السيد ابراهيم الغمر.. الشبيبة من آل الحسن

13730473583

السيد عباس يحيى الخياط

تجلى الإسلام بأروع صوره في الخاتم محمد(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام) وأصحابهم المنتجبين، فبسيرتهم اقتدى المقتدون فنالوا بذلك أعلى الدرجات. ومن هؤلاء آل الحسن المجتبى(عليه السلام) الذين عُرفوا بالبطولة والإباء والتضحية والوقوف بوجه كل ظالم يريد النيل من الرسالة الخالدة، إعلاء لكلمة الحق ونصرة المظلومين.
فذا محمد ذو النفس الزكية وأخوه إبراهيم ومن نحن في ذكر سيرته(السيد إبراهيم الغمر) الذي جسد البطولة بالوقوف بوجه كل ظالم حتى نال الشهادة بعد الصبر على شدة المحن.

هو السيد إبراهيم بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن المجتبى ابن الإمام علي بن أبي طالب، يكنّى بأبي إسماعيل وأبي الحسن ويلقّب بـ(الغمر) لكثرة جوده، وكان يلقب بـ(الشبيبة) لأنه أشبه آل الحسن بجده رسول الله(صلى الله عليه واله)..
أبوه هو الحسن المثنى أحد أبناء الإمام الحسن المجتبى، الذي شارك في معركة الطف حتى سقط في ارض المعركة لكثرة جراحه وشاء الله أن يبقى حيا فرجع إلى المدينة، ثم انتقل إلى جوار ربه شهيدا مسموما إبّان حكم سليمان ابن عبد الملك سنة 97هـ.
أما أم السيد إبراهيم الغمر فهي فاطمة بنت الإمام الحسين سيد الشهداء عليه السلام العالمة المجاهدة التي وقفت بكل عزم وإيمان ويقين صادق خاطبة بأهل الكوفة كاشفة فضائح الأمويين لما جاءوا بها مع سبايا أهل البيت بعد واقعة الطف، فألهبت المشاعر واقرحت القلوب وجعلت الناس تضج بالبكاء.

اخوته وأولاده:
للسيد ابراهيم الغمر عدد من الإخوة وهم: عبد الله المحض والحسن المثلث وأم كلثوم وزينب – وهم أشقاؤه- أما إخوته من أبيه فهم: داود وجعفر وفاطمة – وأمهم أم ولد رومية تدعى حبيبة صاحبة الدعاء المعروف بدعاء ام داود- ومحمد ورقية وفاطمة – وأمهم رملة بنت سعيد بن زيد بن نفيل العدوي-.
أما أولاد السيد إبراهيم الغمر فهم أحد عشر من الذكور والإناث، فالذكور هم: اسماعيل ويعقوب ومحمد الأكبر ومحمد الأصغر وإسحاق وعلي، والإناث هن: رقية وخديجة وفاطمة وحسنة وأم إسحاق.

ولادته:
لم تصرح المصادر التاريخية بسنة ولادة السيد الغمر، ولكن من خلال مراجعتنا لسيرته رضوان الله عليه وجدنا ان شهادته كانت سنة 145هـ وله من العمر 67 سنة، وحينئذ يتضح لنا ان ولادته كانت سنة 78هـ، ومن خلال هذه المدة التي عاشها يتبين لنا أنه كان معاصرا للإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام.

e (1)

صفاته:
اجتمعت في السيد ابراهيم الغمر المآثر الحسنية والحسينية، فهو كريم الحسب والنسب شديد الكرم حتى لقب بالغمر لجوده، وكان سيدا شريفا ورعا راويا للحديث.
وفيما ورد فيه وفي اخوته من التوثيقات العامة قال الإمام الصادق عليه السلام حدثني ابي عن فاطمة بنت الحسين(عليهما السلام) قالت: سمعت أبي صلوات الله عليه يقول: (يقتل منك أو يصاب نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون) بحار الانوار 47 / 302.

شهادته:
إن وقوف بني الحسن(عليهم السلام) في مواجهة المنصور الدوانيقي حدا بهذا الأخير إلى إصدار الأوامر بإلقاء القبض عليهم ومن بينهم السيد ابراهيم الغمر، وأمر الدوانيقي واليه بأن ينقلهم من حبس المدينة الى حبس الهاشمية، فأخذوهم مكتوفين مقيدين واركبوهم على أغلظ مركب بغير وطاء.
وروي انه لما اخرج بنو الحسن(عليه السلام) وفيهم ابراهيم الغمر وهم مكتوفون مقيدون بالسلاسل في ارجلهم واعناقهم وقف الامام جعفر الصادق(عليه السلام) ينظر اليهم وهو يتلهف ودموعه تجري على كريمته وهو يقول: (والله لا تحفظ لله حرمة بعد هؤلاء) تاريخ الاسلام للذهبي 9/18.
وروي ان السيد ابراهيم الغمر استشهد معذبا وله من العمر 67سنة قبل وصوله الى الحبس في الهاشمية، لأنهم جردوه من الثياب وكشفوا عنه المحمل وهم في الطريق الطويل، فسقط من حر الشمس شهيدا محتسبا إلى الباري عز وجل في ربيع الأول سنة 145هـ.

مرقده الشريف:
ذكر ابن عنبة في كتابه (عمدة الطالب) وهو من علماء القرن التاسع الهجري: أن قبر السيد ابراهيم الغمر قريب من كري سعد بن ابي وقاص، وهو صاحب الصندوق الذي يزار في الكوفة، ونستدل من هذه العبارة ان قبر السيد ابراهيم الغمر موجود ظاهر منذ تلك الفترة.
وقال المؤرخ محمد حرز الدين في كتابه (مراقد المعارف): مرقده في الكوفة على الأصح عليه قبة صغيرة بيضاء شمالي مرقد ميثم التمار، على يسار الذاهب من النجف الأشرف الى الكوفة شرقي الخندق المعروف (كري سعد ابن ابي وقاص) يبعد رمية سهم او يزيد، والمزار اليوم شامخ في المنطقة المعروفة بحي كنده.

 

نشر في مجلة الولاية العدد 73

مقالات ذات صله