عملية ادراك القلب في القرآن الكريم

أحمد الطفيلي

هل يدرك القلب المشاعر والأحاسيس؟
الجواب: ينبغي هنا التكلم في ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: الإتجاه الفلسفي (التفسير الفلسفي):
قالوا: إن الجسم والقلب ليس لهما تأثير في الإدراك والإحساس، بل هما جسمان ماديان فقط، وإنما التأثير والإحساس للروح (النفس) التي توجه الجسم أعضائه وكافة.
الاتجاه الثاني: الاتجاه المادي (التفسير المادي ):
إن القلب قطعة مادية لحمية ومضخة تضخ الدم من وإلى الجسم وتبديله من الفاسد إلى النقي.
الاتجاه الثالث: الاتجاه القرآني ( التفسير القرآني):
قال علماء أوربا وأمريكا: إن القلب ليس عضواً مادياً لنقل وتقلب الدم وتصفيته فحسب، بل هو مركز إحساس وإدراك ويؤيده القرآن والعلم الحديث, أما القرآن قال تعالى لهم: قلوب لا يفقهون بها، وقال لهم: قلوب لا يعقلون بها، وقال (لهم قلوب يعقلون بها) ثم نسب للقلب المرض(في قلوبهم مرض)(البقرة: 10) ونسب لها الآثم.
وأما العلماء فقد اكتشفوا أنّ هناك وعيا تبادليا بين القلب والمخ، ثم نقول كيف اكتشفوا ذلك؟
والجواب يظهر من التأثير المغناطيسي بمعنى كل عضلة من عضلات القلب تمتلك مئات بل آلاف بل ملايين من الخلايا، وكل خلية لها مجال مغناطيسي يربط بينها، فأي تغيير في المجال الكهربائي يولد تغيير في المجال الكهرومغناطيسي وهذا يمكن تشخيصه في القلب من بُعد مترين للقلب، وهذا التغيير الكهرومغناطيسي له تأثير على إحساس وإدراك الإنسان من خلال ستة أمور أو تجارب علمية قام بها علماء الغرب:
الأول: من خلال التأثير الكهرومغناطسي مع قلوب أمهاتنا إذ ينجذب قلب الجنين نحو أمه، هذا ما أثبته أحد علماء جامعة كاليفورنيا في أمريكا.
الثاني: مرحلة الرضاعة, قام العالم شوارس من جامعة كاليفورنيا بتجربة في أمريكا قياس التأثير الكهرومغناطيسي لقلب الطفل الرضيع يتغير مع الكهرومغناطيسية لقلب الأم، حتى أنها تبث الحنان والعاطفة والرأفة من دون أن تتحدث معه، فهي احساسات وجدانية بينهما، فاللبن طريق إحساس وإدراك من الأمن والحنان والعاطفة من أمه ومشاعرها، فأثبتت التجارب أنّ 90% من الأمهات تضع الطفل عند الرضاع على الجانب الأيسر ؛ كي يقترب قلبه مع قلبها.
الثالث: لاحَظَ العلماء عندما تضع الأم يدها على ظهر ولدها الرضيع يؤثر تأثيراً كهرومغناطيسيا فيوجب تهدأته بدرجة لا تتصور بحيث تؤدي إلى نومه العميق، من خلال إحساس الطفل المتصل من قلبه إلى قلب الأم بهذه الضربة فيشعر بالإتصال بين الأم ورضيعها، وتحصل التهدئة والراحة النفسية للطفل فينام ,هذا ما أكتشفه علماء جامعة كاليفورنيا بأمريكا.
الرابع: شعور التجاذب بين الأشخاص، أجرى العلماء في أمريكا على شخص عندما يلتقي مع شخص آخر ولم يكن بينهما أي أثر مادي أو علاقة سابقة إذ لا حديث ولا حتى ابتسامة بينهما وكذا ليس جميلاً في وجهه وشكله حتى يجذبه بل لاحظوا انجذاب أحدهما إلى الآخر من دون كلام، فلاحظوا وجود مادة كيميائية تخرج مع عرقه وتؤدي إلى الانجذاب بين القلبين الماديين وكذلك إذا حصل النفور بينهما فلا يحصل الانجذاب بين القلبين بسبب عدم إفراغ عرقه تلك المادة الكيميائية.
الخامس: قام العالم شوارس من جامعة كاليفورنيا-امريكا بتجارب لإثبات إدراك القلب، إذ تتبع ثلاثمائة شخصاً (300) شخصاً من الذين زرعوا لهم قلوب فظهر تأثير تغيير في سلوك وإدراك ووعي وإحساس كل منهما مع أنّ مخ كل منهم نفسه لم يتغير، ومن هنا استدل على إدراك وإحساس القلب، فعندما يتغير القلب وجد الإدراك والإحساس يتغير عند الشخص وهذا دليل على أن القلب يدرك ويعقل ويمرض ويأثم.
السادس: التجربة التي تثبت أن للقلب جهازاً عصبياً، قام العالم الدكتور هورنز من جامعة هارفر عام 1994م بتجربة اثبت فيها أن للقلب جهازاً عصبياً مستقلاً يجعله مدركاً وواعياً فوجد القلب يستخدم النواقل نفسها التي يستخدمها المخ للإحساس والإدراك، فالقلب مستقلاً ومستغنياً بجهازه العصبي عن المخ، إذ سمى الجهاز العصبي الخاص بالقلب والموجود فيه بالمخ الصغير فهو يساهم في نقل المعلومات إلى المخ الكبير التابع لدماغ الإنسان والموجود في الرأس كما أنه اثبت أن الجهاز العصبي القلبي يساهم في توجيه المخ الكبير وهو مخ الرأس عن طريق الاتصال بالنخاع الشوكي، وكما أثبت أن القلب يوفق بين التوافق الفسيولوجي وبين التوافق النفسي، فإذا حصل توافق بينهما تحصل الراحة والطمأنينة، ويحس بها الإنسان من خلال الاتصالات العصبية الموجودة في القلب مع المخ الموجود في الرأس .
فالنتيجة: إنّ ما ذكره القرآن أنّ القلب يعقل ويدرك ويفقه ويمرض ويعمى هو الصحيح، لا مجرد مضخة تنقل الدم بين الرئتين والجسم، ويؤكد ذلك القرآن الكريم قال تعالى: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (الحج 46)، وهذا ما أثبته العلم والعلماء كما ذكرنا، وكذا أثبتته النظرية القرآنية وتفسيرها، حيث إنّ الذين يفقدون بصرهم لا يفقدون بصيرتهم، بل تراهم أحياناً أكثر وعياً من الآخرين، أما العُمي فهم الذين تعمى قلوبهم فلا يدركون الحقيقة أبداً، لهذا يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: (شرّ العمى عمى القلب، وأعمى العمى عمى القلب)
وهنا تظهر حقيقة أنّ القلوب التي في الصدور تدرك الحقائق وليس كما يدعي من قبل الماديون: إنّ القلب مضخة للدم فقط.

نشرت في الولاية العدد 110

مقالات ذات صله