شرف الدنيا والمنزلة الرفيعة

شاكر القزويني

الليل والنهار يفرشان عباءتهما على ترانيم حراك دؤوب متواصل يشد أطرافهما اليه حتى يغدوان جسدا واحدا يتلفع بقدس المرقد العلوي ونور بهائه الممتد الى عنان السماء والمشرئب الى جذور الانسانية التي تؤسس وتؤرخ للعمل الصالح والعدل والاحسان وخير العمل، مادته الأساسية، عقول وضمائر وأجساد تشربت العقيدة الحقة حتى ارتوت، ففاضت، وهمة تنشد الفوز والخلاص، والارتقاء بعالم يحدوه الأمل أن يضيء الأرض بطهارة القيم السماوية العادلة السعيدة، حيث لا حدود للنور والجمال، في عطاء وايثار يلبس ثوب الأحلام المطهرة المحلقة بجناحي الأماني المجابة النذور والدعاء، متمسكة بثوبه الفضي من الشبابيك الموشاة بذهب التقوى، وسيلة فريدة العطاء والبذل والمحبة، الممنوحة مع مهج الحياة واسرار تشبث الروح بالنقاء، لهؤلاء ثوب علوي، ووظيفة علوية، تستقبل زائري رياض التقوى والعدل الالهي، تخدم كل قادم للارتباط بوشائج النعمة هذه، وهي تحملك وما تريد الى رب الرحمة والاجابة واللطف والرزق والخلاص والبعث المحتوم، موكب العتبة العلوية المقدسة، والملائكة تحف بالعاملين وهم يحملونه، فخَدَمة العتبة العلوية يفرشون الصلوات ويقربون الدعاء وينقّون الانفاس المتكدرة اللاهثة ويهجعونها ويعطرون عرق السعي المضني المحموم بشوق اللقاء مع الحبيب، خدام نذروا أرواحهم وأجسادهم ومصائرهم قربانا مشدودا على ناصية الصحن العلوي الشريف، لا يلوون على شيء آخر، يسيرون نحو الزائر المعلى شأوا ومقاما ليمنحونه الرضى والراحة والأمان وسبل تواشيح العناق الملكوتي، رسالة ترفع مرسلها الى مقام العارف، الشاهد، الشفيع، ليتم القبول وحصول المراد، والغوث لكل ملهوف.
خدام منحوا ما يملكون ليرتقوا الفضل الذي وعدوا به، أحياء وأمواتا، وللسابقين الالتحاق بالمنزلة المشهودة والمقام الرفيع المعلوم، فضمنت خدمة زائري أهل الفضل والحق المبين من آل بيت النبوة صلى الله عليهم وسلم منزلة المقرّب لهم المحفوف بجناح عطفهم ورعايتهم، الحفاوة والشفاعة كلها، وكانت أفعال خدمة أمير المؤمنين، قلوبهم الرحومة المتفتحة لكل طارق وسائل ومتمسك بالتقرب، وأيديهم البيضاء الممتدة دون كلل أو ملل، المخلصة بأحسن العمل وأبهجه، وسرائرهم على كل ما يحملون من ألم وتعب، متفتحة مضيأة محتفية بزائر سيد الأوصياء علي عليه السلام، صاحب المقام وسيد المنزلة، يمتهنون الحرص الجميل وهم يبثون خصال التقوى وحرمة المشهد المقدس وجمال السيرة والأسوة المحمدية الأصيلة، بالقول والفعل، والنصح والمشورة والفتوى، والمثل الأعلى.
جميعهم حاضرون في هذا السعي الحثيث، ومن رحل عنا حمل عطر الذكرى منا وعذب الصحبة وحسنها منه، وسيرة خالدة كحياته التي ينتظرها عند مليك رؤوف رحيم، ونحن أولي حسن الظن به، ومن أولى بحسن الظن منه، وهو رب المستضعفين.

نشرت في الولاية العدد 97

مقالات ذات صله