النجف الأشرف منبع العلم والعلماء

4M4G3810

حمود الصراف

كانت مدينة النجف تدعى بـ «ظهر الكوفة».. ولها اسماء عديدة أخرى كـ(بانقيا، والربوة، والغربي، والطور، والغري، والجودي، ولكن غلب عليها اسم النجف)، وهي بلدة عربية كانت قديما مصيفا للمناذرة (ملوك الحيرة) قبل الفتح الإسلامي تنتشر فيها الأديرة ومحال العبادة.. ثم تمصرت واتسع نطاقها وازدحم سكانها.. والنجف كما جاء في الصحاح: النجف والنجفة مكان لا يعلوه الماء مستطيل منقاد، والجمع نجاف والنجاف ايضا العتبة، وجاء في معجم البلدان والنجف بالتحريك وهو بظهر الكوفة كالمسناة تمنع مسيل الماء ان يعلو الكوفة ومقابرها..

حاضرة الدولة الإسلامية
شاء الله تعالى للنجف الأشرف أن تكون حاضرة الدولة الإسلامية حينما اتخذها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عاصمة لخلافته كونها تمثل رقعة جغرافية واستراتيجية تتوسط اقاليم الدولة الممتدة بين دفتيها وزيادة على ذلك كونها تمثل عمقا حضاريا يعكس طريقة التوجه والتفكير للمجتمع الذي تتبناه والذي اعتمده امير المؤمنين عليه السلام في نشر مفاهيمه الإسلامية واحياء مناهجه الرسالية وعلى الرغم من ان هذه المفاهيم والمدلولات اخذت مساحة ليست بالقليلة الا انها لم تصل لما كان يصبو اليه (عليه السلام) نتيجة للتحديات والظروف التي المت بالعالم الإسلامي حينذاك، بيد أنها تبلورت مع الأزمان والعصور لتكون دستورا ومنهاجا تستضئ به الأمة الإسلامية من معين هذا الفيض الهادر ومن مفاهيمه ومنهجه القويم.. وامتزج تراب هذه الأرض بنفحات سيد الوصيين لتصبح مثوى لهذا السر الإلهي المبين ولتكون (الأشرف) بهذا الوجود المبارك وبجوار هذه الشخصية العظيمة.. متميزة بذلك عن غيرها من المدن والحواضر والبلدان.

مدينة التاريخ
ابتدأ تاريخ هذه المدينة المقدسة بالبزوغ منذ سنة 170هـ حيث ظهر القبر الشريف للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) للوجود.. لتتمصر النجف ويتسع نطاق العمران فيها وتتوالى عليها عمليات الإعمار شيئا فشيئا حتى أصبحت مدينة عامرة.
من هنا فإن عمارة النجف الاشرف مرت بثلاثة أطوار هي:
أولا: طور عمارة عضد الدولة البويهي الذي امتد من سنة 338هـ الى القرن التاسع الهجري وهو يمثل عنفوان ازدهار مدينة النجف حيث شيد أول سور يحيط بالمدينة ثم بنى أبو محمد بن سهلان الوزير البويهي سنة 400هـ السور الثاني للمدينة.
ثانيا: الطور الثاني فهو يقع بين القرن التاسع وأواسط الثالث عشر الهجريين حيث اصبح عمرانها قديما وذهبت نظارتها بسبب الحروب بين الأتراك والفرس.
ثالثا: الطور الثالث وهو العهد الأخير الذي بدأ من أواسط القرن الثالث عشر الهجري وفيه عادت الى النجف نظارتها وازدهر العمران فيها وحدثت فيها الكثير من التغيرات العمرانية والثقافية والخدمية.
وفي سنة 550هـ الى 656هـ اعتنى الناصر لدين الله العباسي بهذه المدينة المشرفة وشملت عنايته اعمال عمران واسعة وترميم المشهد العلوي الشريف. وأما في سنة 1226هـ أمر الصدر الأعظم نظام الدولة محمد حسين خان العلاف (وزير فتح علي شاه القاجاري) بتشييد أضخم وأقوى سور للمدينة بعد ان تكررت هجمات غزاة نجد من الوهابيين على المشاهد المقدسة في العراق.
وفي نهاية القرنين السابع والثامن الهجريين وفي عهد السلطتين الإلخانية والجلائرية في العراق تطورت النجف من حيث العمران وازدحام السكان وانشاء دور العلم.
وفي سنة 1908م انشأت شركة أهلية سكة الحديد التي تربط بين النجف ومدينة الكوفة وفي سنة 1948م رفعت هذه السكة بعد ان تيسرت السيارات اللازمة للتنقل بين النجف والكوفة وعبد الطريق بينهما.

نشرت في الولاية العدد 91

مقالات ذات صله