مراحل حركة السفياني

الامام-المهدي

اعداد: محمد علي رياض

ربما من أكثر الأزمنة والعصور التي تقترب شبهاً من علامات ظهور الامام المهدي(عج)، هو زمننا هذا مع عدم الجزم بمطابقة هذه الأحداث مع الروايات والأخبار المنقولة، فاتساع رقعة الظلم في العالم فلا نجد مكاناً إلا وطالته يد التخريب والدمار والقتل والاضطهاد، هذا على الجانب العسكري أما الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية فالحديث يطول بنا.

لذلك نجد الكم الهائل من الروايات التي تحذر المسلمين من علامات آخر الزمان وذلك لأخذ الحيطة والحذر والتعامل معها على أساس حتمية وقوعها من جانب ومن جانب آخر الاستعداد النفسي والمادي لنصرة الامام الحجة(عج) فكلما توالت الأحداث التي نعيشها في أيامنا هذه كلما انكشف لمن لديه بصيرة ثاقبة الحجاب عن حقيقة هذه الروايات التي أكد عليها أئمتنا (سلام الله عليهم أجمعين)، وربما من أشهر هذه العلامات الحتمية التي أكّد عليها الأئمة هي ظهور حركة السفياني وبوادر الظهور وكيف سيعيش الناس في هذه الحقبة وكيف يجب أن يستقبل المؤمنون هذه الأحداث.
تدل الظروف المذكورة في الأحاديث على أن حركة السفياني عنيفة وسريعة فالوضع العالمي الذي تصل فيه درجة الصراع بين الدول إلى حد الحرب، ووضع بلاد الشام الذي تمخضه فتنة فلسطين مخض (الماء في القربة) ويعاني من الضعف والانقسام والتوتر لذلك يبادرون إلى اختيار زعيم قوي يستطيع أن يخضع المنطقة المحيطة بإسرائيل لسيطرته إخضاعا كاملاً، ويقوم بدوره في تقوية خط الدفاع عن إسرائيل والغرب، ويطلقون يده في غزو العراق واحتلاله من أجل إيقاف الخطر عليهم.
كما يطلقون يده في إسناد حكومة الحجاز الضعيفة والقضاء على الحركة الأصولية الجديدة حركة الإمام المهدي عليه السلام في مكة المكرمة.
هذه الإعتبارات التي تذكرها الأحاديث صراحة أو تشير إليها، تساعد على فهم السرعة والعنف اللذين تتحدث عنهما روايات السفياني.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (السفياني من المحتوم، وخروجه من أوله إلى آخره خمسة عشر شهراً. ستة أشهر يقاتل فيها. فإذا ملك الكور الخمس، ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً).
والكور الخمس هي دمشق والأردن وحمص وحلب وقنسرين، التي كانت مراكز لحكم منطقة سوريا. وقد نصت الأحاديث على دخول الأردن فيها.
أما لبنان فقد كان جزءً من بلاد الشام وتابعاً لكورها الخمس، فلا يبعد شمول حكم السفياني له.
ولكن بعض الروايات تستثني من حكم السفياني طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه، كما سيأتي، قد يكون أهل لبنان منهم.
وتحدد الأحاديث وقت حركته بأنه يكون في شهر رجب، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ومن المحتوم خروج السفياني في رجب).
وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي عليه السلام بنحو ستة أشهر، لأنه عليه السلام يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك (السنة). ويعني أيضاً أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي عليه السلام، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته.
وعلى هذا، تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة:
مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهر الأولى.
ثم مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز.
ثم مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام، وعن إسرائيل والقدس.
ومما يلاحظ في أحاديث السفياني أنها تذكر معاركه بالإجمال في الستة أشهر الأولى، وهي معارك داخلية مع الأصهب والأبقع أولاً، ثم مع القوى الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة له، حتى تتم له السيطرة على بلاد الشام. ولكن الطبيعي بالنظر إلى نوع حركته أن تكون هذه الأشهر الستة مليئة بأعمال عسكرية مكثفة، حتى يحكم سيطرته ويستطيع تجنيد قوات كبيرة لمهامه ومعاركه الواسعة في التسعة أشهر التالية.
وقد تكون أطراف معاركه في الستة أشهر الأولى مضافاً إلى الأبقع والأصهب حاكم الأردن ولبنان، وغيرهما من القوى المعارضة.
وتشير رواية إلى عنف معاركه مع الأبقع والأصهب وأنها تسبب دمار الشام، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة. واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض، حتى تخرب الشام (وفي رواية وأول أرض تخرب الشام) ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني) الإرشاد للمفيد ص 359..
أما خراب دمشق المقصود بقول أمير المؤمنين عليه السلام: (ولأنقضن دمشق حجراً حجراً. يفعله رجل مني)، فالظاهر أنه التدمير الذي يكون في معركة فتح القدس الكبرى التي يخوضها الإمام المهدي عليه السلام مع السفياني واليهود والروم. أما في التسعة أشهر الأخيرة من حكم السفياني فيخوض حروباً كبيرة، أهمها حربه مع الترك وأعوانهم في قرقيسيا، ثم معاركه مع الإيرانيين في العراق، ومعهم اليماني كما في بعض الأحاديث.
وقد تكون للسفياني أيضاً قوات في المدينة المنورة تحارب المهدي عليه السلام إلى جانب قوات سلطة الحجاز، في المعركة التي يحتمل أن يخوضها الإمام المهدي عليه السلام لتحرير المدينة المنورة.
وبعد هزيمة السفياني في العراق والحجاز ينكفئ إلى الشام حتى تكون له مع المهدي عجل الله فرجه أكبر معاركه على الاطلاق: معركة فتح القدس الكبرى.

نشرت في الولاية العدد 91

مقالات ذات صله