الاستاذ الحاج يحيى مجيد مال الله الاسدي

هاشم الباججي

لا تقتصر عملية التثقيف الديني والثقافي بمؤسسة اوجهة او اشخاص معينين انما هي مسؤولية الجميع ، التي ينبغي ان تكون نابعة من شعورهم بالمسؤولية تجاه المجتمع فكما قال الرسول الاعظم صلى الله عليه واله ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ، ومن هذا المنطلق كان هناك رجال في المجتمع اخذوا على عاتقهم هذه المهمة التي يسعون من خلالها الى نشر العلم والفضيلة للرقي بهذا المجتمع بدوافع انسانية محضة ونيل رضا الله تعالى ، والحاج يحيى مجيد مال الله الاسدي من مواليد النجف الاشرف عام 1947م وهو موظف متقاعد في وزارة التجارة هو أحدهم ، فرغم تقدم العمر به الا انه أبى الا أن يكون انسانا عاملا فاعلا في مجتمعه بطريقته التي يراها مناسبة لنشر الفكر والثقافة .

ثقافة المجتمع تبدأ بثقافة الفرد لنفسه أولا ، فما البداية ؟
منذ صغري وأنا أحب المطالعة وقراءة الكتب، وقد قرأت الكثير في المواضيع شتى الدينية والعلمية والادبية والثقافية..، ولم تكن قراءتي بصورة عابرة أو لمجرد القراءة والاطلاع أو لقتل الوقت ، بل كانت قراءتي واعية فكنت عندما أقرأ أي كتاب او موضوع له اهمية أعمل على تحريره إلى أوراق خاصة واضع عليه الملاحظات وكنتيجة لهذا الجمع والملاحظات أصبح لديّ خلال سنين خزين معرفي وعلمي كبير زاد من افق تفكيري ونظرتي للحياة، فحقيقة ان الانسان يجب عليه المطالعة وقراءة الكتب لينهض من غفلته .
ما أبرز الكتب التي قرأتها ؟
كما أسلفت كانت قراءاتي متنوعة وكنت أرغب بقراءة الكتب التربوية والاخلاقية لاسيما كتاب جامع السعادات للنراقي وكتاب المحجة البيضاء وكتب تفسير القران ومنها كتاب تفسير الامثل، وكتب العقائد كعلل الشرائع وكتب الفقه ككتاب اللمعة الدمشقية وشرحها وكتاب الروضة البهية لزين الدين العاملي، وكنت احب مطالعة كتاب نهج البلاغة وأتأمل في كلامه ومواضيعه واسلوبه الراقي، وغيرها من الكتب للثقافة العامة، ويجب ان لاننسى المواظبة على قراءة القران الكريم يوميا لانه أساس العلوم والفكر .
بداياتك مع التأليف كيف كانت ؟
في عام 1991 وفقني الله تعالى لحج بيته الحرام وشاهدت كيف كانت الصعوبة من قبل الحجاج لاداء مناسك الحج والتي أعتبرها في غاية الدقة من حيث تطبيقها وادائها وتحتاج لمعرفة ودراية لادائها وفق الصيغة الشرعية لافراغ ذمة المكلف ، وقررت حينها أن أجمع في كتاب واحد كل المناسك والاداب والدعاء المتعلقة في الحج والعمرة ، واطلعت اولا على الرسائل العملية لعلمائنا الابرار بشكل مفصل كالسيد محسن الحكيم والسيد الخوئي قدس الله سرهما وكذلك السيد السيستاني دام الله ظله، وكذلك جمعت كل ألادعية الخاصة بالحج، ثم جمعت الاحاديث الخاصة باداب الحج وبعد انتهائي من اعداد هذا الكتاب عرضته على المرحوم السيد حسين بحر العلوم (قدس سره) والسيد محمد الكلانتر (قدس سره) فباركا لي هذا الجهد ثم قدمته الى مجموعة اخرى من اساتذة الحوزة وفضلائها لاسيما السيد محمد صادق الخرسان فقدموا لي بعض التوجيهات والارشادات التي استفدت منها كثيرا في تنقيح هذا الكتاب، وقد كانت الطبعة الاولى لهذا الكتاب قبل 25 سنة ومنذ ذلك الحين يتم اعادة طباعة الكتاب بعد ادخال الامور المستحدثات ويتم توزيعه على الحجاج قبل موسم الحج، وقد تم تداوله كثيرا في موسم الحج ليس من العراقيين فقط بسبب وكما تعلمون ان بعض الكتب لاتسمح السعودية بادخالها الى اراضيها ككتاب مفاتيح الجنان .
ما مؤلفاتك الاخرى ؟
من خلال قراءاتي الكثيرة لاسيما الكتب التربوية والاخلاقية تأثرت كثيرا بها وكنت ارغب في نشر فضائل الاخلاق والتربية فعملت الى اعداد كتاب بعنوان ( الوجيز في الارشاد لمن أراد السداد ) ومحتويات هذا الكتاب من المسائل التربوية والاخلاقية لرب الاسرة والعائلة والعلاقات البينية والاجتماعية داخل المجتمع لاسيما لفئة الشباب ، وقد تم طبعه طبعات عدة ولحد اليوم طبع من هذا الكتاب خمسة عشر الف نسخة ، يتم توزيعها بين عامة الناس .
يحتاج المجتمع للكثير من العمل الفكري ، فما اهم نشاطاتك في هذا المجال ؟
بحسب اطلاعي وتواصلي المستمر داخل المجتمع ارى ان هناك نسبة كبيرة في المجتمع عزفت عن القراءة والمطالعة والاتجاه نحو الوسائل التكنلوجية الحديثة كالانترنت والموبايل والفضائيات وكذلك لصعوبة الحياة وعدم وجود الوقت الكافي للمطالعة ، فعمدت على نشر اوراق مطبوعة حجم a4 سميتها اضاءات وضعت فيها حكم ومواعظ من القران واحاديث من السنة الشريفة والائمة الاطهار عليهم السلام وقد طبعت منها نصف مليون واقوم بتوزيعها بين اوساط المجتمع لنتمكن من تثقيف الناس لان هذه الاوراق فيها معلومات مهمة ومختصرة ولا تحتاج الى الوقت الكثير من اجل قراءتها ، وكذلك عملت ارشاد الناس من خلال هذه الاوراق على التعرف على بعض العادات والبدع وبيان فسادها من اجل اجتناب الناس لها وكذلك اقامة محاضرات دينية وتوجيهية في داري.
أما على الصعيد النسوي فكنا نقيم في بيتنا محاضرات تعلم القران وتحفيظه للنساء وكذلك محاضرات الوعظ والارشاد وكانت تقيمها احدى الاخوات العاملات ومستمرين بهذا النشاط التثقيفي للمرأة منذ النظام البائد والى الان.
كيف تقرؤون واقع المجتمع الثقافي ؟
بعد سقوط النظام البعثي تحررت الناس من القيود وانطلقت بحرية فنرى اليوم بحمد الله الصلاة تقام في كل الجوامع والزيارات الى العتبات المقدسة ميسرة واقامة المحاضرات الدينية وغيرها ، لكن المحزن هو ان نرى بعضهم ولاسيما الشباب قد استغل هذه الحرية وبدأ بممارسة بعض الاعمال غير اللائقة في مدينة النجف الاشرف ، وهذا ناتج عن تأثر الكثير بما يبث على الفضائيات او الانترنت وغيرها ، لذا أرى من الواجب على الجميع لاسيما المؤسسات الدينية والثقافية والمبلغين العمل على رفع المستوى الثقافي والعلمي بين اوساط المجتمع، وكذلك فان للاباء الدور الكبير والاهم بمتابعة ابنائهم وارشادهم وتبيان فسحة الحرية للفرد ونصيحتي للاباء بشكل خاصة أن يثقفوا انفسهم اولا عن طريق القراءة والمطالعة او الاستماع الى المحاضرات الدينية والثقافية ومن ثم يرشدوا ابناءهم الى الطريق الصحيح .
ولاننسى دور المرأة الكبير في المجتمع وما يقع عليها من المسؤوليات وضرورة متابعة الابناء لاسيما البنات والتحدث معهم حول الاخلاق والتربية الدينية لتظهر وقائع السلوك داخل المجتمع .
كلمة اخيرة ؟
اوجه شكري وتقديري الكبير الى جميع من يهتم بامور المجتمع وتثقيفه والرقي به ولابد هنا من شكر خدام العتبة العلوية المقدسة واقسامها المختلفة لاضطلاعها بهذا الدور المهم من خدمة المجتمع وتوفير الزاد الفكري والثقافي لهم ومن الله التوفيق.

نشرت في الولاية العدد 102

مقالات ذات صله