سلمان المحمدي

ouuou_10_800x600

فارس رزاق علوان الحريزي

قال رسول الله صلى الله عليه واله: (يا علي ان الجنة تشتاق اليك وإلى عمار وسلمان وابي ذر والمقداد)(روضة الواعظين: 2/280).
كان يزجي الأمور إلى حيث حقيقة الايمان، والبحث عنها قبل دخوله الاسلام ذائقا حلاوة الرضا ببلوغه الهدف المروم، غير مكترث بما تؤول اليه الامور الجسام، المهم عنده الوصول الى منهج الطريق الواضح اذ سابق قومه واقرانه، ففاضلهم على نظرية تقوى الله سبحانه واطاعته، فهاجر برحلة طويلة الى الله بعد التصميم على السير وان لا يلتفت الى الوراء فلفته صحيفة الابرار النقية آخذة به الى عنان الذروة، لا يمنعه الضيق الذي هو به بل امتطى الخطوب وتجاوز الانداء فنال الربا بجدارة وحصل على ما سعى اليه واحتل مراتب الايمان العليا لذا قال عنه رسول الله صلى الله عليه واله: (سلمان منا اهل البيت) «عيون اخبار الرضا عليه السلام: 2/64، ح282»، أجل هذا هو سلمان الفارسي الذي تحول الى المحمدي، قال ابو جعفر عليه السلام: لا تقولوا سلمان الفارسي بل قولوا سلمان المحمدي ذلك رجل منا اهل البيت. «اختبار معرفة الرجال: 1/54، ح26» فلا غرو اذا ما اجاب عنه امير المؤمنين عليه السلام عندما سئل: (ما أقول في رجل خلق من طينتنا ، وروحه مقرونة بروحنا ، خصه الله تبارك وتعالى من العلوم بأولها وآخرها وظاهرها وباطنها وسرها وعلانيتها )»سلوا سلمان المحمدي، الميرزا حسين نوري الطبرسي: 187».
كان سلمان يلقب بلقمان اهل البيت ومن بمثله فهو عَلِمَ عِلمَ الاول وعلم الاخر «أمالي الشيخ الطوسي: 362، ح: 732، وشرح نهج البلاغة: 18/36»، فقد كان حكيما بمعرفة الله ورسوله واوليائه وانه علم ما يحتمله غيره، ولذا قال عنه الرسول صلى الله عليه واله: اعرفكم بالله سلمان «مشارق الانوار اليقين: 206»
فكان رضي الله عنه قانتا فاصطفاه الله الى المرجع الحسن في الدنيا والاخرة، وقد كان محدثا عن امامه وقد آخى رسول الله صلى الله عليه واله بين الكماة اذ اختار من تميز غيظا على الاعداء والكفرة وصاحبي اغداق العطف، فآخى بينه وبين ابي ذر الغفاري. «شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد: 18/37».
وكان احد الأركان الأربعة (عمار والمقداد وسلمان وابي ذر) ومن اقواله رضي الله عنه: (لا أزال احب عليا فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يضرب فخذه ويقول: محبك لي محب، ومحبي لله محب، ومبغضك لي مبغض، ومبغضي لله تعالى مبغض) «أمالي الشيخ الطوسي: 362 وعنه بحار الانوار/ 27/82»، فكان سلمان يحب ال محمد لأجل التقرب الى الله ولا ضير في ذلك فان حبه لعلي عليه السلام نتيجة لسماعه من رسول الله صلى الله عليه واله ان الحق مع علي وعلياً مع الحق، كذلك حضوره يوم الغدير، ومشاهدته لأغلب البيانات الواضحة، وهو رضي الله عنه يغالي في طلب المعالي والسعي وراءها برغم الحزن الذي اعتراه الا انه حصل على مبتغاه، فعن الامام علي عليه السلام: قد ضاقت الأرض لسبعة بهم ترزقون، وبهم تنتصرون، وبهم تمطرون، منهم سلمان والمقداد، وابو ذر وعمار وحذيفة رحمهم الله، وكان علي عليه السلام يقول: وانا امامهم هم الذين صلوا على فاطمة عليها السلام(اختيار معرفة الرجال: 1/32 ح13)، ولما سئل سلمان لمن الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه واله قال شعرا:
ماكنت أحسب أن الأمر منصرف               عن هاشم ثم منهم عن أبي الحسن
أوليس أول مـــــــن صلى لقبلته              وأعلم بالقول بالأحكام والسنــــــــن
ما فيهم من صنوف الفضل يجمعها            وليس في القوم ما فيه من الحســـن
توفي سلمان سنة 36 وقيل 37 وكان من المعمرين «حياة سلمان الفارسي، محمود شبلي: 22»، غسله الإمام علي عليه السلام وكفنه وصلى عليه ودفنه في منطقة طاق (المدائن) وقبره يزار، وقد صدق الشاعر اذ قال:
فقد كان سلمان له عند ربه من الفضل ما اربى على كل فاضل

نشرت في الولاية العدد 87

مقالات ذات صله