الإعلام النسوي في العتبة العلوية المقدسة

من منا ينكر دور المرأة في العصر الإسلامي الأول حين كانت تضمد الجراح وتدفع بزوجها وابنها وأخيها إلى سوح الوغى، والتاريخ الإسلامي حافل بالأسماء اللامعة للمرأة الأنموذج الصالح. والنماذج الزينبية في هذا المجال كثيرة تنتشر في صفوف نسائنا، مما دفعنا الى تسليط الضوء على أهم نشاطات المرأة الاعلامية في شعبة الإعلام النسوي في العتبة العلوية المقدسة، فكان لنا هذا اللقاء مع الزميلة رملة الخزاعي رئيسة شعبة الإعلام النسوي فدار بيننا حذا الحوار:

سألت الزميلة رملة الخزاعي عن فكرة وبدايات تأسيس شعبة الإعلام النسوي فبادرت بالإجابة قائلةً: انبثقت فكرة تأسيس شعبة الإعلام النسوي عند صدور أول عدد من مجلة نور الولاية، حيث كنا نعمل في إذاعة العتبة العلوية في مجال إعداد وتقديم البرامج الاجتماعية والخاصة بالمرأة، عندها اقترح قسم الاعلام إعداد دراسة حول إصدار مجلة نسوية تصدر عن العتبة المقدسة وبجهود نسوية خالصة من خلال شعبة الصحافة التابعة لقسم الإعلام، وبعد إعداد الدراسة عُرضت على الأمانة العامة وحصلت بحمد الله الموافقة على إصدار أول عدد من هذه المجلة حيث انطلقت بعددها الأول ولاقت استحسان أصحاب الاختصاص خارج وداخل العتبة المقدسة، ومن هنا نشأت فكرة تأسيس وحدة الإعلام النسوي ضمن شعبة الصحافة في قسم الاعلام، و بمباركة مسؤولي العتبة العلوية و اعلامييها أُفتتحت وحدة الصحافة.

مع الثورة الإعلامية المتصاعدة وظاهرة العولمة المتنامية في عالمنا المعاصر بات للإعلام اليد الطولى في تغيير الأحداث وتحديد مسار الكثير من الاتجاهات، ولكننا نبحث دائماً عن الإعلام المثمر وصاحب الرسالة النافعة للمجتمع وكما أنّ دور المرأة له التأثير الأكبر في جميع مجالات الحياة فمن المؤكد أنّ الدور الإعلامي للمرأة هو الآخر له التأثير الأكبر في بيان الوجهة الصحيحة لمسيرة المرأة المؤمنة المسلمة في هذه الحياة، وبعد الإشارة لهذا الموضوع سألنا رئيسة شعبة الإعلام النسوي عن مدى تأثير ودور الإعلام النسوي في العتبة العلوية المقدسة فكانت هذه الإجابة:
الاعلام من أهم الوسائل التي تصنع الرأي العام، بل له أثر بالغ في توجيه الفرد فقد أصبح في الآونة الأخيرة سلاح العصر حيث دخل الإعلام في وقتنا الحاضر في تغيير مجرى التاريخ وساهم في نشر الثقافات المختلفة فهو من أهم المؤثرات على المجتمع فقد ساهم في تغيير مجتمعات بأكملها، والكثير من المواقف والاتجاهات و الرؤى فهناك من تأثّر بالحملات الاعلامية التي هدفها ضرب الدين و المعتقد، فهو اليوم اخطر سلاح يُستخدم في الساحة العالمية، فوظيفة الاعلامي هي مواجهة الهجمات التي تُشنُّ في وسائل الاعلام من خلال ايجاد السبل الناجعة والجديدة التي تتناسب مع حجم الهجمة التي تُشنُّ على مجتمعنا وخاصة المرأة، فعليها أن تتسلح بالعقيدة القوية والثقافة الإسلامية الأصيلة كي لا تتأثر بما يُطرح في وسائل الاعلام.

أمّا عن أهم الإنجازات لوحدة الصحافة في شعبة الإعلام النسوي فتحدثت قائلةً: لوحدة الصحافة خطة عمل يومية وشهرية وسنوية وُضعت حسب إمكانيات الكوادر الإعلامية النسوية في العتبة العلوية وما يناسب قدسية المكان الطاهر، ومن أهم مفاصل هذه الخطة: تغطية وأرشفة وتوثيق جميع أنشطة القسم النسوي والتي منها ما يخزن في الارشيف ومنها ما يُنشر على الموقع الرسمي للعتبة العلوية، وكذلك النشاطات الشهرية حيث تقوم بتزويد شعبة الصحافة في قسم الإعلام بملحق نسوي لمجلة الولاية، أما ما أُنجز من النشاطات السنوية فعلى سبيل المثال: (مؤتمر العتبات و المزارات الشيعية النسوي) حيث أقيم هذا المؤتمر بحضور مسؤولات العتبات والمزارات وكان الهدف منه تبادل الخبرات و إيجاد خطط عمل جديدة لتطوير العمل النسوي في الأماكن المقدسة و أيضا أقمنا (الملتقى الإعلامي النسوي الاول) وكان من أهدافه: تطوير ودعم القابليات الاعلامية النسوية، وفي عيد الغدير لهذا العام لدينا أيضاً (مؤتمر الغدير البحثي) حيث سيقام على هامش مهرجان الغدير، كما نقيم سنويا حفلا تكريميا كبيرا تحت عنوان: (التربوية المثالية) تُكرم فيه الكوادر التربوية المتميزة بالاخلاص والجد والالتزام الديني، إضافة الى بعض الأعمال الإذاعية والتلفزيونية لإذاعة وفضائية العتبة العلوية ولدينا طموح بتطوير قابلياتنا لتوسيع أعمالنا الاعلامية.
من المؤكّد في مؤسسة دينية كبيرة كالعتبة العلوية المقدسة أن تكون مزاراً لكبار الشخصيات ومن مختلف الطوائف والأديان والدول فذلك كان سوالنا التالي عن أهم الشخصيات النسوية التي زارت العتبة المقدسة وكان للعتبة تأثير واضح على شخصيتها، بادرت الزميلة رملة الخزاعي واضح بقولها: تزور العتبة العلوية شهريا عشرات الشخصيات من مختلف طبقات المجتمع ومختلف التوجهات والأديان والمناصب السياسية والاختصاصات الحوزوية والاكاديمية لكن مما تحفظه الذاكرة هو زيارة المستبصرة اليابانية اتسوكو بمشينو هذه المستبصرة جاءت لتتشرف بزيارة أمير المؤمنين (عليها السلام) بعد إعلان تشيعها، ومن الملفت للنظر أنها كانت تعبد الأصنام وفي أحد الايام استمعت الى أحد أدعية الصحيفة السجادية المباركة لأحد القرّاء، فتقول: أحسست بشعورٍ غريب فصارت تبحث عن ترجمة كلمات ما سمعته وعندما إطّلعت على المعاني الكبيرة في هذا الدعاء تولد لديها حب معرفة هذا الدين وكاتب هذا الدعاء وببركة أهل البيت(عليهم السلام) فعندها أعلنت إسلامها على طريق أهل البيت(عليهم السلام) وانتقلت للعيش في بلد اسلامي تاركة اهلها ووطنها فارة بدينها، هذه الشخصية حفظتها الذاكرة جيدا كونها ضحت من أجل ان تحافظ على دينها.

بالتأكيد لكل إنسان طـَمُوح، طموحاتٌ واسعة يروم تحقيقها فكيف وهو يعمل في هذا المكان المقدس ليتقرب زلفاً لصاحبه علّه ينال شفاعته، فعن طموحات الإعلام النسوي في العتبة العلوية المقدسة كان الحديث لضيفة المجلة قائلةً: تطمح وحدة الاعلام النسوي في توسيع أعمالها الاعلامية والعمل على مختلف الاختصاصات الاعلامية ولدينا خطط مستقبلية لهذا الأمر، لدينا طموح بإنشاء مركز إعلامي تخصّصي نسوي ينطلق بالإعلام النسوي الملتزم نحو الأمام ويكون بالمستوى المطلوب، لأنّ الساحة الاسلامية بحاجة الى إعلام نسوي ملتزم، و لدينا خطة عمل ستنطلق مع بداية العام الدراسي القادم حيث ستكون بالتنسيق مع كليات الاعلام داخل وخارج المحافظة لإنشاء قاعدة اعلامية نسوية ملتزمة من فتيات الجامعة.

ربما بعضهم ينتظر أن يصل الناس اليه حتى يبدأ بنشر رسالته إليهم ولكن يبدو الأجدر أن يبادر صاحب الرسالة في الذهاب إلى من يظنّ أنهم سيستلموا الرسالة بكل شغفٍ واحترام ليترجموها إلى واقعٍ عملي، فكان سؤالنا هل وصلتم إلى بعض البيوت التي تظنون أن رسالتكم الإعلامية ستصل وتحققون الأهداف عندما تقصدون مثل هذه البيوت فكانت الإجابة كالآتي: من خلال إعلامنا استطعنا أن نقطعَ شوطاً لا بأس به، فقد وصلنا الى أكبر شريحة من النساء عن طريق النشرات الثقافية التي هي إحدى أدوات التواصل بيننا وبين الزائرات والنساء بعامة في المحافظة وخارجها أيضا، نعم وصلنا الى البيوت وطرقنا الأبواب من خلال برنامجنا الدوري تحت عنوان (لانك فاطمية) يتضمن هذا البرنامج زيارات ميدانية تُكرم فيها ربات البيوت لأن هذه الشريحة مهمشة، فتشجيعاً منا لهن و لاشعارهنّ بقيمتهن، كما لدينا برامج إذاعية في إذاعة العتبة العلوية تستهدف بالدرجة الأولى شريحة النساء تتناول موضوعات تربوية ثقافية عامة.

وأخيراً كان علينا أن نرى ماهي رسالة الإعلام النسوي لوسائل الإعلام بشكل عام فكانت هذه كلمتها: على وسائل الاعلام معرفة حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم لذلك أوصيهم بأن تكون أعمالهم مبتكرة وليست ردود أفعال لأنّ أغلب أعمال وسائلنا الاعلامية هي ردود أفعال لما يُطرح على الساحة، لهذا لا نجد لها ذلك التأثير الكبير، و أيضا عليهم أن لا يعرضوا المرأة على أنها بضاعة تروج لموادهم الإعلامية لأن هوية المرأة المسلمة حجابها والتزامها، للاسف بعض الفضائيات المحسوبة على المذهب تعرض نساءً متبرجات، فهذه من الامور التي هي شين على المذهب فلنتذكر قول المعصوم(عليه السلام) كونوا زينا لنا، كما أوجه شكري وتقديري لكل وسيلة اعلام ادت ما عليها من مسؤولية تجاه المذهب والوطن وكل الشكر والتقدير لمسؤولي العتبة العلوية لدعمهم الحركة النسوية الاعلامية في العتبة أتمنى التوفيق لكل من يخدم دينه ووطنه باخلاص.

نشرت في الولاية العدد 98

مقالات ذات صله