غدير الامامة عند الشعراء القدامى

د. خليل المشايخي

لا بد من معرفة المدلول اللغوي لكلمة (غدر) يقال: غدرا الرجل شرب ماء الغدير.. وغدر عن اصحابه: تخلف عنهم..
والغدر: الوحل الذي يبقى في النهر، اذ ينضب فيه الماء.
والغدير: النهر، او بمعنى: قطعة من الماء يتركها السيل
والغدر: كل موضع صعب كثير الحجارة.
أما يوم غدير خم: هو يوم النبأ العظيم، وهو اليوم الذي اكمل الله تعالى الدين الاسلامي، واتم نعمته على الناس كافة..
وهو اليوم الذي عهد فيه الرسول الأعظم صلى الله عليه واله ولاية وامرة المؤمنين بيد علي بن ابي طالب عليه السلام واذعن به صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وصدقه التابعين، وآمن به المنصفون الذين آمنوا بمحمد رسولا وبعلي وصيه ومولاه، ونستشف ذلك من قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في هذا اليوم: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه..)
وقد نظم الشعراء المسلمون في هذه المناسبة التي اعلن الرسول الكريم صلى الله عليه واله بيعته للإمام علي عليه السلام على انه وصيه وولي امره على المسلمين كافة..
فكان حسان بن ثابت الانصاري شاعر الرسول صلى الله عليه واله حاضرا هذه البيعة وقد نظم شعرا فيها قال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم              بغم واسمع بالنبي مناديا
فقال فمن مولاكم ونبيكم؟           فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
الهك مولانا وانت نبينا                 ولم تلق منا في الولاية عاصيا
فقال له: قم يا علي فأنني           رضيتك من بعدي اماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه           فكونوا له اتباع صدق مواليا
هنالك دعا اللهم وال وليه           وكن للذي عادى عليا معاديا

وهذا الشاعر الكميت بن زيد الاسدي الصادح بالحق الذي مات مقتولا بسبب حبه لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله يروي انه رأى الإمام أمير المؤمنين في المنام، فقال له عليه السلام يا كميت انشدني قصيدتك العينية، فانشدته حتى انتهيت الى قولي فيها:
ويوم الدوح دوح غدير خم          أبان له الولاية لو اطيعا

فقال عليه السلام: صدقت، ورحت أنشد:
ولم أر مثل ذاك اليوم يوما      ولم أر مثله حقا أضيّعا

أما الشاعر العباسي الكبير ابو تمام فقال في غدير الامامة:
ويوم الغدير استوضح الحق أهله      بفيحاء لا فيها حجاب ولا ستر
أقام رسول الله يدعوهم بها            ليقربهم عرف وينهاهم ونكر
يمدُّ بصبعيه ويعلم انه                   ولي ومولاكم فهل لكم خبر

أما الشاعر الأمير ابو فراس الحمداني فقال في غدير الامامة قصيدة خالدة هذه بعضٌ من ابياتها:
قام النبي بها يوم الغدير لهم          والله يشهد والاملاك والامم
حتى اذا اصبحت في غير صاحبها    بانت تنازعها الذوبان والرخم
تالله ما جهل الأقوام موضعها           لكنهم ستروا وجه الذي علموا

أما شاعر أهل البيت السيد الحميري فنظم في هذه المناسبة قصيدة خالدة جرت على ألسنة المحبين لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وما زالت تنال اهتمامات واسعة نقتطف منها هذه الابيات:
وأوجب يوما بالغدير ولاءه             على كل بر من فصيح وأعجم
لدى دوح خم آخذا بيمينه            مبينا ينادي باسمه لم يجمجم
يوافيك بالركبان من كل بلدة         لقد ضل يوم الدوح من لم يسلم

وأنت تطالع فضاء الكتب الأدبية والرجالية والدينية والثقافية يتضح أمامك شعر في غدير الامامة من الصعوبة بمكان حصره وبخاصة شعر الشعراء المحدثين وسنورد مثالا واحدا لشاعر محدث هو السيد محسن الأمين واليك هذا المثال:
بيوم الغدير استوضح الحق وانجلى              ولم يبق بين الناس من دونه ستر
به تمت النعمى وأكمل دينه                      وله السماء والمؤمنون به سروا
دعاهم رسول الله فيه لبيعة                       هي الفوز وهي الذخر ما فوقه ذخر
يقول له الرحمن بلغ رسالتي                    إليهم ولا يمنعك خوف ولا حذر
وان أنت لم تفعل فلست مبلغا                   رسالة رب بالعباد هو البر
لك الله من شر البرية عاصم                     ومن كل من أمسى وفي صدره وغر
فقام خطيبا فيهم ومناديا                          نداء وعاه منهم العبد والحر
اما انا أولي منكم بنفوسكم                   فقالوا بلى أمر به نطق الذكر
فقال الا من كنت مولاه فيكم                   فهذا له مولى وحق له النصر
سنكتفي بما قدمناه لكم من نماذج شعرية علها تكفي لتكون أمثلة بسيطة على ما قيل من شعر في غدير الإمامة.. نسأل الله تعالى التوفيق لكم ولنا.

نشرت في الولاية العدد 98

مقالات ذات صله