هذه هي النجف

%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%ac%d9%81-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae

حيدر رزاق شمران

حين امر على حلقة من حلقات الدرس في مسجد ما.. او في حسينية ما .. او في مدرسة دينية من مدارس هذه المدينة العريقة المقدسة .. تستوقفني قدماي.. فلا استطيع حراكا وانا ابصر أنواراً تسطع بأفانين هذه الندوات الدينية المباركة واشعر بأنفاس أمير المؤمنين (عليه السلام) وهي تملأ تلك الأجواء بعطر ملائكي فياض .. وأحس بكفه تربت على أكتاف الذين مضوا قدماً بين أفياء مدرسته المباركة يجلسون حلقات حلقات.. فيما بينهم لينهلوا ما ينهلوا من معين العلم والمعرفة.. قد اشرأبت اعناقهم وتفتحت اذهانهم وهم يستمعون ويحفظون ما يتلى عليهم من أنوار النبوة واشراقاتها ومن اسرار الإمامة ومكنوناتها وفي مختلف العلوم الإسلامية من فقه أو اصول او فلسفة او غيرها من مصادر العلم التي اتحفت العالم الإسلامي بكل ما جاءت به هذه الحوزة العلمية على مدى التاريخ منذ ان حط طلاب المعرفة التي تبتغي وجه الله برحالهم في هذه المدينة المباركة.
بينما كنت في ضريح امير المؤمنين .. رأيت شيخا كبيرا قد تهدّل منكباه وانحنى ظهره يسير سيرا وئيداً صوب جامع عمران بن شاهين.. استوقفته قائلاً: الى اين ايها الشيخ؟
فقال لي متهجّداً بصوته المرتعش الخفيض: الى الدرس.. فسألته متقصدا لأسبر غور نفسه: أفي عمرك هذا!!.. فرفع رأسه بصعوبة الي وأجابني بحزم: ولمَ لا .. فإن العلم لو اعطيته كلّك لأعطاك بعضه .. فأمسكتُ بيده مغتبطا وأنا اتمتم بيني وبين نفسي…هذه هي النجف وهؤلاء روّادها .. منبعٌ للعلم وبابٌ للفهم.

نشرت في الولاية العدد 96

مقالات ذات صله