مواكب

293742_119075861584533_852162295_n

حيدر رزاق شمران

كانت ثمة راية عالية تخفق في السماء.. وأجزاء من مخيمات وسرادق مبعثرة لموكب سيشيد بعد حين.. وثمة شباب يملأ أنفسهم عزم يهد الجبال قد انتشروا في المكان جيأة وذهابا ليحملوا على أكتافهم أعباء موكبهم الجديد.. ونظر صاحب الموكب نظرة خاطفة فيما حوله.. ثم أشاح ببصره وأخذ يفكر مليا.. هناك مشكلة ما.. فأعمدة السرادق غير كافية لإتمام عملهم ..لا بد من علاج لهذا الأمر بأن يرسل جماعة للمدينة ليجلبوا معهم على وجه السرعة أعمدة وأوتادا من هناك.. وبينما هو منغمر في تفكيره وإذا بأخيه الأصغر قد أقبل وهو يحمل أوتادا قد وضعها على كتفه وهو كان يشد وسطه بـ(شماغه) ليخفف من أعباء ذلك الجهد الجهيد.. فبادره أخوه قائلا.. «من اين حصلت على هذه الأعمدة؟ فأجابه وهو يضع الأعمدة بجانبه ويلتقط ما بقي له من أنفاس.. «من الموكب المجاور لموكبنا.. فنظر إليه أخوه الأكبر بنظرة ذات مغزى وسأله قائلا.. «وهل استأذنت من أصحابه في ذلك»؟ فأجابه والدهشة تعلو وجهه : كلا وما الحاجة للاستئذان!.. فإخواننا في الموكب المجاور شباب طيبون ولا يمانعون بذلك أضف إلى ذلك ان الجميع هنا في خدمة زوار الحسين وما من عمل نعمله الا ونعمله تقربا لله تعالى وحبا بسيد الشهداء.. فتبسم صاحب الموكب وقد ربت بيده على كتف أخيه بينما كان يتحدث إليه بكل سكينة وتؤدة.. «كما تقول يا أخي ولكن لا يطاع الله من حيث يعصى إذ ينبغي عليك ان تستأذن أصحابه الشرعيين قبل ان تتصرف بأي شيء.. وبينما كان يهم أخوه الأصغر في إرجاع الأعمدة الى الموكب المجاور نادى المؤذن للصلاة فقال الأخ الأكبر لأخيه «ناد على شباب الموكب أجمعهم للصلاة» فأجابه أخوه وهو ينظر إليهم وهم يعملون بجد وعزم.. «لكنهم مشغولون بعملهم الآن وسيؤدون الصلاة بعد فراغهم» فتبسم أخوه ثانية بينما كان يتحدث إليه.. «هل سمعت عن أبي ثمامة الصيداوي؟.. وحينما أشار إليه اخوه بـ(لا) قال: (كان أبو ثمامة الصيداوي من أصحاب الحسين الذين شهدوا معه كربلاء ويذكر الرواة أن أبي ثمامة حينما اقترب الوقت لصلاة الظهر قال للحسين.. والله لا تقتل حتى اقتل دونك وأحب ان ألقى الله وقد صليت هذه الصلاة فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال (ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها).. فانظر يا أخي كيف ان الحسين يؤكد على أصحابه وأهل بيته في إقامة الصلاة في وقتها لأن صلاتنا هويتنا التي ثبتها الحسين بدمه الشريف).
وبعد برهة اصطف الشباب صفوفاً وقد تقدم أمَامَهم من يؤمهم بالصلاة.. وعمّ المكان سكون رتيب إلا من صوت مؤذن ينادي (حي على خير العمل) وراية تخفق في السماء عالياً قد خُطّ عليها (يا حسين).

نشرت في الولاية العدد 87

مقالات ذات صله