وما تبعها من انجرار للمؤسسات ولاسيما التربوية نحوها لأثرها العميق في تشكيل الانسان وقناعاته ورؤاه، ومحاباة وإرضاءً للطواغيت والمفسدين، مما أوقعها في هاوية الانحدار والتجهيل والفشل الى يومنا هذا.
وفي العقد الأخير من هذا القرن بلغ المشهد مأساته التراجيدية في أقصى مدياتها، فشاعت الفوضى والفساد والتخبط وانحدرت الكفاءات التدريسية الى مديات كافرة بالقيم والفضائل وطرق التدريس فضلا عن المناهج والخدمات اللازمة لنجاح هذه المؤسسة الأهم والأسمى، وللوقوف على أهم أسباب هذا التداعي الخطير والمعالجات الممكنة لتدارك السقوط في هاوية العدم ونار الجهل والفساد المريع، اقتربنا كثيرا الى أهل الخبرة في هذا المجال التربوي والى بعض المثقفين المعنيين بهذا الشأن لنقلّب جمرات حاضرنا ومستقبلنا المبهم في ظل هذا الانحدار المتفشي تحت وطأة الجهل والفساد المهيمن والمحسوبيات التي تكاد ان تودي بمستقبل العراق برمته، علّنا نجد ما نضيء به ليلنا البهيم المدلهم بالخوف والضياع.
واقع اللاسلم واللاحرب في اللادولة
يرى التربوي والفنان والإعلامي دخيل العكايشي وهو يستعرض همه في هذه المسألة قائلا: ليس خفيا لدى المعني والمختص والمتابع والمتأثر ان تحديد وتأشير المنحدر البياني في تأسيس الصرح البنيوي لخلق أجيال الثقافة والآداب والفنون هبط هبوطا جائرا أزاء ذلك القدر الذي كانت عليه واجبات المؤسسة التربوية لإنتاج ورفد مصبات أنهار الثقافة والآداب والفنون من الأجيال الواعدة في تلك المجالات وتنمية وصقل المواهب وتحضيرها لغد مستقبل زاهر في وطن الثقافة والآداب والفنون.. ولعل أهم أسباب الانحدار والتراجع في هذه المهمة تتلخص في تراجع المؤسسة التربوية للأخذ بأسباب تدني مستوى الانشطة الثقافية والأدبية والفنية لدى الاختصاص في دوائر النشاط المدرسي، وتردي المستويات التربوية والتعليمية مما ينعكس ذلك على تنشيط الذاكرة المجتمعية لعدم جدوى مستقبل التعليم عندنا، وعدم تفعيل الأنشطة اللاصفية في الوسط التربوي والتعليمي مما حدى بالطالب التعويض عن ذلك في تفريغ شحنات طاقته في عبثية الوسائل الاخرى ولا سيما طاقته الايجابية، وسببا رئيسيا آخرا هو تراجع دور الدولة والمؤسسات الحكومية ووزارة التربية خاصة عن ايجابية ومفعولية الأخذ بيد الموهوب والواعد لتنمية قابلياته ومواهبه، فضلا عن التخبط الواضح في سياسات اللادولة ولا الأمن ولا الاستقرار وواقع اللاسلم واللاحرب مما يجعل من مدركات ومسلمات الأمن المجتمعي في صراع واهتزاز دائم وكذلك عدم وثوق الافق المعيشي للفرد مما ينزع الى هروبه من منتجه الحسي فما بالك بالمنتج العقلي والثقافي والأدبي.

التشخيص نصف العلاج
وتشير التربوية والباحثة الاسلامية زهرة القابجي/منتسبة في العتبة العلوية المقدسة، الى الأسباب العملية والواقعية التي أسهمت في تدني إنتاج المؤسسة التربوية للمتميزين إبداعا وفكرا رغم تطور أدوات العصر وتوفر وسائلها ودنوها للفرد والمجتمع والطالب خصوصا، قائلة: ان من أهم الأسباب التي أدت الى ضحالة المنتج التربوي كغاية في بناء جيل مقتدر واع ووسيلة لبناء مجتمع متحضر سام، هي ضعف المادة العلمية المقدمة للطالب من الناحية النظرية والتطبيقية، وكذلك التخبط والعشوائية في اختيار الكوادر التعليمية والتدريسية، وغياب عنصر الورع والابداع لدى المعلم والمدرس، وابتعاد المدرس عن استخدام الاسعافات النفسية لدى الطلبة بسبب تدهور الوضع الأمني وانتشار حالات العنف وبذات الوقت الذي تعاني فيه أكثر المدارس من افتقارها للمرشد التربوي، يضاف له تجاهل المدرسين لمضامين الخطة اليومية، واستمرار تغيير المناهج بشكل ملفت للنظر بين حين وآخر مما أربك عمل المدرس والطالب معا، وانشغال أغلب المدرسين بالتدريس بالمدارس الأهلية وانعكاس تعبهم واستنزافهم سلبا على المدارس الحكومية، وغياب عامل الانضباط لدى الطلبة واستهزائهم بالنظام المدرسي مما ادى الى نشوء حالة التغافل لدى أغلب المدرسين عن كثير من الأمور غير المنضبطة أو اللائقة حفاظا على كرامتهم وسلامتهم في ظل هذه الظروف الشاذة، كما ان انعدام عامل التخطيط للشرائح الخريجين وعدم استثمار كفاءتهم حسب الاختصاصات أدى الى غياب الثقة بالمؤسسة التربوية وعدم جدية الطالب بالمثابرة والاجتهاد، وغياب القدرة وضعف الوازع العقائدي والفكري والأدبي والحس الفني عند الأجيال المعاصرة فضلا عن غياب وابتعاد متابعة الآباء للأبناء وافتقارهم لعامل الثواب والعقاب وأهم شيء هو ضعف الاشراف التربوي فتكاد عملية الاشراف معدومة لخوف المشرف من محاسبة الآخرين أو ما يقوله لا يعمل به، وبذلك فقدت العملية التربوية عنصرا هاما كان يحسب حسابه فيما مضى.

الفلسفة التربوية في ضوء قيم المجتمع
يجد د. أحمد عبيد كاظم /كلية التربية الأساس، ان ردود الفعل ليست طريقا للبناء السليم ففي ضوء قيم المجتمع تقوم فلسفة البناء الناجز، وهو بهذا يوضح: ان يوما بعد آخر تتعمق وتزداد مسؤوليتنا اتجاه مؤسسات التنشئة الاجتماعية (المدرسة والأسرة والأقران ووسائل الإعلام) إذ أن المجتمع ظل فترة طويلة يرزح تحت مفاهيم وفلسفات مختلفة حولته مع مرور الزمن إلى مجتمع غير متماسك، وإذا كان بعضهم يعتقد أن مشكلة العراق الآن هي إعادة بناء ما دمرته الحروب المتتالية فقط، فأنه مخطئ، فهذا الوطن لا يحتاج إلا لإعادة بناء المجتمع السليم والصحيح وفق فلسفة تربوية بعيدة كثيرا وابدا عن المحاصصة لأن المحاصصة حطمت كا ما هو جميل في مجتمعنا وأهداف تربوية سليمة تقوم بها المؤسسات التربوية التي تقع على عاتقها المسؤوليات الجسام. فالمؤسسة التربوية مسؤولة عن تنمية الشخصية وصقلها في جميع النواحي الاجتماعية والنفسية والعقلية، بما يتناسب مع قيم المجتمع التي يعيش فيها الطالب. وهناك مؤسسات أخرى مثل مؤسسة الأسرة فلها دور تربوي أيضا فهي المكان الأول الذي يتعلم فيه الفرد العادات والتقاليد وأسس السلوك والآداب والتعامل مع الآخرين، وطرق التعبير عن النفس بشكل صحيح ومناسب.
ولا بد للبيئة التعليمية أن تتيح لأصحاب المواهب إبراز قدراتهم وتنميتها وتوجيه وإرشاد الموهوبين ومساعدهم في التكيف مع النفس والمحيط والأقران وتوفير الأنشطة والبرامج والمناهج التي تعزز وتبرز تلك المواهب والتفوق في مجالات التحصيل الدراسي المتميز او الاستعداد العلمي للابتكار التقني والميكانيكي أو في الجانب الفني التشكيلي أو في صناعة الحرف الشعبية والفلكلورية أو في مجالات القيادة الجماعية والحضور المتميز. وهنا نود التأكيد والتركيز على وسائل التعبير الثقافي في رعاية الموهوبين في مجال الأدب والشعر والخطابة.

تعليم فارغ وأطاريح مسروقة
وتنطلق م . م . آلاء رحيم الشمري/ طالبة الدكتوراه والمنتسبة للعتبة العلوية، من موقع مسؤولية الطالب أزاء نفسه ومجتمعه ودوره التاريخي في بناء الحياة الفاضلة والمتحضرة وهي تخترق مفهوم دور المؤسسة التربوية في صنع الأديب والمثقف قديما وحديثا وأسباب تدهور هذا النتاج في يومنا هذا والحلول المرتقبة لفعل إصلاح الخلل في هذه المنظومة التربوية القائمة على، الإنسان، وذات القيم المحركة للبناء الحضاري، لتقول: ان للمؤسسة التربوية التعليمية دورا كبيرا وفعالا مهما في صنعها الأديب والمثقف، فمن وجهة نظري أعتقد ان دور المؤسسة التربوية والتعليمية في صنعها للأديب والمثقف قديما كان أقوى نتاجا وحضورا إبداعيا من دورها في الوقت الحاضر بالرغم من وجود الكثير من المقومات الايجابية التي تدعم دور هذه المؤسسة حديثا عما كانت قديما، على الرغم من التطور الحاصل في كافة المجالات وعلى شتى الأصعدة سواء كان بمستوى التطور العلمي أو التكنولوجي السائد حاليا، وبرغم كلِّ التقنيات والوسائل الحديثة التي أصبحت متاحة للجميع في الحصول على شتى المعلومات. أما قديما فقد كانت المؤسسات التربوية والتعليمية أكثر حرصا على إعداد هذا النموذج من المثقف والأديب فبالرغم من عدم وجود ما متوفر حاليا من وسائل وتقنيات حديثة الا ان الطالب كان نوعا ما يهتم بتزويد نفسه بالمعلومات، إذ كان يرتاد المكتبات ويبحث عن مواضيع مختلفة لتغني معرفته، أي ان الطالب كان يتعب نفسه قليلا أو ان هناك ربما ثقافة سائدة تحثه على البحث والاستقصاء وتنمي عنده الرغبة بتطوير نفسه وقابليته المعرفية والعلمية والثقافية، ومن الطبيعي ان هذا الدور الضعيف للمؤسسة التعليمية يعود الى عدة أسباب منها، الخلل في الدعم الحكومي للمؤسسات والكوادر التربوية وذلك بعدم إقامة دراسات أو ندوات او مؤتمرات يشارك فيها الطلبة بشكل خاص، وعدم العناية بالمنهاج التربوي وبما يتلائم مع التطور الحاصل حاليا، كذلك ان اتخاذ بعض القرارات الحكومية الخاطئة بحق المؤسسات التعليمية والتربوية كان لها تأثيرات سلبية كثيرة على الكادر التعليمي والطلبة ومن تلك القرارات ـ مثلا ـ إعطاء درجات إضافية أو جعل أكثر من دور للطلبة الراسبين، فضلا عن عدم وجود مصداقية في المؤسسات التعليمية والتربوية ولا يوجد اهتمام بالتعليم كطريق يتخذ للتقدم، فالتعليم أصبح عندنا مع شديد الأسف.. فارغ، وأصبح هَمُّ الطالب هو الحصول على الشهادة التي يكتب عليها اسمه، فضلا عن أبحاث ورسائل وأطاريح مسروقة، وحسبك إلا أن تنظر الى الواسطات والمحسوبيات والمحاصصات التي خربت البلد ودمرته، فليس غريبا أن يوضع الشخص المناسب في المكان غير المناسب، فنرى المجتهد يقبع في زاوية ميتة من الحياة يتجرّع خيبة الأمل في أحلامه التي ضيّعها أسوأ الخلق (صاحب الأمر والسلطة) بينما نرى كيف يعتلي الجاهل والفاسد سنام القمة ورأس الهرم.
غنى التراث ونكوص المحسوبية والحزبية
فيما ينطلق المثقف النجفي عبد الصاحب ميرزا من تراث مدينته كتجربة حضارية متفردة واقعا ونتاجا حيا لا زال شاخصا بين ظهرانينا، حينما أشار: كانت الكتاتيب قديما تمثل المؤسسة التربوية قبل ظهور المدارس الحكومية بعد الحرب العالمية الاولى، وبرغم الأساليب القديمة المتبعة في التعليم، تمكنت هذه المؤسسة من إغناء المجتمع بشعراء وأدباء وعلماء فطاحل فرضوا أنفسهم على الساحة الادبية والثقافية المحلية والدولية لما كانوا يتمتعون به من رصانة وإبداع فذ، كل في مجاله وكان القاسم المشترك بينهم جميعا قوة الاساس الذي شيدوا عليه مجدهم كشعراء وأدباء ورجال فكر ودين، ألا وهي اللغة العربية من ألفها إلى يائها، حيث كان المعلمون الاوائل في تلك الكتاتيب يهتمون بأن يكون التلميذ قد أتقن الاملاء والانشاء ومقدمات قواعد اللغة العربية خلال مروره في هذه المرحلة الابتدائية وعندما كان ينتقل منها إلى المرحلة التي بعدها كان متقنا تماما لمباديء اللغة العربية، وإلا فلن يتسن للتلميذ إجتيازها حتى يتقنها بحذافيرها.
وعندما بدأ عصر المدارس الحكومية كان خريجي الكتاتيب هم المتفوقون دائما على أقرانهم من التلاميذ في إتقان اللغة العربية إملاء وإنشاء وقواعدا بسبب قوة ورصانة أساسهم فيها، وقد استمرت حالة تفوقهم هذا مع تقدمهم في بقية المراحل الدراسية، واستمر هذا التميز حتى خلت المدارس من هؤلاء، حينها بدأ عهد تراجع حالة التفوق في اللغة العربية وبقية العلوم واضحا في المدارس العراقية وقد تزامن ذلك مع فترة حكم البعثيين للعراق إذ تعرض التعليم لكارثة وهي حالة تفوق أبناء الحزبيين وحصولهم على درجات عالية، لا لانهم كانوا مؤهلين لذلك التميز، وإنما لكونهم أبناء فلان المسؤول البعثي أو فلانه المسؤولة البعثية، حتى بدأت النتيجة السيئة واضحة حتى للأعمى حين تجد حملة شهادة الدكتوراه اللذين لا يجيدون الكتابة بالعربية الفصحى ومستواهم في معرفة قواعد اللغة العربية لا يتجاوز مستوى معرفة التلميذ في الصف السادس الابتدائي من حيث كثرة الاخطاء الاملائية والانشائية ناهيك عن تراجعهم حتى في مجال اختصاصهم، وهذا أمر معيب جدا لا تجده في بقية دول العالم.

الخلل في منظومة الأخلاق والقيم
فيما يرى الإعلامي ماجد السوداني من منظور تجربته داخل المنظومة الإدارية للمؤسسة التربوية: ان نجاح المؤسسة التربوية يستند على المثلث التربوي (المعلم، الطالب، العائلة) في بناء شخصية الطالب مرهون بفهم نفسيته وحاجاته المختلفة وميوله وقدراته، وهناك فرق كبير بين طالب وآخر من خلال الموهبة التي تحتاج إلى معلم يصقل، فهو القادر على إحداث التغيير الإيجابي في سلوك الطالب وبناء شخصيته وتطوير مهاراته.
وهناك الكثير من المؤشرات على المعلم والطالب قديماً وحديثاً، فإذا عرف المعلم دوره ورسالته وصلاحياته وواجباته وكذلك الطالب فإن المجتمع يتطور بشكل ايجابي في مختلف الجوانب ومنها الجانب الأدبي الذي تزخر المدينة قديما وحديثا بإرثها الحضاري والثقافي والادبي.
وإن نظرة سريعة وفاحصة على الواقع الذي تعيشه مدارسنا هذه الأيام يشير إلى وجود خلل كبير في منظومة الاخلاق والقيم، فضلا عن عدم وجود المعلم المتكامل وابتعاد المديرية العامة والاقسام المهتمة بالجانب الأدبي والفني عن الهدف الأسمى بسبب شمول هذه المؤسسة بسياسة التقشف فضلا عن سياسة الوزارة في دمج الأقسام التي تخبطت في عملها حيث اصبحنا نشاهد كيف يعبّر الطالب عما في نفسه وعن عدم رضاه عن واقعه بسبب تلك السياسات
لهذا لا بد من التعاون بين المدرسة والبيت والمجتمع المحلي والوطني ومختلف وسائل الاعلام، كما لا بد من تفعيل دور المعلم والمدير في الكشف الذي يسهم بتنمية الطالب أدبيا بعد ان وجد فيه كل مقومات النجاح والمستقبل الذي ينتظره.

(لا حل في واقع اللادولة)
ومن مخاض انثيالات الآراء وهي تغور في صميم أزمة المؤسسة التربوية والتعليمية في، خلق وصقل الإبداع والتفرد، ينبجس ضوء من بين ثنايا كلمات أصحاب هذه الآراء … فيصل دخيل العكايشي الى حلول مفادها: ان لا جدوى من أي معالجة قد تتم خارج إطار المؤسسات في دولة حقيقية، إذ حينها يأتي الحل السحري الفريد، وذلك بوضع الخطط اللازمة والقرارات لتفعيل وتطوير وتبني واقع المواهب ورعاية ذوي الامكانات والذكاء المتميز، وإقرار تلك الخطط والقرارات ضمن البرنامج التربوي الحكومي وقوانين رعاية المواهب لوزارة التربية، وتسمية اللجان التخصصية في المؤسسات والدوائر المعنية لغرض تظافر جهود المعنيين في رسم البرنامج التنموي للطفولة والمتميزين، فضلا عن إخراج تلك المناهج والخطط من المسارات والتوجهات التقليدية وإبعادها عن الروتين وتشريع ذلك ضمن لوائح التشريع.
ومن منطلق التجربة الأكاديمية المبدعة للفنان والتدريسي على حد سواء يجد د.أحمد السلطاني ان: لامفر من اعتبار الثقافي الأدبي والشعري أبرز أنماط النشاط اللغوي، إذ يبقى الموهوب في هذا الجانب على اتصال دائم بثقافة أمته وشعبه وتراثه، ويؤكد علماء النفس على ضرورة الربط بين حسن التفكير وجودة التعبير الثقافي الشعري، إذ يرون أنها مظهران لعملية عقلية واحدة، ذلك أن التعبير هو المحصلة النهائية لدراسة اللغة العربية بجميع مهاراتها. وتتمثل أهداف تعليم التعبير بصورة عامة في تدريب الطلاب على التعبير عن حاجاتهم ومشاعرهم وخبراتهم بشكل صحيح، وتهيئة الطلاب لمواجهة المواقف الحياتية المختلفة التي تستلزم التعبير وتدريبهم على التفكير المنطقي المنظم مما يمنحه مساحة للإبداع والتجديد ثم ممارسة جميع أنواع النشاط اللغوي التي تتطلبها المواقف المجتمعية. ويتم ذلك من خلال تزويد المتعلم بالقدرة على التعبير بلغة سليمة، وتمكين المتعلم من التعبير عن أفكاره وأحاسيسه وانفعالاته وعواطفه بشكل راق ورفيع ومؤثر فيه سعة الأفق ورحابة الإبداع، وتمكين المتعلم من توسيع دائرة معارفه وأفكاره من خلال رجوعه الى المكتبات ومصادر المعلومات، والحث على إكساب الطالب القدرة على ممارسة التفكير المنطقي في عرض أفكاره وتسلسلها والبرهنة عليها لتكون مؤثرة في نفس المتلقي، وتنمية حساسية المتعلم لمواجهة المواقف الحياتية المختلفة مثل كتابة الرسائل والمذكرات والخواطر والمقالات والمحادثات والمناقشات وجميع أنواع النشاط اللغوي التي تسهم في تكيف المتعلم مع المجتمع.

خلق المعنى الإنساني يسبق الإبداع
ويذهب ماجد السوداني الى ما مفاده من واقع عملي في منظومة المؤسسة التربوية: لا بد من تفعيل اللجنة الادبية ولجنة اللغة العربية المشكلة في المدرسة فضلا عن تفعيل دور مجالس الآباء والمعلمين وتعديل أسس اختيار الطاقم الاداري في المدرسة من مدير ومساعد ومرشد تربوي، اضافة إلى المشرف التربوي، أيضاً لا بد من تركيز دور المعلم على الجانب التربوي أكثر من الجانب التعليمي وهذا يتطلب تخفيض نصاب المعلم من الحصص ليكون قادراً على القيام بالمهمة الاساسية لإيجاد الطالب الموهوب. فضلا عن تصحيح مسار العلاقة بين الطالب ومعلمه فنظرة خاطفة على واقع العلاقة بين المعلم والطالب نرى الهبوط الكبير في العلاقة قديما وحديثا والتي كانت مبنية بشكل كبير سابقا على الاحترام.
فيما تجد آلاء الشمري ان الحلول تكمن في: مواكبة التطور الحاصل في شتى المجالات شتى وعلى الأصعدة كافة، والاهتمام بصنع إنسان قبل أي شيء فعندما يكون لدينا إنسان بما تحمل كلمة الانسانية من معنى فعند ذلك نحن قادرون على صنع أديب ومثقف، والاهتمام بشريحة الأدباء والمثقفين وعدم بخس حقوقهم ودورهم الحضاري والتاريخي، وهذا محال في ظل المحاصصة واعتلاء المناصب الجاهل والأمي والسارق والحرامي!! كذلك تشجيع الطلبة على الابتكار والاختراعات وتفعيل دور المتميزين لأنهم أداة بناء المستقبل وروحه الدافعة للتفوق والرصانة، فضلا عن ضرورة إقامة مؤتمرات وندوات أو ورشات للطلبة لتحفيزهم على التفكر والاندماج في عجلة التطور والتفاعل الإنساني مع تبيان دورهم في بناء الحضارة من خلال بلدهم الذي يحيون به وحاجاته الملحة والاضطلاع بالإجابات الكونية للمبدع الحقيقي في خضم منجزه الإبداعي.

نشرت في الولاية العدد 109

مقالات ذات صله