ازدهار الحركة العلمية والثقافية في الحلة بعد القرن الخامس الهجري

57547d95cdfe9

كانت مدينة الحلة الفيحاء على عهد الدولة المزيدية التي قامت بضواحيها في القرن الخامس الهجري من أجمل مدن العراق وأطيبها وأنقاها هواء. وكان قد مصّرها أحد أمراء الدولة البويهية الأمير سيف الدولة(1) (صدقة بن منصور الأسدي) في المحرم سنة (495 هـ) وقبل أن ينزل بها سيف الدولة نفسه كانت أرضها ذات اجمة تأوي إليها الحيوانات المفترسة والوحوش. ولمّا نزل فيها سيف الدولة أحدث فيها المباني الحجرية وعمّر بها الدور الفاخرة. فتأنق أصحابه بمثل ذلك . فقصدها التجّار والزرّاع من كل فج، وأمّها العلماء والأدباء. فأصبحت على عهد سيف الدولة. مهد النهضة العربية وكعبة العلم والبلاغة والشعر والأدب. ومورداً عذباً سائغاً لانتهال العلوم العربية واقتباس الفنون الفلسفية . وقد نبغ فيها من العلماء والأطباء والأدباء والشعراء والفلاسفة في القرن الخامس والسادس والسابع والثامن الهجري فريق كبير لا يحصون عداً لكثرتهم وقد طبقت شهرتهم الآفاق. وخدموا العلوم والفنون والآداب العربية خدمات جلى تذكر فيشكرون عليها وناهيك ممن نبغ فيها نجم الملّة والدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما(2) الحلي الربعي صاحب مثير الأحزان، وأخذ الثأر. وأبو الحسين يحيى بن الحسين بن علي بن محمد بن بطريق(3) الحلي صاحب العمدة وخصائص الوحي المبين وغيرهما من الكتب الممتعة. وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن إدريس الحلي العجلي صاحب السرائر وغيره المتوفى سنة (578 هـ) والسيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد الملقب بطاووس الحسيني العلوي الفاطمي الحلي المتوفى سنة (589 هـ) وأبو الفضائل جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس الفاطمي الحسني الحلي صاحب العبرة المتوفى سنة (673 هـ) وأبو زكريا يحيى بن سعيد الحلي، والشيخ عبد السميع بن فياض الأسدي الحلي، وأبو القاسم جعفر بن الحسن بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي الشهير بالمحقق صاحب الشرائع والمختصر النافع والمعتبر وغيرها من الآثار القيمة المتوفى (سنة 676هـ)، وجمال الدين يوسف بن شرف الدين علي بن المطهر الحلي. ونجلاه أبو الحسن علي بن يوسف بن علي صاحب العدد القوية . وأبو منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي صاحب الكتب القيمة التي تنيف على خمسمائة كتاب المتوفى (سنة 726 هـ) ونجله فخر المحققين أبو طالب محمد ابن الحسن المتوفى سنة (771 هـ) والشيخ صفي الدين عبد العزيز بن علي الشهير بابن السرايا الحلي شاعر الجزيرة المتوفى سنة (750 هـ) والسيد تاج الدين أبو عبد الله الشريف محمد النسّابة بن أبي جعفر القاسم بن الحسين بن معية(4) الحسني الديباجي صاحب نهاية الطالب والفلك المشحون وغيرهما من الآثار النفيسة، وأبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الحلي. صاحب عدة الداعي والتحصين والارشاد وغيرها المتوفى (سنة 841 هـ) وغير هؤلاء من المشاهير ممن يعسر علينا عدهم . ومن جملة من نبغ في القرن الثامن الهجري من علماء الحلة المشهورين. وأدباءها المعروفين وأطبائها الماهرين.*

 1- هو غير سيف الدولة بن حمدان الذي كان أحد ملوك الشام.

 2- نما مثلثة النون مخففة الميم أو بكسر الأول وتخفيف الثاني.

 3- كان ابن بطريق قائداً كبيراً من قواد الروم له نفوذ على عشرة آلاف نسمة .

4- معية بضم الميم وفتح المهملة وتشديد المثناة التحتانية والهاء أخيراً، تكون ام السيد الشريف محمد وبها يعرف عقبها وهي معية بنت محمد بن جارية بن معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الكوفية الانصارية: نخبة المقال .
*مستل من مقالة (الشيخ عبد المولى الطريحي) المنشورة في مجلة العرفان المجلد الحادي عشر الجزء الرابع لسنة 1344 هـ المصادف 1925م

نشرت في الولاية العدد 96

مقالات ذات صله