مهنـــة الحلاقـــــة فـــن ونظافـــــــــة

ارشد رؤوف قسام

أهتم الأنسان منذ القـدم بهيئته وخصوصا في تصفيف شعـر رأسـه وذقنــه (اللحية) وإزالة الشعر غير المرغوب فيه من مختلف الأماكن من جسمــه مراعاة للجمال والنظافة وكما تشير الرسوم التاريخيــة مـن آثـار البابليـين والسومريين وحضارة بلاد الرافدين بصورة عامه الى ذلـك الاهتمام فـي ترتيــب شكـل الشعــر واللحيـة ليظهـر بأبهى صورة وكذلك الحـال بالنسبــة للفراعنة فتظهر صورهم التاريخية القديمة انهم كانوا يحلقون شعر رؤوسهم تماما وكذلك اللحية يحلقونها وكأنما يستبدلونها بأشكال مستعارة فتبدو على غير طبيعتها وحتى كانت حلاقة الفرعون جزءً أساسيا من مراسيـم التنصيب إذ كان كبير الكهنة هو من يقوم بمهمة الحلاقة للفرعون …… وكذلك العرب قبل الإسلام أهتموا بحلاقة شعر الرأس واللحى وبعد ذلك حث الإسلام كثيرا على النظافة حتى جعل المسلــم النظيـف خير مـن المسلم غير النظيف لذلك اهتم المسلمون بحلاقة شعر الرأس وتشذيب اللحى والشوارب وترتيبها باعتبارها جزء من النظافة العامة وهكذا توالت الأزمان ووصلنا الى يومنا هذا ألذي تعتبر فيه مهنة الحلاقة من أقدم المهن في التاريخ وللأسباب التي ذكرت آنفا ولذلك ليس لها تاريخ معين في العراق عامة والنجف على وجه الخصوص كمهنة ألا أن (المزين) وكما يسمى في النجف هو سليل الأطباء حيث كان المزين يداوي الجروح ويقلع الأضراس ويختن الأطفال وغيرها من الأمور العلاجية وكان قديما ليس له مكان ثابت بل كان يتنقل بين الأطراف لغرض الحلاقة والمداواة وبحثا عن رزقه الحلال ….

وكانت الحلاقة قديما ايضا فيها موديلات وقصات معينه تخضع لذائقه الزمن وما يختاره الزبون وكذلك تحكمه المناسبة التي يتهيأ لها فمثلا حلاقة الأعياد تختلف عن حلاقة الاستعداد لشهر محرم وصفر وتختلف ألأخرى عن حلاقة عيد النوروز، الا أن من ابرز القصات وقتها والتي لها مسميات مثل ( زيان مجيدي وهو ما يشبه عمله معينة وقتها وكذلك زيان ابو حواف شبيه الطاسة الذي يسمى اليوم حفر وكذلك زيان جعجولة الذي يُبقي فيه الحلاق على مقدمة الرأس من الشعر ويترك الباقي خفيفاً جدا أو نمره صفر وزيان نمره صفر يسمى زيان عرب اي يحلق الرأس بالموس و زيان عصملي وهو حلاقة الرأس بمستوى خفيف وبصورة متماثلة لكل الرأس مع زلف خفيف أيضا وبدون لحيه وكان يسمى ايضا زيان الأفندية و كذلك كان هناك زيان الصولجري وهو زيان العسكر وهو حلاقة اعلى الرأس نمره اربعه والجوانب نمره اثنين وبدون زلف أما حلاقة الشباب فكانت تسمى تواليت وهو يسدل الشعر لمستوى الرقبة مع اطالة جانب معين من اليسار بأتجاه اليمين تسمى كذله ويسرح الشعر بصوره كبيره أما زيان الخنافس فهو اطالة الشعر والزلوف الى اطول ما يمكن وهذا النوع كان غير مألوف في النجف) وكان محل الحلاق او المزين عباره عن كرسي ومراية وقروانة مع منشفة ووزره وعدة للحلاقة الموس وهي شفره مع مسن لحد الشفرة وهي سير من جلد خاص يشحذ الشفرة بها مع مشط بأحجام مختلفة وكان لكل حلاق صانع صغير لتنظيف المحل من الشعر وتهيئة الزبون حيث يلبسه الوزرة وكان هذا الصانع يتدرب على الحلاقة خصوصا برؤوس الأطفال الذين يأتون للحلاقة وغالبا ما كان هذا الصانع يبادر الزبون عند اكماله الحلاقة بقوله (نعيما عمي ) وذلك للحصول على الإكرامية وعندما يختم الصنعة يغادر هذا الصانع محل استاذه ليفتح محلا بمفرده أما الحلاق المتنقل فكانت جنطته التي تحوي كل العدة أما الكرسي فهو عباره عن تنكه لجلوس الزبون اينما ظفر به.
وكانت النجف قديما بسكانها في أطرافها ألأربعه وزوارها والمقيمين من طلبة العلوم الدينية وغيرهم وبالرغم من عددهم المحدود نسبيا ألا أنها كانت تستوعب الكثير من الحلاقين الذين كانوا يقومون بعملهم وفق الضوابط الأخلاقية والشرعية للمهنة وبثوابت لا يتجاوزونها مهما كانت حاجتهم للمال فأخلاقيات المهنة فوق كل اعتبار لذلك كان الحلاق شخصا محترما ومن شخصيات المدينة وإن شاء الله سأذكر بعض أصحاب هذه المهنة في العدد القادم و بشيء من التفصيل ولا يفوتني هنا أن أذكر انه في وقت معين تقرر أن تكون عطلة للحلاقين وهي يوم الأثنين وسبب الاختيار اهذا اليوم على ما أعتقد هو أنه كان معمولا بذلك في اوربا حيث كان إقبال الناس على الحلاقين في يومي العطلة السبت والأحد عندهم فكانت الاستراحة يوم الأثنين وسرى ذلك الاختيار عالميا وكان في العراق سبب العطلة هو لأمور تنظيمية على أغلب الظن .

نشرت في الولاية العدد 113

مقالات ذات صله