حيدر محمد الكعبي
يعد المسلسل التلفزيوني الشهير (الإمام علي) أو (شهيد الكوفة) من اشهر المسلسلات الدرامية التي تتحدث عن تاريخ الاسلام وهو أول مسلسل يتصدى لبحث مسألة تاريخية شيعية خاصة في المجال الدرامي، أخرجه (داوود مير باقري) وأنتج في العام 1996، شارك في التمثيل 150 ممثلاً أساسياً وأكثر من خمسة آلاف كومبارس (دور ثانوي).
وقد صور المسلسل في مواقع تصوير كبيرة تحتاج الى الكثير من الديكورات والملابس والادوات الحربية، ولم يتحقق ذلك الا بمشاركة كوادر فنية كثيرة ذللت الظروف الصعبة للانجاز، وكان ذلك نابعا من امتلاك العاملين روح الاندفاع نحو القضية العقائدية ورموز الاسلام الحقيقية.
استغرق إعداد هذا العمل ثلاث سنوات لذا فهو يعد من الأعمال التلفزيونية الضخمة، وقد حظي بأهمية كبيرة، وقد عد من أفضل المسلسلات الدينية للتلفزيون الإيراني وعلى الرغم من مرور اكثر من عشرين سنة على عرضه فهو لا يزال يمثل رسالة تاريخية تشرح تلك المرحلة من التاريخ الاسلامي لعموم المسلمين.
وقد دار حول هذا المسلسل جدل كثير في الجمهورية الاسلامية، ولعل ذلك يعود الى النسبة العالية من المشاهد التعبيرية من الخيال والفنتازيا الذي استثمره المنتج من اصل الاحداث التاريخية للحقبة التي يتحدث عنها المسلسل، وقد صرح كاتب ومخرج المسلسل في تقرير نشرته مجلة سروش الايرانية العدد 802 قائلا: (ان عامل الخيال والفنتازيا يحتل نسبة 80% من المسلسل وهو مستوحى من قراءاتي الشخصية لتاريخ الاسلام، مع ان 20% من التاريخ هو اساس عملي).
ويلاحظ على المسلسل انه استطاع ان يقدم ظواهر تاريخية بسيطة من حياة الامام علي عليه السلام ومن هنا يتبين لنا اننا بحاجة الى انتاج افلام ومسلسلات ووثائقيات كبيرة تسلط الضوء على جوانب الحكمة والكرامات لهذه الشخصية الاستثنائية فنحن نجد قصة مثل قصة البؤساء التي تؤرخ للثورة الفرنسية الكثير من الافلام والمسلسلات للمشاهدين.
وعلى مستوى التمثيل فقد ابدعت العديد من الشخصيات المشاركة في المسلسل باداء ادوارها، مثل شخصية مالك الاشتر الذي احتل مساحة واسعة مهمة من دور البطولة، ولكن من جانب آخر لم يجسد المسلسل باقي اصحاب الامام علي (عليه السلام) بهذه الدرجة من القوة، وربما تعمد مخرج العمل ذلك ليركز دور البطل على شخصية مالك الاشتر لاغراض درامية قيمتها الاساسية هي البطولة الفذة.
يغلب على المسلسل طابع الحزن الذي يجسد المحنة التي عاشها الامام علي(عليه السلام) في اكثر المراحل حساسية من تاريخ المسلمين وقد كانت الالحان والمؤثرات الصوتية غاية في الروعة لدعم هذه الغاية.
ولكن مما يؤخذ على المسلسل انه لم يسلط الضوء بشكل واضح على حقائق تاريخية ثابتة عند الفريقين بصورتها الثابتة في التاريخ مثل معركة الجمل، كما انه يظهر بعض الشخصيات المهمة في التاريخ بصورة غير مناسبة كما هو الحال مع شخصية الصحابي الجليل (ابو ذر الغفاري) و (عبد الله بن خباب بن الارت).
نشر في الولاية العدد 90
