الأمراض الانتقالية.. والأطفال

علي الوائلي

تعد ظاهرة انتشار الامراض الانتقالية بين الاطفال هي الاكثر شيوعا في مواسم تغير الفصول حيث يتعرض الكثير منهم الى العدوى من خلال انتقال هذه الامراض من شخص الى اخر وخاصة في الاماكن المكتضة بالسكان والمدارس ذات الكثافة العالية للتلاميذ حيث يصاب العديد منهم بامراض النكاف والسعال الديكي والحصبة وغيرها فتعد الطبابة الصحية عدتها لمواجهة هذه الامراض ومكافحتها بالطرق والخطط التي تضعها سنويا فيما ينشغل الاباء بالاسراع لمعالجة ابنائهم وتخليصهم من هذه الامراض.
اهم أسباب انتشار الأمراض الانتقالية
ففيما يخص المدارس ذات النسب العالية للاطفال والذين يصابون اكثر من غيرهم بهذه الامراض نتيجة للزخم الحاصل في صفوف المدرسة الواحدة فيشير الاستاذ كاظم الجليحاوي رئيس لجنة التربية في مجلس محافظة النجف الاشرف بقوله «حينما نأتي للواقع التربوي اولا من ناحية البنايات نحتاج الى بنايات كثيرة للتخفيف عن الكثافة الصفية إذ يصل الصف الواحد الى تسعين طالبا وهي في الغالب تكون من خمسين طالب فما فوق وهذا الزخم كبير واذا ما كان هناك طالب واحد قد اصيب بمرض معدي اكيد فان الطلبة الباقين سيصابون, ومن خلال لجنة التربية تم التنسيق مع لجنة الصحة وكذلك دائرة الصحة للاهتمام بالمدارس وزيادة عدد الفرق لمكافحة هكذا امراض وطلبنا من مدير الصحة في النجف ان يزيد عدد الفرق وان تكون مستمرة على طوال السنة لمراقبة ومكافحة هكذا امراض وعدم انتشارها وهناك تنسيق عال مع لجنة الصحة»
اما الدكتور موسى الكرعاوي مدير الصحة العامة في دائرة صحة النجف الاشرف فيوضح بان جميع الامراض الانتقالية مسيطر عليها في الوقت الحاضر ولا توجد حالات وبائية لهذه الامراض خارج المؤشرات المطلوبة من قبل منظمة الصحة العامة ووزارة الصحة / دائرة الصحة العامة, وهذا ناتج من خلال المتابعة الميدانية لعمل فرقنا الصحية وقطاعاتنا ومراكزنا الصحية المنتشرة على طول المنطقة الجغرافية لمحافظتنا وبالتعاون مع الجهات الحكومية الاخرى مثل دائرة ماء النجف ودائرة المجاري ومديرية بلدية النجف ومديرية تربية النجف وكافة الحلقات الساندة فضلا عن تعاون المواطنين للوصول للمؤشرات الصحية الجيدة.
الفرق الجوالة
تزايد اعداد فرق الرقابة الجوالة وتكثيف العمل في المراكز في مواسم التغيير من فصل لاخر يبينه الدكتور علي الشمري رئيس لجنة الصحة في النجف الاشرف مبينا ان الالتهابات التي تحدث في كل فصل من الصيف الى الشتاء ومن الشتاء الى الصيف كإلتهابات مسالك التنفس العليا او التهاب الفيروسات فلدينا الاجراء اللازم في وزارة الصحة او دائرة الصحة في النجف ولدينا لقاحات وهذه اللقاحات ضد جدري الماء والحصبة والسعال الديكي ولدينا ما يسمى باللقاح السداسي بالاضافة الى الثلاثي اذ لدينا لقاح لالتهاب الكبد الفيروسي, وفي كل مركز صحي بالمحافظة توجد خارطة وهي التي تشرف عليها، ولدينا فرق جوالة وفرق ترصد وهناك متسربين لا يقومون بالتلقيح فنذهب اليهم الى دورهم, والمراكز الصحية منتشرة في عموم المحافظة وهي تمنع المرض او للوقاية من الامراض فهناك الكثير من المراكز تذهب لابعد نقطة من اجل تلقيح المتسربين بالاضافة الى ان هناك اناس واعين ياتون باطفالهم الى المركز .
ويؤكد الجليحاوي ماذهب اليه الدكتور الشمري الا انه يضيف قائلا « من الضروري المراقبة المستمرة ولكن الحل الامثل لا يكمن في المراقبة الصحية فحسب وانما بالثقافة الصحية ايضا لدى العوائل والكادر التعليمي ونطالب رئاسة الوزراء ووزارة التربية بزيادة عدد الابنية المدرسية انا لا اقول لا توجد ابنية في هذه السنوات لكن عددها قليل ولا تتناسب اطلاقا مع اعداد الطلاب المتزايدة سنويا وقد تم زيارة المدارس من خلال اعضاء لجنة التربية واعضاء مجلس المحافظة ولجنة الصحة كذلك, وهناك زيارات من قبل مديرية الصحة ولجان متخصصة ولجان مكافحة الامراض، وبالنسبة لنا تم عقد ندوات ثقافية من خلال النشاط المدرسي وكذلك اللجان المتخصصة»
انواع الامراض الانتقالية:
ويعدد الدكتور الكرعاوي اهم تلك الامراض الانتقالية وكيفية تشخصيها فيبين قائلا:» اولا: الحصبة وهي مرض فيروسي حاد مرتفع السراية يبدأ بحمى والتهاب ملتحمة العين وزكام وبقع كوبليك على باطن الخد ويظهر طفح احمر بقعي ومن اليوم الثالث الى السابع من بدء الحمى يبدا على الوجه ثم يصبح عاما ويستمر من 4 الى 7 ايام واحيانا ينتهي بتقشير نخالي وقد تنتج مضاعفات الحصبة من تكاثر الفيروس او عدوى جرثومية اضافية وتشمل هذه المضاعفات التهاب الاذن الوسطى التهاب الرئة التهاب الحنجرة والقصبات الهوائية اسهال او التهاب الدماغ والحصبة اكثر شدة من بين الاطفال الرضع والبالغين وتزداد خطورة مرض الحصبة في الاطفال سيئي التغذية الاطفال المصابون بعوز مناعي سريري او دون سريري للفيتامين اي اكثر عرضة للخطر وتقدر معدلات اماتة الحالات في البلدان النامية من 3ـ 5 % وقد تصل بين 10ـ 30 % في بعض المناطق واما العامل المسبب لفيروس الحصبة RNA من جنس Morbillivirus من فصيلة الفيروسات المخاطية paramyxoviridae واما طرق الانتقال فبواسطة الرذاذ (القطيرات) او بالتماس مع الافرازات الانفية البعومية لاشخاص مصابين بالعدوى واقل شيوعا عن طريق الادوات الملوثة حديثا بافرازات الانف والحلق.
وثانيا النكاف (او كعب ابو دغيم) و يعتبر النكاف مرض عام ويتميز بتضخم او تورم واحدة او اكثر من الغدد اللعابية Salivary glands والتي غالبا ماتكون الغدة النكافية مع العلم بان جزء من هذه الحالات قد يصل الى الثلث لا يظهر عليها التورم وقد يؤدي ذلك الى صعوبة في التشخيص وان حوالي 50 % من حالات النكاف تكون مصحوبة بزيادة عدد الخلايا في سائل النخاع الشوكي مع ان 10% فقط يصاحبها اعراض سريرية تشير الى التهاب في الجهاز العصبي مثل التهاب السحايا العقيم والذي تعتبر من مضاعفات المرض تشمل المضاعفات ايضا اصابة الخصية وهذا شائع بعد سن البلوغ مع انه نادرا مايؤدي للعقم ومن المضاعفات الاخرى التهاب الكلى وعضلة القلب والمفاصل والغدة الدرقية والثدي والبنكرياس ونقص عدد صفائح الدم كما ان الاصابة قد تشمل اصابة جانب او كلا الجانبين وان الانسان يعتبر المصدر الوحيد للعدوى وينتقل المرض عن طريق التعرض المباشر لافرازات الجهاز التنفسي وتمتد فترة العدوى من 1ـ2 يوم من قبل ظهور تورم الغدة النكافية لغاية 5 ايام بعد ذلك علما بانه قد تم عزل الفيروس من اللعاب والفم خلال فترة تصل الى 7 ايام قبل التورم وحتى 9 ايام بعد التورم فترة الحضانة عادة بين 16ـ 18 يوم وتتراوح بين 12ـ25يوم من بعد التعرض للعدوى
المعالجة والتعامل مع المصابين
لايوجد علاج نوعي خاص وانما علاجات داعمة من راحة وزيادة تناول السوائل ومخفضات الحرارة والالم وابعاد المصاب عن المدرسة لغاية (7ـ9) ايام بعد ظهور التورم وابعاده عن المخالطين خاصة غير المطعمين وكذلك عن الحوامل في الاشهر الاولى للحمل وعن الذين يعانون من نقص المناعة او يتناولون علاجا مثل الكورتزون والتطعيم اثناء الوباء والجائحة لايقي من التعرض ولا يمكن ضمان الوقاية ولكنه يقي من حالات التعرض اللاحقة
وثالثا التهاب السحايا الفيروسي وهو شائع نسبيا ومترافق بازدياد اللمفاويات والبروتين في السائل النخاعي ونادرا ما يكون هذا المرض مميتا وعادة يكون الشفاء منه تماما وليس هناك اجراءات مكافحة نوعية له يحدث التهاب السحايا الفيروسي في جميع انحاء العالم باشكال فردية او وبائية ومن غير المعروف معدل الوقوع في الحالات غير الوبائية وتعد الاوبئة الناتجة عن الفيروسات المعوية الاكثر شيوعا من بين العوامل الممرضة المسببة الاخرى وتلاحظ في نهاية فصل الصيف او بداية فصل الشتاء واكثر المصابين هم من الرضع وصغار الاطفال ويعد فيروس النكاف من العوامل الهامة المسببة لالتهاب السحايا الفيروسي عند المجموعات السكانية غير الممنعة ولاسيما في الفترات الوبائية فالفاشيات التي تحدث في نهاية فصل الشتاء قد تكون ناجمة عن فيروس النكاف بشكل رئيسي ويكون معظم المصابين في هذه الفاشيات هم من الاطفال في الفئة العمرية من (5ـ9) سنوات
ورابعا الجدري المائي وهو الاخر مرض فيروسي حاد ناتج عن فيروس يبدأ فجأة بحمى خفيفة مصاحب بآلام بدنية طفيفة خاصة في المفاصل مع ضعف عام وطفح جلدي يكون على شكل بثور بقع حمراء تتحول بعد عدة ساعات الى حويصلات تبقى لمدة ثلاثة الى اربع ايام تتحول بعدها الى حبيبات جافة وتزول هذه الحبيبات دون ان تترك اثر والاطفال اكثر الفئات اصابة بهذا المرض حيث ان 90% من الاطفال يصابون قبل سن العاشرة من العمر واكثر الاصابات تكون في فصلي الخريف والربيع وينتقل هذا المرض بطريقة مباشرة عن طريق افرازات الحويصلات او عن طريق الرذاذ الصادر من الانف وحلق المصابين والجهاز التنفسي او بطريقة غير مباشرة بالأدوات الملوثة حديثا بمفرزات الحويصلات الهوائية فترة الحضانة 2ـ 3 اسبوع اما دور السراية يمتد الى 5 ايام.
واما الاجراءات المتبعة في كل حالة عند مديرية الصحة فهي العزل واستبعاد المصابين من المدرسة لمدة اسبوع بعد ظهور الطفح الاول او حتى تجف الحويصلات مع اعطاء علاج خافض للحرارة وعلاج منع الحكة واعطاء الغلوبيولين المناعي النوعي للمخالطين الذين يعانون من نقص المناعة او سرطان الدم او الذين يعالجون بعلاجات كبت المناعة كذلك تجنب المخالطة المباشرة للمريض وافرازاته وتثقيف المخالطين للمرضى حول المرض وطرق انتقاله وحدوثه رغم اكتشاف المطعوم مؤخرا 1997 فانه لايستعمل على نطاق واسع غالبا
وكذلك الكوليرا وهو مرض واسع الانتشار في معظم دول العالم وكان سبب رئيسي لحالات الاسهال في كثير من الاحيان وقد بدا بالانتشار في اندونيسيا ومعظم دول اسيا والى غرب اوروبا منذ عام 1961 وفي عام 1970 بدا بالدخول الى غرب افريقيا حتى اصبح متوطنا في دول افريقية كثيرة وفي عام 1991عاد المرض الى امريكا الجنوبية ومسبب المرض جرثومة او ضمات الكوليرا وهناك اكثر من 60 نوعا من هذه الضمات .
واما طرق انتقال المرض فهي عن طريق مياه الشرب والتي يمكن ان تتلوث من المصدر او خلال تخزين الاغذية ويمكن ان تتلوث خلال او بعد التحضير والاغذية البحرية وخصوصا تلك التي تؤكل نيئة او التي لا تطبخ جيدا والخضروات والفواكه خصوصا تلك التي تنمو على سطح الارض وتروى بالمياه العادمة او تغسل بالمياه الملوثة مثل البقدونس والنعناع والخس … الخ
واما طرق الوقاية من مرض الكوليرا فهي بتزويد المواطنين بكميات كافية من المياه الصالحة للشرب والاستعمالات الاخرى في الصرف الصحي للفضلات, سلامة الغذاء من خلال سلامة المتعاملين مع الغذاء وطرق التصنيع غسل الخضار والفواكه غسلا جيدا غسل الايدي جيدا بالماء والصابون قبل تحضير الطعام, زيادة الوعي بضرورة التوجه الى المركز الصحي للعلاج والقيام بالاستقصاء الوبائي اللازم في حالة حدوث حالات للوقوف على معرفة المصدر واتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة.

نشرت في الولاية العدد 117

مقالات ذات صله