بداية حركة السفياني

الامام-المهدي

اعداد: محمد علي رياض

تكاد تتفق الروايات على أن السفياني يبدأ حركته من خارج دمشق من منطقة حوران أو درعا على الحدود السورية الأردنية. وقد أشارت الروايات على ان منطقة خروجه هي الوادي اليابس والأسود.

فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري. إذا رأيته حسبته أعور. اسمه عثمان وأبوه عنبسة (عيينة) وهو من ولد أبي سفيان. حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها). وقد ورد في تفسير الربوة ذات القرار والمعين المذكورة في القرآن الكريم، أنها دمشق.
وفي مخطوطة ابن حماد (ص75) عن محمد بن جعفر بن علي قال:
(السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان رجل ضخم الهامة، بوجهه آثار جدري، وبعينه نكتة بياض. يخرج من ناحية مدينة دمشق من واد يقال له وادي اليابس، يخرج في سبعة نفر، مع رجل منهم لواء معقود).
وفي (ص74) أن بداية حركته (من قرية في غرب الشام يقال لها أندرا في سبعة نفر.)
وفي (ص79) عن أرطاة بن المنذر قال: (يخرج المشوه الملعون من عند المندرون شرقي بيسان على جمل أحمر وعليه تاج).
وينبغي التنبيه على أن ابن حماد وغيره رووا روايات عديدة عن التابعين لم يسندوها إلى النبي صلى الله عليه وآله أو أهل بيته عليهم السلام تتحدث عن أمور أشبه بالأساطير عن السفياني وبداية حركته. وأنه يؤتى في منامه فيقال له قم، وأنه يحمل بيده ثلاث قصبات لا يقرع بهن أحداً إلا مات. وهي روايات متأثرة بالأمويين، تبالغ في شخصية السفياني أو في دوره، أو تريد إعطاءه كرامة إلهية!
لكن الأحاديث الأخرى تتفق على أن حركته سريعة وعنيفة، وأن شدة بطشه أمرٌ معروفٌ للرواة الشيعة، حتى أن أحدهم يسأل الإمام الصادق عليه السلام عما يفعله الشيعة إذا خرج، فعن(الحسن بن ابي العلاء الحضرمي قال: (قلت لابي عبد الله عليه السلام (أي الإمام الصادق): كيف نصنع إذا خرج السفياني؟ قال: تغيب الرجال وجوهها منه. وليس على العيال بأس. فإذا ظهر على الأكوار الخمس، يعني كور الشام فانفروا إلى صاحبكم).
ويبدو أن أقوى معارضيه هم الأبقع وجماعته، وأنهم المقصودون ببني مروان في رواية مخطوطة ابن حماد (ص77): (فيظهر على المرواني فيقتله. ثم يقتل بني مروان ثلاثة أشهر. ثم يقبل على أهل المشرق حتى يدخل الكوفة. وتدل بعض الأحاديث على أن الشيعة في منطقة الشام لا يكونون هم العدو الأساسي للسفياني عند خروجه، بل جماعة الأبقع والأصهب الذين هم أعداء للشيعة وللسفياني معا.
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: ( وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم منه بأس، حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم. فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك ؟ فقال : يتغيب الرجال منكم عنه فإن خيفته وشرته فإنما هي على شيعتنا، فأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى. قيل إلى أين يخرج الرجال ويهربون منه ؟ قال: من أراد أن يخرج منهم إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان. ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم. وإنما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله تعالى ) وهذا يدل على أن حملته على الشيعة في بلاد الشام تبدأ في رمضان بعد خروجه.
وتذكر الروايات أن سيطرته على المنطقة تكون قوية مطلقة حيث يتغلب على كل مصاعب الوضع الداخلي: (فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه).
ويفهم بعضهم من تعبير هذا الحديث أن الشيعة في لبنان وبلاد الشام سوف لا يشملهم حكم السفياني ولا ينقادون له، وهو محتمل. وأقل ما يدل عليه استثناء طوائف من أهل الشام من الانقياد له، وأن جماعات مؤمنة يمتنعون بعصمة الله تعالى عن المشاركة في حركته وأعماله العسكرية في العراق والحجاز. ولا يبعد أن يكون لهم وضع سياسي مميز عن المواطنين العاديين في دولة السفياني، يمكنهم من هذا القدر من الاستقلالية، من قبيل الوضع اللبناني الفعلي بالنسبة إلى سوريا.
على كل، يتفرغ السفياني من أعمال سيطرته على المنطقة، ويبدأ مهمته الخارجية، فيعد جيشه الكبير لمواجهة الإيرانيين الممهدين ( فلا يكون له همة إلا الاقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها ).

نشرت في الولاية العدد 92

مقالات ذات صله