تحفة أمة محمد

img_1609

أبو حسنين الموسوي

السنة شجرة طيبة والشهور فروعها والأسابيع أغصانها والأيام أوراقها والساعات أزهارها والدقائق ثمارها.. وشهر رمضان الخير وقت جني الازهار وقطف الثمار.. لتمتلئ البيوت والمساجد بشذى تلك الازهار ويفوح فم الصائم بعبق الترتيل، ويكون النوم عبادة والانفاس تسبيح وتتضاعف الحسنات.. لتأتي ليالي القدر، ليالي الجد والعمل، فإن من أحياها غفرت له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار، فطوبى لمن احياها وأعاذنا من نومة الغافلين فيها.
لذا فان شهر الصيام تحفة لأمة محمد(صلى الله عليه وآله) اختصهم الله بها، فقد روي عن صادق آل محمد عليهم السلام أنه قال: أول ما فرض الله الصوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلا على الأنبياء ولم يفرضه على الأمم، فلما بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه واله وجاء التشريع الألهي في محكم كتابه العزيز: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).. خصّه (صلى الله عليه وآله) بفضل شهر رمضان هو وأمته، وكان الصوم قبل ذلك أياما معدودة.
ولاريب ان الصوم عبادة عز نظيرها، إذ ينال المؤمن معها عبادات لا تحصى، فهو متعبد في نومه وصحوته وصمته وكلامه وشغله وفراغه، في قيامه وقعوده، عندما يتنفل ويصلي وعندما يدعو ويرتل.
ولا يشارك فضل الصوم في هذه الصفة عمل آخر إلا الجهاد في سبيل الله، فإن المجاهد في عبادة، سواء في حله أم ترحاله، ما دام قد خرج من داره الى سوح الوغى.. لذا فان كل مفاصل حياته تكون محطات عبادة حتى يعود إلى أهله أو يختار الله له سبيل الشهادة، وذلك هو الفوز العظيم.
وإننا في هذه الايام من تاريخ العراق، إذ يرسم أبناؤه أروع صور البطولة والثبات على المبادئ ملبين دعوة الحق على لسان مرجعهم دام ظله، ليتسربلوا بلباس التقوى ويتقوا الاعداء بدرع الله الحصينة وهم صيام في قائض الأيام، يكتبون بدمائهم الزكية أروع صور الايمان والوطنية ونبذ الطائفية، ليعيش العراق آمناً تحت ظل مرجعيته الرشيدة، فلله درهم وعليه أجرهم وهو حسبنا ونعم الوكيل.

نشرت في الولاية العدد 95

مقالات ذات صله