أبو الأسود الدؤلي

ر-سالة-الشعرر

رياض الخزرجي

هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، حيث ينتهي نسبه إلى مضر بن نزار، والدؤلي أو الدائل هو أحد أجداده.
كنيته: أبو الأسود، وقد طغت كنيته على اسمه فاشتهر بها، علماً بأنه لم يكن ذا بشرة سوداء على الأغلب، وليس له ولد اسمه أسود.

ولادته ونشأته:
ولد أبو الأسود سنة (16) قبل الهجرة، وقد وُلد على الأكثر في اليمن، وكان الإمام علي (عليه السلام) في اليمن مبعوثاً من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصحبه وآزره بشعره منذ نعومة أظفاره.

إسلامه:
من الثابت أنه أسلم في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أنه اختلف في أنه متى دخل الإسلام. وأغلب رجال التأريخ اعتبروه من تابعي الصحابة، فهو لم ير النبي (صلى الله عليه وآله)، والظاهر أنه أسلم في أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله).
سيرته في عهد الإمام علي (عليه السلام): رُحِّل أو هاجر أبو الأسود إلى البصرة في عهد عمر بن الخطاب، ولم نسمع له ذكراً أو دوراً هناك لا في زمن عمر ولا في عهد عثمان. وحينما بايع الناس الإمام علياً (عليه السلام) بالخلافة نشط الدؤلي بالبصرة، وتَقَلَّد أسمى مراتب الدولة، فأصبح قاضياً، ثم مدير دائرة الصدقات والجند، ثم والياً على البصرة بعد ابن عباس. وقد كان له دور كبير ورئيس في حرب الجمل، إذ قام وسيطاً بين الإمام علي (عليه السلام) وعائشة وطلحة والزبير. وبعد حرب الجمل اشترك أبو الأسود الدؤلي في حرب صفين، فقد صاحب الإمام علياً (عليه السلام)، ولم يرضَ بأبي موسى الأشعري في التحكيم، وبعد الانكسار المعنوي في صِفِّين كان أبو الأسود الدؤلي قائداً للجيش الذي حارب الخوارج.

دراسته، وشيوخه، وتلامذته:
كان أبو الأسود من خلال مواهبه وملكاته النفسية يميل الى المجالات الثقافية والفكرية كما نرى ذلك في أعماله وآثاره.
قال السيوطي عنه: (هو اكمل الرجال رأياً, وأسدهم عقلا). وفي تهذيب التهذيب: (كان ذا دين وعقل ولسان وبيان وفهم وذكاء وحزم). والجاحظ صرح بهذه المواهب ايضا, وغيره من المؤرخين والمترجمين أكدوا على هذه الخصائص التي يملكها أبو الأسود، وقد شعر أبو الأسود بما يملكه من مواهب, وربما نبهه عليها آخرون, فـاخـذ بـتـزويـد نفسه من مختلف المجالات الثقافية المتعارفة آنذاك, وقـد صـرح بـامـتلاكه لمثل هذه المجالات الثقافية المؤرخون. وابـو الاسـود قد اتجه في عقيدته الدينية لاهل البيت عليهم السلام: وربما نشأ هذا الاتجاه في نفسه منذ بداية إسلامه، كما ذكر ذلك في شعره:
هوى اعطيته لما استدارت         رحى الاسلام لم اعدل سويا
وبـمـا انه كان من التابعين والشيعة ـ كما يجمع على ذلك المؤرخون ـ فلابد ان يكون اكثر اتصالا وصحبة للإمام (عليه السلام) وللصحابة من شيعته ومواليه.
اما شيوخه:
1 ـ في الرواية: قال الشيخ الطوسي: (وقد روى عن علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ). وفي محاضرات الراغب: ( روى عن ابي ذر وابن عباس وعلي (عليه السلام) وغيرهم ). وفي بغية الوعاة: (روى عن عمر وعلي وابن عباس وابي ذر وغيرهم ). وقـال فـي الأغـاني: (وقد روى عن عمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب فاكثر, وروى عن ابن عباس وغيره ) وفي تعبيره (فاكثر) يشير الى ان أبا الاسود كان اكثر اتصالا ودراسة ورواية عن الامام (عليه السلام) من غيره.
2 ـ في القرآن الكريم: فقد ذكر في اكثر الكتب انه كان من القراء, ويدل على ثقافته في هذا المجال تحريكه للقرآن الكريم. وقـد ذكـر فـي روضـات الـجـنـات: (وهـو أحـد الـقـراء, قـرأ الـقـرآن عـلـى عـلـي بن ابي طالب (عليه السلام)). وفي غاية النهاية: (اخذ القراءة عرضا عن عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب ). وفي انباء الرواة: (وكان ابو الاسود من القراء, قرا على امير المؤمنين (عليه السلام)).
3 ـ في العربية: وثـقـافـته في هذا المجال أشهر من ان تذكر, فانه وضع النحو, وكان شاعرا وعارفا باللغة العربية والأدب العربي وغيرهما.
ففي أخبار النحويين: (وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: اخذ ابو الاسود عن علي بن ابي طالب (عليه السلام) العربية). وفي انباء الرواة: (وقيل لابي الاسود: من اين لك هذا العلم ؟ ـ ويعنون النحو ـ فقال: لقنت حدوده من علي بن ابي طالب(عليه السلام)).
وكـذلك فان أكثر ما تعلمه أبو الاسود في شتى مجالات ثقافته كان على يد الامام علي (عليه السلام)، سواء كان بتصريحه ام بتصريح مترجميه أيضاً وعلى أيدي الصحابة من مواليه وشيعته، وذلك لاتجاهه العقائدي.

من نوادره:
1- أكل أعرابي مع أبي الأسود الدؤلي فرأى له لقماً منكرة وهاله ما يصنع، فقال له : ما اسمك ؟ قال : لقمان، قال أبو الأسود : صدق أهلك أنك لقمان.
2- اشترى أبو الأسود حصاناً بتسعة دنانير، واجتاز به على رجل أعور، فقال: بكم اشتريته ؟ قال : قَيِّمْهُ، فقال: قَيَّمْتُهُ أربعة دنانير ونصف. فقال أبو الأسود : معذور أنت، لأنك نظرت بعين واحدة فقيَّمتَهُ نصف قيمته.
3- قال أبو الأسود الدؤلي لبني قشير: ما في العرب أحبُّ إلى طول بقاء منكم. قالوا: ولم ذاك؟ قال: لأنكم إذا ركبتم أمراً علمت أنه غيّ فَأَجتَنِبُهُ، وإذا اجتَنَبْتُم أمراً عَلمتُ أنَّه رُشدٌ، فَأتَّبِعُهُ.
وفاته : توفّي الشاعر أبو الأسود الدؤلي (رحمه الله) عام 69 هـ بمدينة البصرة في العراق.

نموذج من شعره:
أبـنــي عــــليٍّ آل بيت مـــــحــمــد   بالطـــف تقتـــلهم جـــفاة نـــزار
سبحان ذا العرش العلي مكانه         أنــى يـــــكــابـــره ذوو الاوزار
أبني (قشيرٍ) إنني ادعوكمو            للحــــق قبل ضـــلالة وخــــسار
كونوا لهم جنناً وذودوا عنهمو           أشياعَ كــل منـــافــــق جـــبـــار
وتقدموا في سهمكم من هاشم      خير البــرية في كتاب الباري
بهموا اهتديتم فاكفروا إن شئتمو      وهمو الخيار وهم بنو الاخيار

نشرت في الولاية 90

مقالات ذات صله