تأريخ المكتبات في محلة الحويش

رسول عبيد

تعد محلة الحويش من المحلات القديمة المعروفة في مدينة النجف الاشرف التي تمتاز بأرتفاعها عن مستوى الصحن الحيدري بحوالي 4_ 3 أمتار وتشتهر هذه المحلة بانتشار محلات بيع الكتب في أزقتها بمختلف أنواعها الدينية والاجتماعية والثقافية وتعد محلات بيع الكتب وهي ما يطلق عليها اسم المكتبات أي المكان الذي يتصفح به القارئ الكتاب المكان الأثير للكتاب حيث تنطلق المعلومات من هذا المكان لتنتشر بين رواد الكتب ويشهد سوق الكتب في هذه المحلة حركة واسعة وإقبالا كبيراً من الباحثين وطلبة الحوزة العلمية ( رجال الدين ) والمثقفين من الأكاديميين وطلبة الجامعات إذ يعود تأريخ هذا السوق إلى مئات السنين

لذة لا توصف
الدكتور حسين الشريفي صاحب مكتبة يروي لـــ مجلة الولاية قصة هذا السوق قائلا: «للحديث عن المكتبات في سوق الحويش لذة لا توصف, يشتهر هذا السوق بانتشار محلات بيع الكتب في أزقته منذ زمن بعيد وكانت في الماضي في هذا السوق أي في عشرينيات القرن الماضي مكانا يسمى الطمة تباع به الكتب بالمزاد العلني, ولو رجعنا إلى تاريخ طباعة الكتب وتداولها لوجدنا أغلب طباعة الكتب تتم طباعتها في مدينة النجف الاشرف في وقت كانت فيه الطباعة حجرية .
وتابع الشريفي الحديث « إن ما شهده العصر من تدفق الكم الهائل من المعلومات عبر الانترنيت قلل من الحركة الشرائية وإقبال الزبائن على الكتب الورقية ,لكن من أسعف الكتاب المطبوع المعارض المحلية والدولية للكتب وبالخصوص في مدينة النجف الاشرف, كان للعتبة العلوية دورا كبيرا في الحفاظ على قيمة المقروء الورقي ومن خلال اقامة معارض الكتب لاستقطاب أكبر عدد من المكتبات ودور النشر العالمية في بيروت ومصر
وبين « أنه بدأ العمل بمهنة الكتب في ثمانينيات القرن المنصرم ولشدة عشقه للكتاب أشترى الدار الوطنية للكتب ,ليتواصل مع رواد العلم من الشعراء والكتاب الذين يرتادون المكتبات.

الحفاظ على إرث المطبوع
وقال مسؤول معرض الكتاب الدائم حيدر محمد الموسوي في تصريح لــــ «مجلة الولاية : «أن العتبة العلوية المقدسة أعادت طباعة الكتب النادرة للحفاظ على الكتاب بشكل عام من خلال التعاون مع الباحثين والأكاديميين والمكتبات العامة في النجف الأشرف من الإصدارات القديمة , ومنها مجلة العلم التي صدرت عام 1910, فضلا عن خمسين رسالة جامعية تخص الشعر وتخص مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وأضاف « أنه عن طريق التعاون مع ورثة أصحاب المجلات ممن يمتلكون أرشيفاً خاصاً لهم, وبعد حصول الموافقة على إعادة طباعتها يتم طباعة عدد معين منها». مشيراً» إلى أنه تمت طباعة كتب أمير المؤمنين(عليه السلام) والكتب التي تخص حياة بضعة النبي الأكرم فاطمة الزهراء(عليها السلام) ومجلات النجف القديمة وبعض عناوين الكتب المهمة من الفترة الواقعة بين 1910و1940 «.

الكتاب رؤية كونية
كما أبدى رجل الدين الشيخ شغال بن ناصر أحد الزبائن الذين يرتادون سوق الحويش على الدوام رأيه بالكتاب قائلا: «أن الكتاب يمثل رؤيا كونية للكاتب أو العالم أو المفكر يدونها على الورق لتصل إلى الملاين من البشر , وهذا يجعل طالب العلم يستغني عن مقابلة ذلك المؤلف بقراءة أفكاره من خلال الكتاب، وأضاف» أن الخطر الفكري ومصادرة حرية الرأي في فترة حكم النظام البائد , أدى إلى إتلاف الكثير من الكتب خشية من بطش النظام ,واليوم أصبحت محلة الحويش بعد سقوط النظام ودخول العالم مرحلة تطور وتقدم جديدة محلة عامرة بالمكتبات التي تحوي مختلف أنواع الكتب وفي متناول جميع القراء.
علي الخفاجي يعمل في مهنة بيع الكتب منذ 20 عاما ،يبين «أن التزود بالكتب في هذه السوق يتم عن طريق مزودين مختصين وهم دور النشر العامة وغيرهم ، أو من خلال أشخاص يبيعون مكتباتهم، فـ»البعض يرث مكتبة قيمة لكنه لا يقدر قيمتها ويفضل بيعها، فيما يضطر آخرون لذلك بحكم السفر مثلا , موكداً إن «الإقبال على الكتاب تراجع بحكم التطور التكنولوجي وأغلب من يقبلون على القراءة هم في سن متقدمة نسبيا، أما الطلبة والتلاميذ فلا يشترون إلا الكتب والمراجع التي يحتاجونها في دراستهم».

مكتبة صغيرة أكبر من مكتبة الفاتيكان
ويذكر ان المستشرقة الالمانية زيغريد هونكة: تناولت جانب تداول الكتب وبيعها في العراق في القرن العاشر الميلادي في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب إذ قالت فيه: في القرن العاشر الميلادي كان باب من بوابات بغداد يسمى باب البصرة فيها مئة متجر لبيع الكتب المزخرفة بالألوان الجذابة وكانت حركة الاستشراف قائمة على قدم وساق وكان لكل جامع مكتبة تعنى بأمور الفقه والمنطق والدراسات الدينية وكانت لكل مستشفى كتب تعنى بالأمور الطبية اما في مدينة النجف الاشرف كانت مكتبة صغيرة تحوي ستين ألف كتاب مقارنة بأوربا حتى الفاتيكان لايحوي الا أثني عشر كتاب ربطت بالسلاسل خشية ضياعها.

نشرت في الولاية العدد 114

مقالات ذات صله