كوركيس عواد وجهوده في التراث العربي

photo_2016-02-24_16-34-42

اسعد السيد محمود زوين

كوركيس حنا ججي هكذا قبل ان يعرف بـ (كوركريس عواد) ويستبدل اسم أبيه لعدم قدرة المسؤول عن الرسائل التي كانت تصله من ابيه في دار المعلمين ببغداد من التلفظ الصحيح لاسم والده فتارة يلقبه بـ(كوركيس حجي وأخرى خجي)، وكلمة عواد تعود نسبتها لوالده الذي أُشتهر بصناعة العود في مدينة الموصل، وكوركيس المولود عام 1908 في اسرة عراقية مسيحية سريانية، وتزود من مدارسها التي كانت تعنى بدراسة اللغة العربية والحساب ومبادئ العلوم الأخرى بالإضافة الى اللغة السريانية.

ويصف الدكتور محسن جمال الدين في أحدى مقالاته كوركيس عواد وأخاه ميخائيل: (… أني لأشبههما من ناحية النشاط العلمي والهمة العالية والدأب المستمر بـ((الخالدين))..) ويمكن القول ان المحيط والاستقرار والبيأة التي كان يعيش فيها كوركيس قد خلقت منه روحا إبداعية خلاقة تمثلت في السعي نحو المعرفة.

مسيرة مميزة
ابتدأ مسيرته المميزة معلماً للنحو والقراءة العربية بعد تخرجه من دار المعلمين ولم يكن تقليدياً بل كان مجدداً حين لاحظ بعض الأخطاء في منهج تعليم اللغة العربية المقرر التي كان من الأفضل مراعاتها في التدريس كما يرويها هو في احد لقاءاته التي عدها احدى المفاجآت التي غيرت رحلته إلى الاهتمام بالتراث العربي عبر تعيينه امينا لمكتبة المتحف الوطني في عام 1936م فيقول: ((عندما كنت ادرس في قرية “القوش” القراءة الخلدونية التي وضعها المربي الكبير ساطع الحصري عثرت على بعض الامور التي تحتاج الى التعديل والتحرير كتبت بذلك الى الاستاذ الحصري، فتعجب مدير المدرسة من جرأتي تلك وحذرني من مغبة ما اعمل وان ذلك قد يؤدي بي الى الفصل، ولكنني كتبت الرسالة واطلعت المرحوم ساطع الحصري على ملاحظاتي في ايراد الحروف التي لها اصوات معينة وعدم استعمال كلمات لم تدرس حروفها من قبل.. وكنت قلقاً على مصيري انتظرت ثلاثة اسابيع طويلة، ثم جاءتني رسالة من الاستاذ الكبير يقول فيها انه اطلع على ملاحظاتي وانني كنت مصيباً فيها وان الطبعات المقبلة من القراءة الخلدونية، ستتحاشى الخطأ.
وتم نقل ساطع الحصري فيما بعد من سلك التعليم الى الاثار، ويوما قدم لزيارة الموصل والاطلاع على اثارها وعندما سمع، كوركيس عواد، بذلك تذكر الحادثة القديمة، وصمم على مقابلة الحصري ومرة اخرى، يشعر بقلق الانتظار هل سيذكر الحصري يا ترى، نعم، تذكرني، تحدث معي ساعة كاملة، يسألني اسئلة كثيرة تتعلق بأثار المنطقة، ووجد عندي جواباً لكل سؤال كان يمتحنني بشكل غير مباشر، وبعد عودته الى بغداد بأكثر من ثمانية اشهر قرأت في احدى الصحف خبر نقلي الى مديرية الاثار في بغداد، وتسلمت مرة واحدة: المكتبة، الترجمة، المخزن، وقسم التصوير)).

وابتدأت القصة
وهنا بدأت القصة الخالدة مع الكتاب في مكتبة تضم 804 كتاب بلغات مختلفة ،في حين كانت مكتبته الشخصية تضم نحو 1500 مجلد حتى وصلت في نهاية المطاف أكثر من اثني عشر ألف مجلدٍ طوال تلك الرحلة التي قضاها في التأليف والتحقيق والبحث عن المخطوطات العربية في البلدان الغربية.
تركزت جهود كوركيس في علم الفهرسة والتحقيق والمخطوط فكانت أثراً كبيراً واضح المعالم بما خلفه من آثار قيمة جاءت بعد ان طاف عدداً من البلاد الأجنبية باحثا فيها عن التراث العربي، وكان من أهمها رحلته الى الولايات المتحدة الأمريكية التي توّجها بإصدار كتابين في عام 1951 م الأول كان بعنوان (جولة في دور الكتب الأمريكية) والثاني فهرسه بعنوان (المخطوطات العربية في دور الكتب الأمريكية).
وكذلك رحلته الى الاتحاد السوفياتي (السابق) ليتجول في عدد من مكتباتها لينشر فيما بعد نوادر المخطوطات فيها بمجلة المكتبة التي أصدرتها مكتبة المثنى في بغداد وقد نشر من مخطوطاتها (طبقة من أعلام بغداد في القرن السابع للهجرة التي حققها بالاشتراك مع الدكتور حسين علي محفوظ عام 1963م، وأوفدته منظمة اليونسكو الى بلدان عدة ليقوم بعملية مسح للمخطوطات العربية ودراستها وقد نشرت تقاريره باللغة الإنجليزية لأهميتها .

بعض آثاره
بعض آثاره المهمة التي نشرها خلال المدة التي قضاها في إدارته لعدد من المكتبات:
1. فهارس المخطوطات العربية في العالم.
2. أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم المكتوبة منذ صدر الإسلام حتى سنة 500للهجرة.
3. خزائن الكتب القديمة في العراق منذ أقدم العصور حتى سنة 1000 للهجرة .
4. فهرست مطبوعات مديرية الآثار العامة . (بالاشتراك مع السيد صادق الحسني).
5. المخطوطات الأدبية في مكتبة المتحف العراقي ببغداد.
6. مخطوطات الطب والصيدلة والبيطرة في مكتبة المتحف العراقي ببغداد.
7. فهرست المخطوطات العربية في خزانة قاسم محمد رجب (ثلاثة اقسام)
8. تطور فهرسة المخطوطات في العراق.
9. التفاحة في النحو لابي جعفر النحاس النحوي

نشرت في الولاية العدد 94

مقالات ذات صله