شاعر وقصيدة.. تميم بن المعزّ

read

حيدر رزاق شمران

يعد الشاعر تميم بن المعزّ من الشعراء المتميّزين في التاريخ الأدبيّ، إذ توزّع شعره على مختلف الأغراض الأدبيّة، وكان أبرز ما يميّزه: الابتكار في المعنى، والوصف والصياغة الأدبيّة الجميلة التي تتلاءم مع ذوق المستمع.

 

هو الأمير تميم بن المعز لدين الله الفاطمي بن المنصور بالله بن القائم بأمر الله الفاطمي، ولد في مدينة المهدية بتونس تلك المدينة التي بناها مؤسس الدولة الفاطمية عبيد الله المهدي واتخذها عاصمة له عام 307هـ واستقر بها هو وشيعته وكبار رجال أنصاره الى ان بنى المنصور بالله مدينة المنصورية سنة 337هـ وانتقلوا اليها فنشأ الشاعر وترعرع في هذه المدينة، وقد كان لشغف الفاطميين بالعلوم وتشجيع العلماء والأدباء والشعراء وجمع الكتب النفيسة اثر في تلون الشاعر بالاتجاه الفني الذي اتجه إليه.
إبداعه الشعري:
تناول الشاعر تميم بن المعز مختلف النواحي الأدبية واندمج في ركب الشعراء وسار في موكبهم وشاركهم في المناسبات والأعياد الفاطمية ونظم فيها قصائد طويلة.
وفي ثنايا ديوانه قصائد أخرى قالها في الأعياد والمناسبات وأرسلها على منصة الخطابة على رؤوس الأشهاد وتبارى بها لذلك ولي امارة ممالك الشعر والقي إليه زمام التصرف في أقطار النظم والنثر وهذا دليل على عبقريته وتفننه في فنون الأدب العربي وأبواب الشعر.
توفي الشاعر تميم بن المعز عن عمر يناهز الثامنة والثلاثين ودفن في تربة الزعفران مع آبائه وأجداده.

من له قال لا فتى كعليّ
ومن قصيدة له يرد فيها على عبد الله بن المعتز وتفضيله العباسيين على العلويين وقد اخترنا منها هذه الأبيات:
جادَك الغيث من محلّة دارِ          وثوى فيكِ كلُّ غادٍ وسارِ
حكَمَتْ بعد قاطِنِيكِ الليالي   في مغاني رُبَاكِ بالإقفار
ورمتك الخطوبُ منهم ببينٍ         ورحيلُ القطينِ موتُ الديار
يا طلول الِلوَى غدوتِ رسوماً       دارسات الأعلامِ والأحجار
ليس عبّاسُكم كمثل عليّ       هل تقاس النجوم بالأقمار
من له الفضل والتقدم في الإسـ لام والناس شِيعةُ الكفار
من له الصِهْر والمواساة والنُصْـ رة والحرب ترتمي بالشَرار
من دعاه النبي خدْناً وسمَّا      ه أخاً في الخفاء والإظهار
من له قال أنت مِنّي كهارو ن وموسَى أكرِمْ به من نِجارِ
ثم يوم الغَدِير ما قد علمتم       خَصّه دون سائر الحُضَّار
من له قال لا فـــــتى كعليّ لا ولا منْصل سوى ذي الفَقَار
وبَمْن باهل النبيَّ أأنتم           جُهَلاء بواضح الأخبار
من توطّى الفراش يُخلف فيه  أحمدا وهْو نحوَ يثربَ سار
نحن أهل الكِساء سادسنا الروُ ح  أمين المهيمِن الجبّار
نحن أهل التقى وأهل المواساة من بني بيت أحمدَ الأبرار
أجعلتم سَقْيَ الحجيج كمن آ من بالله مؤمِناً لا يداري
واسألوا يوم خيبرٍ واسألوا مـــ ــكة عن كَرِّه على الفُجّار
واسألوا يوم بَدْر مَن فارسُ الإسـ ـلام فيه وطالبُ الأوتار
اسألوا كلّ غزوة لرسول الـ      ـله عمَّن أغار كلَّ مُغَار
يا بني هاشمٍ أليس عليٌّ    كاشفَ الكرب والرزايا الكبار

لمحات من القصيدة:
يتناول الشاعر في هذه القصيدة مناقب أمير المؤمنين(علي السلام) ردا على شاعر العباسيين الذي حاول في قصيدته تفضيل آل العباس على آل علي(عليه السلام) والشبهة التي روّجوها آنذاك في انهم لُحمة الرسول وهم الأقرب اليه من آل علي (عليه السلام) من جهة ابنته فاطمة، اذ يدعون ان أولاد العم اقرب من اولاد البنت كما يصرح شاعرهم:
لكم رحم يا بني بنته    ولكن بنو العم اولى بها
وقد بيّن الشاعر تميم بن المعز في قصيدته السابقة فضائل ومناقب أمير المؤمنين(عليه السلام) وانه صاحب الفضل والتقدم في الإسلام بينما كان الناس يرزحون تحت وطأة الكفر والشرك بالله تبارك وتعالى، ثم يبين أفضلية أمير المؤمنين(عليه السلام) وكيف ان الرسول الأعظم قد فضّله على غيره من المسلمين بتزويجه فاطمة(عليها السلام).
بعد ذلك ينتقل الشاعر الى سرد فضائل أخرى للإمام(عليه السلام) كمؤاخاة الرسول الأكرم له وقول الرسول له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي، ثم بعدها ينتقل باسلوب عفوي وبانسيابية فنية ليستعرض عيد الغدير الأغر وما خص الرسول عليا(عليه السلام) بالولاية على المسلمين من بعده.

 

نشرت في الولاية العدد 80

مقالات ذات صله