مراهق..

bigstock-one-caucasian-young-teenager-s-43138063

حيدر رزاق شمران

وقف أمام نافذة حجرته المطلة على بيت جارهم .. وأخذ يفتح الشباك رويدا .. رويداً ليتلصص بنظره على فتاة ثمة قد انهمكت بالمضي جيئة وذهابا في حديقة المنزل المجاور منشغلة عما حولها بالدرس والمطالعة.. غافلة عن عين ذلك المتابع الذي أخذ يرقبها بجفنين لا يرمشان..
حسناً لقد اصبحت الآن شابا يافعاً ومن حقي ان أرى الأشياء كما هي لا أن اظل قابعا في قوقعتي.. أو ان أحرص على ما يردده والدي من تعاليم وأخلاق ربما تكون غير صالحة للتطبيق في أيامنا هذه.. فكل عصر له اسلوبه الخاص وتعاليمه الخاصة بحسب ما تقتضيه طبيعة التفكير فيه وتطور المجتمع الذي يعيشه ..
زمن القيود قد ولى .. فاليوم عصر الحداثة والانترنت إذ الدنيا قرية صغيرة في عيني.. فلا ينبغي أن اظل مطأطئاً برأسي ونظري كما يوصي والدي مرارا..
تسمّرت عيناه على الفتاة التي لم تزل منكبة على الدراسة دون أن تشعر بما حولها..
أخذ يحدث نفسه من جديد:
لماذا الحواجز ا بين الشاب والفتاة؟ ما سبب اصرار آبائنا وأمهاتنا على ان لا يكون هنالك اختلاط بين الفتيات والشبان في مقتبل اعمارهم؟ هل هم يخشون الحضارة المعاصرة والتقدم الذي يشهده العالم؟ ام هم منغلقون على انفسهم.. فيتمنون ان يحذو الآخرون حذوهم.. أم هم .. أم هم..
وبينما كان سارحا في فكره وإذا بالباب يفتح.. صعق حين شاهد والده امامه.. وبيدين متشنجتين اغلق الشباك بقوة حتى لا يتعرض لتأنيب أبيه لكن والده فهم ما قد صدر منه..
بنظرة ذات مغزى التفت الوالد اليه قائلا: بني لقد اوقعت نفسك في خطأ كبير.
لم ينبس الابن ببنت شفة.. فاسترسل والده في الحديث معه برفق:
حسنا لو اخبرتك ان امك او اختك قد اصيبت بأذى من أحدهم فهل تقبل ذلك؟
أجابه الابن وقد احمرّت عيناه: بل أدفع عنهما بروحي.
فرد والده:.. فما بالك اذن ترضى لغيرك ما تأباه لنفسك، فاستغفر الله يا ولدي من هذا العمل وان تعرضت يوما ما لهكذا موقف فتذكر دائماً قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (عفّوا عن نساء غيركم تعفَّ نساؤكم).

نشرت في الولاية العدد 85

مقالات ذات صله