عبرة التاريخ والواقعة في «حركة السفياني»

المهدي-ع

اعداد: رياض الخزرجي

السفياني من الشخصيات البارزة في حركة ظهور المهدي عليه السلام. فهو العدو اللدود المباشر للإمام المهدي عليه السلام، وإن كان بالحقيقة واجهة للقوى المعادية التي تقف وراءه كما ستعرف. وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن خروجه من الوعد الإلهي المحتوم، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام: (إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفياني حتم من الله، ولا يكون قائم إلا بسفياني) البحار : 53 / 182.
وأحاديث السفياني متواترة بالمعنى، وقد يكون بعضها متواتراً بلفظه. وفيما يأتي جملة من ملامح شخصيته وحركته وأخباره.

اسمه ونسبه:
المتفق عليه بين العلماء أن تسميته بالسفياني نسبة إلى أبي سفيان لأنه من ذريته، كما يسمى ابن آكلة الأكباد نسبة إلى جدته هند زوجة أبي سفيان التي سميت بذلك لأنها حاولت أن تأكل كبد الحمزة سيد الشهداء رضي الله عنه بعد شهادته في أحد، فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: (يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس. وهو رجل ربعة (أي مربوع) وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور. اسمه عثمان وأبوه عيينة (عنبسة)، وهو من ولد أبي سفيان، حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها) البحار : 52 / 205.
وفي حديث آخر أنه من ولد عتبة بن أبي سفيان البحار: 52 / 213، وأولاد أبي سفيان خمسة: عتبة ومعاوية ويزيد وعنبسة وحنظلة.
ولكن ورد في إحدى رسائل أمير المؤمنين عليه السلام الى معاوية النص على أنه من أبناء معاوية، جاء فيها: (وإن رجلاً من ولدك مشومٌ ملعون، جلفٌ جاف، منكوسُ القلب، فظٌّ غليظ، قد نزع الله من قلبه الرحمة والرأفة، أخواله كلب، كأني أنظر إليه، ولو شئت لسميته ووصفته وابن كم هو، يبعث جيشاً إلى المدينة فيدخلونها فيسرفون في القتل والفواحش، ينجو منهم رجل زكي نقي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. وإني لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته).
وفي مخطوطة ابن حماد ص75 عن الإمام الباقر عليه السلام أنه: (من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان). وقد يكون جده الذي ذكرت روايات أنه عنبسة أو عتبة أو عيينة أو يزيد من ذرية معاوية بن أبي سفيان، فيرتفع الإلتباس.
والمشهور عند علماء السنة أن اسمه عبد الله، وفي مخطوطة ابن حماد ص 74 أن اسمه (عبد الله بن يزيد) ولكن المشهور أن اسمه عثمان كما ذكرنا.

خبثه وطغيانه وحقده على أهل البيت وشيعتهم
يتفق رواة الأحاديث على نفاقه وسوء سيرته، ومعاداته لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وللمهدي عليه السلام. والأحاديث التي رواها الجميع عن شخصيته وأعماله واحدة أو متقاربة. كما في مخطوطة ابن حماد ص76 عن أبي قبيل قال: (السفياني شر ملك، يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم. ويستعين بهم، فمن أبى عليه قتله)، وفي ص80 قال: (يقتل السفياني من عصاه، وينشرهم بالمناشير، ويطبخهم بالقدور، ستة أشهر).
وفي ص84 عن ابن عباس قال: (يخرج السفياني فيقاتل، حتى يبقر بطون النساء ويغلي الأطفال في المراجل) أي القدور الكبيرة.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس. أشقر أحمر أزرق، لم يعبد الله قط، لم ير مكة ولا المدينة. يقول يا رب ثاري والنار) البحار: 52 / 354.
ومن أبرز صفاته التي تذكرها أحاديثه حقده على أهل البيت عليهم السلام. بل يظهر منها أن دوره السياسي هو إثارة الفتنة المذهبية بين المسلمين وتحريك السنة على الشيعة تحت شعار نصرة التسنن، في الوقت نفسه الذي يكون فيه عميلاً لأئمة الكفر الغربيين واليهود.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا صدق الله وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه و آله وقاتل معاوية بن أبي سفيان علياً بن أبي طالب عليه السلام وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السلام والسفياني يقاتل القائم عليه السلام) البحار : 52 / 90.
وعنه عليه السلام قال: (كأني بالسفياني ـ أو بصاحب السفياني ـ قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فنادى مناديه: من جاء برأس (من) شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم، أما إن إمارتكم يومئذ لاتكون إلا لأولاد البغايا، وكأني أنظر إلى صاحب البرقع، قلت: من صاحب البرقع؟ قال: رجل منكم يقول بقولكم، يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلاً رجلاً أما إنه لايكون إلا ابن بغي) البحار : 52 / 215.
وقد رأينا في عصرنا بعض أصحاب البراقع المقنعين من عملاء اليهود يدخلون معهم إلى مناطق المسلمين التي يسيطرون عليها، وقد أخفوا وجوههم السوداء ببراقع سوداء أو غيرها يدلونهم على المؤمنين ويحوشونهم لهم، فيأخذونهم إلى السجن أو يقتلونهم.
والسفياني من تلامذة هؤلاء، وملثموه من نوع ملثميهم. وفي مخطوطة ابن حماد ص 82: (وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان، فيقتلون شيعة آل محمد بالكوفة، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي).
وقد ذكرت بعض الأحاديث أن رايته حمراء، وهي ترمز إلى سياسته الدموية، كما في البحار: 52 / 273، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: (ولذلك آيات وعلامات.. وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من بني كلب).

نشرت في الولاية العدد 89

مقالات ذات صله